السياسة الدولية للمخدرات ليست غاية،

Ghadi news

Monday, April 11, 2016

، السياسة الدولية للمخدرات ليست غاية
بل وسيلة لوضع مصلحة البشر في المقدمة

fiogf49gjkf0d

''غدي نيوز''

لدى رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر مقولة شهيرة ، "التوافق هو عملية التخلي عن جميع المعتقدات". ولكني أخالفها الرأي.
كنت أجلس مؤخراً في قاعة مكتظة في فيينا في ساعات الصباح المبكرة حيث كانت الدول تسابق الزمن للتوصل إلى اتفاق حول وثيقة ختامية بشأن سياسة المخدرات.
والآن سوف تُطرح هذه الوثيقة على الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بمشكلة المخدرات في العالم في نيويورك في شهر أبريل/نيسان.
وقبل اجتماع فيينا هذا، تم تنظيم سلسلة من الفعاليات الأخرى في عواصم عالمية بمشاركة علماء وأوساط أكاديمية ومنظمات أخرى، فضلاً عن المجتمع المدني. وكانت هذه العملية برمتها، والتي كانت تقودها الدول، عملية مفتوحة وشفافة وشاملة في احتضانها للتجارب والدروس المستفادة.
و لم تكن يوما عملية التواصل  إلى اتفاق بشأن هذه الوثائق مهمة سهلة نظرا إلى الخلفيات التاريخية والثقافات والتقاليد المختلفة للبلدان. لكن سعت الأمم المتحدة دائما إلى تهيئة التوافق وروح المودة.
إنه أمر ضروري. فهناك حوالي 27 مليون شخص في العالم يعتمدون على المخدرات التي يتعاطونها. ومن بين هؤلاء 12 مليون شخص يتعاطون المخدرات بالحقن. وفي قضايا أخرى، توجد تحديات جسيمة على نحو مماثل.

يتسبب إنتاج الأفيون في أفغانستان في مشاكل خطيرة ليس للغرب ووسط آسيا فحسب بل لجميع أنحاء العالم. والمواد القاتلة التخليقية المؤثرة على العقول، وأهوال الهيروين الرخيص في أمريكا الشمالية، وتزايد استهلاك الكوكايين في غرب وشرق أفريقيا، كلها توضح أن نقاط الضعف في عالمنا أكثر من النقاط المضيئة.
كما أن هناك العنف المتفشي المرتبط بالمخدرات غير المشروعة والذي يعصف ببلدان ومجتمعات، خاصة في أمريكا الوسطى. تدعوا الصلات المحتملة بين المجرمين، بما في ذلك تجار المخدرات، الإرهابيين إلى القلق المتزايد أيضا.
ونتيجة لأشهر عديدة من المفاوضات الرفيعة المستوى والمداولات الواسعة النطاق، أصدرت هذه الوثيقة الختامية باعتبارها أفضل محاولة لتطوير الحلول لهذه المشاكل المأساوية. ومن أجل ذلك، تسعى الوثيقة إلى تحويل عبارات جيدة إلى إجراءات متعمقة جريئة تستطيع أن تؤثر في حياة الأشخاص تأثيراً إيجابياً.

وتؤكد هذه الوثيقة أن الاتفاقيات الدولية لمراقبة المخدرات تتسم بالمرونة اللازمة لمواجهة التحديات الناشئة عن تعاطي المخدرات وسوء استخدامها.
ما الذي يعنيه ذلك من الناحية العملية. إنه يعني البحث عن بدائل لزج  الأشخاص في السجون بسبب مخالفات بسيطة ناتجة عن حيازة المخدرات، وضمان الحصول على العقاقير للأغراض الطبية.
وما يكتسي أهمية مماثلة هو أن الوثيقة تعزز قطاع الصحة، بما في ذلك الجهود المبذولة لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، وذلك في إطار نهج شامل ومتوازن يعزز أيضا إنفاذ القانون للتعامل مع سوق المخدرات غير المشروعة.
ولكن وراء الوثيقة يكمن أيضاً غرض أعمق من ذلك بكثير، وهو الإقرار بأن سياساتنا هي لدعم الأفراد والمجتمعات، وأنه يتعين علينا أن نضع مصلحة البشرية في المقدمة.
إن المستفيدين الحقيقيين من هذه الوثيقة الختامية هم الأطفال الذين يواجهون ضغوطا لتعاطي المخدرات، والنساء الضعيفات اللائي يُجبرن على نقل المخدرات، والمزارعون الفقراء الذين يزرعون هذه المحاصيل غير المشروعة بينما ينشدون سبلاً بديلة للعيش.
إن المفاوضات التي تنعقد في قاعات المؤتمرات ليست الغاية في حد ذاتها، بل هي الوسيلة. ودورة الجمعية العامة الاستثنائية المعنية بالمخدرات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بواقع حياة الأشخاص. ينبغي أن لا نغفل هذه الحقيقة.
إن أحد المبادئ الأساسية للاتفاقيات الدولية لمراقبة المخدرات هو الحاجة إلى المسؤولية المشتركة. فليس بوسع أي بلد أن يحل هذه المشكلة بمفرده، ولا يستطيع أي بلد أن يعفي نفسه من واجب البحث عن الحلول.
وهذه الوثيقة الختامية التي ستُعرض في نيويورك ترتبط ارتباطاً مباشراً بهذا المبدأ؛ فهي بيان يؤكد أنه رغم صعوبة إرضاء الجميع إلا أن الوثيقة تشجع على التعاون والشراكة. ومن الممكن للعالم أن يستفيد من هذا الإجماع.
قد لا يكون توافق الآراء أمراً مستحباً، ولكنه الوسيلة الأفضل للتقدم في التصدي لخطر يهدد العالم ويستلزم العمل الموحد بصورة ملحة.

 

يوري فيدوتوف، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن