النورس حل "شيطانا "على الحكومة... وشبح النفايات يلوح مجددا

Ghadi news

Thursday, January 19, 2017

النورس حل "شيطانا "على الحكومة... وشبح النفايات يلوح مجددا

fiogf49gjkf0d
"غدي نيوز"
 
 
فعل فعلته طائر النورس، وحل شيطاناً على الحكومة الحديثة العهد، القصيرة العمر، وتسبب بإرباك لم يكن في الحسبان. فحكومة العهد الاولى، او التمهيدية كما يحلو للبعض ان يسميها، كانت قد استبعدت من حساباتها اصعب ملفات الحكومة السابقة، والذي كاد ان يطيحها اكثر من مرة، وفككها سياسياً، وهو ملف النفايات. فكانت الحكومة الحالية تنام على حرير حلول الحكومة السابقة الموقت، الذي يمتد لسنتين ونصف سنة، وهو ما يتجاوز عمرها بأضعاف، الى ان اتى هذا الطائر، وقلب الامور رأساً على عقب، بعدما تكاثر فوق مكب الكوستابرافا (مطر صحي في رأي الحكومة)، الذي شكل له الموطن المثالي لقربه من الشاطئ، ولكمية طعامه المفضلة والمؤمنة دائماً، واصبح يشكل خطراً داهماً على حركة الطائرات والمطار المجاور للمكب.
 
هذا الخطر استدعى تحركاً وادعاءً قضائياً من بعض الناشطين، تجاوب معه القضاء بسرعة، وأوقف العمل في المكب، لكنه اعاد فتحه بعد بضعة ايام نتيجة استئناف اتحاد بلديات الضاحية القرار وشكواها عن تكّوم النفايات على الطرق وبين المنازل لمدة اسبوع فقط، واقفاله بعده نهائياً الى حين اصدار الحكم النهائي بالدعوة المقدمة، والتي دعي الى المرافعة فيها في 24 كانون الثاني 2017، وبهذا يكون القضاء قد وازن بين المحكمة والمصلحة العامة.
وبحسب قرار القاضي حسن حمدان، فإن وزارة البيئة وحدها تجاوبت مع المحكمة وأعدّت "تقريراً ينطوي على جدية تقنية، يبقى تبني موقفه رهنا بالحكم النهائي"، في حين "جاء جواب مديرية الطيران المدني غير معزز بأي دراسة علمية أو معاينة فعلية على الأرض، بما معناه ان الاجهزة المعنية لا تملك دراسات جدية او مقنعة لاستمرار المطمر، وهذا اعتراف ضمني بعدم اهلية المطمر (المكب).
 
بلديات عاجزة
وفق ما تقدم، يبدو أننا نتجه الى كارثة إغراق بيروت والضاحية والجنوبية مجددا، إذ إنه بعد إقفال المطمر أربعة أيام، تجمع نحو 6000 طن من النفايات في الشوارع، وعلت الصرخة ودفعت البلديات الى تقديم التماس لدى القاضي لإعادة فتح المطمر، "رغم انه يقتلنا، وهو على فم الضاحية الجنوبية وأنفها"، بحسب تعبير رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية محمد درغام، الذي يؤكد أنه "لم يدفعنا الى قبول السيئ الّا الاسوأ منه".
وكما في الضاحية الجنوبية كذلك في بيروت، فهي تستعد لنهر جديد من النفايات، والمواقف تتحول مكبات في حال استمرار اقفال المطمر، وباتت تتحضر لما هو اسوأ بخطة بديلة موقتة رفض رئيس بلديتها جمال عيتاتي الافصاح عنها، تخوفاً من مهاجمتها قبل درس جدواها بحسب تعبيره، اضافة الى ان العاصمة "مكبلة بقرارت مجلس الوزراء ووزارة الداخلية، ولا يمكنها تجاوزها، وأي حل سريع لن يكون فعالاً، والحلول الجذرية في حاجة الى وقت طويل"، وقد أعدّ خطة متكاملة وتقدم بها الى وزارة الداخلية لعرضها على مجلس الوزراء، سيشرح تفاصيلها لاحقاً.
وإذا كانت بيروت تملك خطة موقتة للتصرف بـ180 طنا للنفايات، فإن بلديات الضاحية ليس لديها هذه الحلول، وخصوصاً ان لديها نحو 800 طن يومياً، وفي ظل امكانات محدودة، فإن هذه البلديات تعاني ما يشبه الانفجار السكاني.
الا ان كلام رؤساء البلديات والشكوى الدائمة من ضعف الامكانات والبيروقراطية الادارية بالنسبة الى المدن لا تعفيها من طرح المبادرات والدفاع عنها، اضافة الى غيابها عن اي دور توعوي لسكانها ومواطنيها، والحض على الفرز من المصدر ليعتاد الناس الموضوع، اضافة الى التحفيز على ترشيد النفايات، لتساعد الحكومة في أي قرارت مقبلة على التنفيذ السريع والتكيف مع الحلول الجديدة.
 
 
غياب الدولة
في الجهة المقابلة، وعلى المستوى الرسمي، يبدو أن الحلول مفقودة ايضاً وغائبة كلياً، مثل غياب وزير البيئة طارق الخطيب عن السمع، فالخطوات السريعة والمتسرعة التي اتخذت على المستوى الرسمي، غير جدية وغير مقنعة، كاستعمال آلات لإبعاد الطيور، او الاستعانة بكشّاشين، اضافة الى الحل "العبقري" الاخير بقتل الطيور عبر استئجار صيادين من رتبة" قتلة" ، وكل هذه المقترحات تؤكد الابقاء على الكوستابراقا والتعامل مع نتائجه، أضف الى ذلك مرور جلستين لمجلس الوزراء، ولم يتم حتى التطرق الى هذا الموضوع حتى جانبياً، وكأن شيئا لم يحدث، ولا كارثة بيئية ستجتاح العاصمة بعد بضعة أيام، أو ثقة بأن القضاء لن يستمر بقراره طويلاً.
 
وفي المحصلة، فإن مشهد ما جرى في قرى المتن منذ اشهر من تكدس للنفايات بعد اقفال مطمر برج حمود قسرا من حزب الكتائب، سيتكرر في بيروت والضاحية، ولكن بقرار قضائي رسمي، ومن دون اي حلول على المستوى المحلي ولا الرسمي، وكما هزمت اكوام النفايات الكتائب تحت شعار "اما الغرق في النفايات وإما اعادة فتح المطمر"، نحن في هذا الاتجاه بالنسبة الى الكوستابرافا، وسيكون الغرق في النفايات اسلوب الضغط الامثل والافعل على القضاء لعدم السير بقرار الاقفال، وستتغلب "المصلحة العامة الآنية" على القانون.
 
وفي انتظار القرار القضائي، بدا أن الدولة هذه المرة قد نفذت حكم الاعدام بطيور النورس، ليس خوفاً على الطيران المدني، بل عقاباً له على فتح ملف سيقلقها كثيرا في الايام المقبلة.
 
 
اسكندر خشاشو - النهار

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن