الخاتمية والعودة إلى "صيدلية" الطبيعة

Ghadi news

Monday, April 11, 2011

بدأ المواطنون يعيدون الاعتبار للكثير من النابتات والأزهار البرية التي كان يتداوى بها الأجداد، لا سيما أن ثمة حقيقة منطقية في مضمونها العلمي، تؤكد أن الحياة العصرية هي سبب أكثر الأمراض التي يعاني منها الناس، فتطور الطب الحديث لم يساهم في تراجع المرض، إلى درجة أن المواطنين ما زالوا يعيشون هاجس الخوف من أمراض جديدة وانتشار الأمراض المستعصية، ولذلك ثمة عودة إلى الطبيعة، خصوصاً في جبال لبنان التي اعتبرها رحالة وعالم نبات انكليزي في بداية القرن التاسع عشر "صيدلية طبيعية" لكثرة ما توجد فيها أنواع كثيرة من النباتات الطبية النادرة، وتبعاً لدراسات أجرتها "الجمعية التعاونية لمربي النحل في لبنان" فإن "منطقة جبل الكنيسة في أعالي مصايف لبنان تضم نحو أربعين نوعاً من الأزهار الطبية والعاسلة يقتصر وجودها على هذه المنطقة من العالم".
من هذا المنطلق يمكن معرفة سبب العودة إلى الجذور، من خلال المسنين في القرى الذين خبروا النباتات في مجال الاستطباب من العديد من الأمراض، وتوارثوها من جيل إلى جيل، فلكل زهرة ونبتة فائدة في معالجة هذا المرض أو ذاك، وثمة طرق معينة في الاستفادة منها، وتوجد في أحراج وجرود لبنان الكثير من النباتات المعروفة، منها : البابونج، الصعتر البري، إكليل الجبل، عشبة البلاّن، النعناع البري وغيرها الكثير التي تعرف بأسماء مختلفة ولا توجد تسمية علمية واحدة لها.

الخطمي الوردي

وتغطي المناطق الجبلية في هذه الفترة من أعالي ضهر البيدر نزولاً حتى العاصمة بيروت، مساحات ملونة تتشكل من انتشار زهرة الـ "خطمي الوردي"، أو "الخاتمية" كما يعرفها أبناء القرى في الجبال، وهي زهرة برية، يمكن استخدامها للزينة عند مداخل المنازل والجنائن، نظراً لجمال منظرها، وطيب رائحتها، ولونها الزهري في تدرجه الرائع بين الفاتح والداكن وصولاً إلى اللون الخمري، فضلاً عن أنه يوجد نوع منها لونه أبيض ولكنه أقل انتشاراً، وهذه الزهرة تنتشر بشكل كبير، بما يجعلها في متناول المواطنين بسهولة، وهي تنمو أيضاً على جوانب الطرق وتتكاثر تلقائياً.
هذه النبتة التي بدأت تتفتح أزهارها، تبعاً للمناطق وعلوها عن سطح البحر، لا تعتبر نوعاً من الأزهار الجميلة فحسب، وإنما من أنواع النباتات التي تستخدم في مجالات الطب العربي، وهي تكاد تكون زاد كل بيت في شتاء الجبال منذ مئات السنين، لا سيما أن الأجداد خبروا منافعها الطبية، بالتجربة الحسية، ولذلك يبدأ المواطنون في القرى الجبلية من الآن فصاعداً، قطف أزهارها وتعريضها للشمس حتى تجف، وتوضيبها لتستخدم بالدرجة الأولى كنوع من "الزهورات" الشتوية، التي تفيد في معالجة الرشوحات والنزلات الصدرية، فضلاً عن استطبابات عدة، يعرفها العطارون ومن يتعاطون طب الأعشاب، من أطباء ومهتمين بأنواع كثيرة من الطب البديل، حتى أن "الخاتمية" تدخل كزهرة أساسية في "خلطات" الأدوية المستخرجة من الأعشاب.

الخاتمية وقطاع النحل

سمير زين الدين أحد مربي النحل والمهتمين بالأعشاب الطبية والعاسلة، أشار إلى أن "لبنان بتنوعه مناخه، يعتبر بمثابة صيدلية طبيعية كبيرة"، ورأى أن "أهمية زهرة الخاتمية تكمن في كثرة فوائدها الصحية والطبية، فضلاً عن أهميتها في حصول النحل على كميات كبيرة من حب اللقاح الذي يستخدم لإطعام اليرقات الصغيرة"، وأشار إلى وجود "أنواع كثيرة من النباتات والأزهار البرية الطبية، ومنها بشكل كبير: البابونج، القصعين، النعناع البري، إكليل الجبل وغيرها ..."، ورأى أن "الخاتمية يمكن الاستفادة منها اقتصاديا من خلال جمعها وتوضيبها بطرق حديثة وتسويقها كنوع مفيد من الزهورات المفيدة لحالات مرضية عدة".

أبو الحسن

طارق أبو الحسن، أحد العاملين في مجال العطارة والتغذية الطبيعية، قال : إن الخاتمية وحسب موسوعات الأزهار العلمية، تعرف باسم "خطمي الوردي" وهي نوع من فصيلة زهر الخبازيات، وتزرع في الجنائن وتعمر لسنين، والجزء الطبي منها، يتمثل في الزهر الذي يجنى من أيار (مايو) حتى أواخر أيلول (سبتمبر)، والمواد الفعالة فيها، هي المواد الهلامية، وقليل من المواد الدابغة. وأشار إلى أن "أكثر ما يشجع الأهالي على استخدامها كزهورات، هو أنها تساهم في تخفيف التهابات اللوزتين والفم والنزلات الصدرية وآلام المعدة والأمعاء"، ولفت أبو الحسن إلى أن "الدكتور أمين رويحة، يؤكد في مؤلفه حول الأعشاب الطبية، بأن الخاتمية تستعمل لمعالجة رمد العيون والجروح"، ودعا المواطنين إلى "العودة إلى الطبيعة وهي الصيدلية الأهم في العالم التي تؤمن علاج الناس بعيداً عن الأدوية الكيميائية وما لها من أثر سلبي على الصحة العامة"، وشدد أبو الحسن على "اعتماد العلم والمعرفة في مجال طب الأعشاب كي لا يتسبب الاستخدام العشوائي لهذه الأعشاب بآثار سلبية".

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن