سجلت ملحمية من اليابان وفنلندا تثبت تغير المناخ

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Sunday, May 1, 2016

fiogf49gjkf0d

"غدي نيوز"

تقع “بحيرة سووا” Lake Suwa في “جبال كينو” Kino Mountains في وسط اليابان، في منطقة تسمى بـ“جبال الألب اليابانية“، وعندما تتجمد البحيرة بشكل كبير، يتسبب تغير درجة الحرارة اليومية بتوسع وانقباض في الجليد، ما يتبعه من تكسير في سطح البحيرة المتجمد، فترتفع قطع الجليد المتكسرة إلى السطح، مشكلة سلسلة تشبه الأخاديد، ويسميها الناس المحليون “هيواتاري” hiwatari، ووفقا للأسطورة اليابانية، فإن مجموعات الأخاديد هذه، تشكلها أقدام آلهة “الشنتو” عند عبور البحيرة، لذا اتبع الكهنة الذين يعيشون في أضرحة بجوار بحيرة سووا تسجيل تاريخ ظهور الأخاديد بعناية منذ العام 1443.


أهداف إقتصادية ودينية


على الجانب الآخر من العالم، وفي العام 1693، بدأ “أولوف أهلبوم” Olof Ahlbom، وهو تاجر فنلندي، بتسجيل تاريخ ووقت ذوبان وانهيار الجليد في الربيع على نهر “تورن” Torne، الذي يشكل جزءا من الحدود بين السويد وفنلندا، لأهداف اقتصادية، بينما في اليابان، كانت أسباب تسجيل الأخاديد دينية مع شق اقتصادي في آن واحد، فقد تم استخدام نقطة البداية واتجاه الأخاديد للمساعدة بالتنبؤ بأوقات الحصاد، ودرجات الحرارة، وهطول الأمطار في العام المحدد.
وعلى الرغم من انقطاع سجلات أهلبوم في العام 1715، عندما اضطر إلى الفرار من بلاده بسبب الغزو الروسي، استأنف بعد عودته إلى منزله عام 1721 كتابة هذه السجلات، واستمر مراقبون آخرون منذ ذلك الحين، بتسجيل هذا البيانات بعده، لما لنهر تورن من دور مهم في التجارة والنقل والغذاء والترفيه lk` بداية القرن الـ 17.
وشملت السجلات العوامل اللوجستية: أولها القرب من بلدتين، تورنيو Tornio في فنلندا، وهابارانديا Haparandaiفي السويد لرصد هذه الظاهرة الخاصة بهما، وثانيا لجهة سجلات خاصة بالطقس تم الحفاظ عليها من قبل اندرس هيلانتAnders Hellant، والثالث، التنبؤ بمواعيد تفكك الجليد بهدف المنافسة التجارية.

العلماء والتنبؤ بالطقس


عندما يريد العلماء الوصول إلى لمحة عن المناخ في الماضي القديم، فإنهم يستخدمون التغيرات عبر دراسة أدلة غير مباشرة متمثلة في حلقات الأشجار، أو النوى الأساسية في طبقات الجليد ice-core layers ، أو رواسب حبوب اللقاح، إنما سجلات الجليد من اليابان وفنلندا، والتي هي الأطول لجهة تغطيتها فترة طويلة من التاريخ، تعطي العلماء نظرة أكثر مباشرة في مناخ شهده أجدادنا منذ زمن بعيد.


لمحة جغرافية


يختلف النظامان بين اليابان وفنلندا اختلافا كبيرا في الظروف الجغرافية والمحلية، فبحيرة سووا هي بحيرة ضحلة معتدلة (تقع بين خطوط العرض 36،04 شمالا و138،08 شرقا) بمتوسط عمق 4،07 متر ومساحة تقدر بـ13،03 كيلومتر مربع، ويتدفق نهر تينريو Tenryu من خلال سووا، أما معدل تبدل مياه البحيرة فيقدر بـ 39 يوما، وقد وضعت منتجعات الينابيع الساخنة سووا مؤخرا على الخارطة السياحية، وتحيط بها أربع بلدات يبلغ عدد سكانها 91 ألف نسمة.
أما تورن، فهو نهر ينبع من القطب الشمالي ويتدفق جنوبا إلى بحر البلطيق، وهو واحد من أكبر الأنهار غير المنتظمة في الدول الاسكندنافية، ويبلغ طوله 522 كيلومترا ومساحة حوضه 40،145 كيلومتر مربع، (ويقع بين خطوط 65،84شمالا و24،82 شرقا)، ويجري النهر خلال وادي يحتوي الغابات بين بلدتي تورنيو في فنلندا، وهاباراندا في السويد، ويسكن هاتين البلدتين 15 ألف نسمة، وتبلغ ذروة فيضان النهر في الربيع، من ذوبان الثلوج في الغابات والأراضي المنخفضة، ثم في وقت لاحق من الثلوج على قمم الجبال.


تفاصيل الدراسة


وتعرف الخبير في شؤون البيئة في “جامعة ويسكونسن ماديسون” the University of Wisconsin-Madison جون ماغنوسونJohn Magnuson، إلى البيانات اليابانية والفنلندية في التسعينيات من القرن الماضي، خلال اجتماع مجموعة دولية من العلماء لمقارنة سجلات الجليد من كافة أنحاء نصف الكرة الشمالي، إلا أنه في الآونة الأخيرة، اجتمع فريق ماغنوسون مع عالم البيئة من “جامعة تورونتو يورك” Toronto York University سابنا شارما Sapna Sharma لإجراء تحليل أكثر تفصيلا لهذه السجلات الهامة.
ورتب ماغنوسون وشارما وزملاؤهما، سبل الترجمة من اليابانية، وجمعوا البيانات على ورق الأرز الهش، فضلا عن قيامهم باستشارة خبراء حول الظروف المحلية، وفي حالة بيانات بحيرة سووا عانوا مع بعض الرموز المبهمة، وتبين نتائج دراستهم التي نشرت في “تقارير الطبيعة العلمية” Nature Scientific Reports، أنه ومنذ الثورة الصناعية، فإن التغيرات في توقيت تجمد وذوبان الجليد قد تسارعت، وتشير إلى أن إيقاع ذوبان الجليد السنوي في كلا المكانين، أصبح أكثر ارتباطا مع تركيزات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، كما أن الأحداث المناخية المتطرفة أصبحت أيضا أكثر شيوعا، على سبيل المثال في السنوات الـ 250 الأولى لتسجيل كهنة الشنتو ظهور سلسلة أخاديد الجليد على بحيرة سووا، لم يكن هناك سوى ثلاث سنوات لم تتجمد البحيرة خلالها، أما بين عامي 1955 و2004، فكان هناك 12 سنة خالية من تجمد البحيرة، أما بين عامي 2005 و2014، كان هناك خمس سنوات، كما أشارت تقارير وملاحظات ماغنوسون أن البحيرة لم تتجمد خلال فصلي الشتاء من العام 2015 أو العام 2016 أيضا.

سجلات ملحمية


وقد سبر الكثير من العلماء مذكرات مراقبي الطيور، النبات، وغيرهم من المراقبين للطبيعة لإيجاد أدلة على تغير المناخ، فمثلا أشارت ملاحظات هنري ديفيد ثورو Henry David Thoreau من “بركة والدن” Walden Pond في مقاطعة كونكورد في ولاية ماساتشوستس الأميركية في منتصف القرن السابع عشر (1800) إلى أن بعض الأزهار كانت تزهر في وقت متأخر بكثير مما هي عليه الآن، أما بيانات عالم الطبيعة جوزيف غرينيل المكثفة حول الحياة البرية، في وقت مبكر من القرن الثامن عشر (1900) في كاليفورنيا، فقد أظهرت أن بعض أنواع الثدييات تتحرك شمالا أعلى من مناطقها السابقة هربا من الحرارة المرتفعة، وتعد هذه الملاحظات لقطات من الماضي القريب نسبيا، وعلى الرغم من أنها صور مفصلة اخذت على مدى بضع سنوات، إنما بالمقارنة مع السجلات قبل قرن أو أكثر، فإن سجلات الجليد من اليابان وفنلندا تعد“فيلما شاملا” لسجلات “ملحمية“، والحبكة قصة أكثر اكتمالا بكثير، وتشير إلى التغيرات التي يحدثها البشر من تأثيرات على المناخ مع مرور الوقت.
ويمكن النظر أيضا إلى هذه السجلات المستمرة بوتيرة هادئة ولفترة طويلة، بشكل مستدام لجهة استخدامها، كحافز للتعاون الإنساني والمثابرة اللازمة لمواكبة التغيرات المقبلة، ومن المرجح أن تكون هذه التغيرات كبيرة للغاية، لا سيما إذا استمرت تركيزات الغلاف الجوي من ثاني أوكسيد الكربون في الازدياد، ودرجات حرارة الجو في الارتفاع، وخلص الباحثون، إلى أن آلهة “أسطورة الشنتو” قد تعبر يوما “بحيرة سووا” وللمرة الأخيرة.


المصدر : ترجمة سوزان أبو سعيد ضو – بتصرف عن “ناشيونال جيوغرافيك“

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن