بعد نجاح زراعة الكيوي هل يصبح لبنان مصدِّراً لها

Ghadi news

Monday, April 11, 2011

"عنب الصين" أو ثمار الـ "كيوي" كما تعرف في لبنان، وجدت طريقها إلى الجبال، لتعم زراعتها منطقتي عاليه والمتن الأعلى، كنوع من الزراعات البديلة أقدم عليها بعض المزارعين كتجربة ومغامرة في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، دون توجيه وإرشاد من وزارة الزراعة، خصوصاً وأن خسائر كبيرة تكبدها مزارعو التفاح والاشجار المثمرة، فآثروا التوجه نحو زراعات أخرى لم يصمد منها سوى زراعة الكستناء والـ "كيوي"، فيما لم تنجح زراعة "الفستق الحلبي" على سبيل المثال كإنتاج يمكن أن يؤمن مردوداً مالياً مهماً.
أما كيف انتقلت زراعة الـ "كيوي" إلى المتن الأعلى وعاليه؟ الإجابة عن هذا السؤال صعبة، ذلك أن كثيرين يؤكدون أنهم كانوا السباقين إلى زراعة هذا النوع من الثمار، إلا أن الحقيقة تفترض إنصاف المهندس الراحل جورج حداد ابن بلدة حمانا الذي أحضر بضع أغراس في العام 1989 وزرعها قرب حديقة منزله، لتبدأ مرحلة الإثمار بعد ثلاث سنوات، وكان الأمر بمثابة مفاجأة، ذلك أن حمانا تعلو 1200 متر عن سطح البحر، وكان الأمر الاهم في هذا المجال أنه بعد السنوات الثلاث تبين أن الـ "كيوي" اللبنانية الجبلية تؤمن إنتاجا وافراً ذي نوعية مميزة تضاهي الـ "كيوي" في الاسواق المستوردة من دول أوروبية وأفريقية.
هكذا وجدت الـ "كيوي" لجذورها أرضاً خصبة في المتن وعاليه، وتحولت زراعة أساسية بالنسبة لعدد كبير من المزارعين، وباتت تؤمن محصولا اقتصاديا بديلا ومنافسا لبعض المحاصيل والأشجار الأخرى.
رياض عبد الخالق من بلدة صوفر اشار إلى أن "ثمرة الكيوي صينية الأصل وأثبتت التجارب المتلاحقة نجاح زراعتها في المناطق الساحلية اللبنانية وصولاً إلى ارتفاع ألف متر عن سطح البحر"، ولفت إلى أنها "تتطلب نوعاً من التربة الغنية بالمواد العضوية"، مشيرا إلى أن "الكيوي تروى صيفا ويمكن أن تنمو بعلياً أيضاً".
وفي عاليه والمتن الأعلى، بدأت ثمار الـ "كيوي" تمثل في السنوات الأخيرة أهمية اقتصادية كبيرة لكونها تتدرج بالنضج ويمكن حفظها ستة أشهر دون أن تفسد، ما يبقي المزارع بمنأى عن جشع التجار، فيمكن تسويق الانتاج تباعاً وحسب حاجة السوق.
ويقول المزارع سمير فرج من بلدة العبادية أن "الكيوي يمكن تخزينها لفترة طويلة تتجاوز ستة أشهر وتتحمل عمليات التعبئة والنقل دون أن يتعرض التاجر لأضرار وخسائر"، وأكد أن "مردودها المادي جيد وإنتاجيتها عالية في وحدة المساحة كونها تنمو عموديا على (سقالات) كما زراعة العنب"، ولفت فرج إلى أن "الكيوي تمتاز عن غيرها من الاشجار المثمرة بتدني تكلفة الأعمال الزراعية فضلاً عن أن الشجرة تبدأ مرحلة الانتاج بعد نحو سنتين او ثلاث وعمرها يتجاوز الأربعين عاماً".
أنطوان فضول أشار إلى أنه عمد إلى زراعة الكيوي ليس للتجارة والربح وإنما "نظراً لأهميتها الصحية لان ثمرة الكيوي تحتوي على فيتامين سي بكميات تصل إلى عشرة أضعاف الكمية الموجودة في الحمضيات"، ولفت إلى أن "الكيوي لا تحتاج إلى معاملة دائمة بسبب خلوها من الآفات الزراعية".
المزارع سامي أبو سعيد من بلدة شويت، عرض لتجربته في زراعة الـ "كيوي"، فقال: اشتريت ثلاث غرسات إيطالية المنشأ من أحد المشاتل الزراعية في بلدة كفرعميه – قضاء عاليه، وسعر الغرسة الواحدة 12 دولاراً منذ خمس سنوات وإن كان سعرها قد ارتفع اليوم، ذلك أنه لتصل شجرة الكيوي إلى مرحلة الإثمار، تتطلب غرستين أنثيين وغرسة مذكر للتلقيح، واللافت للانتباه أن الجذوع الثلاثة تتشابك بشكل رائع لتتم عملية التلقيح وإعطاء الثمار. ولفت إلى أن "شجرة الكيوي مهمة كون أزهارها تعتبر غذاء للنحل".
وأكد أبو سعيد أن "نجاح التجربة قبل خمس سنوات دفعني لغرس أعداد من الأغراس وحفزت الكثيرين من المزارعين لزراعتها"، ولفت إلى أنه بدأ "تسويق الانتاج على نطاق ضيق في البداية بعد بلوغ الاشجار عامها الثالث".
لا يمكن حتى الآن تقديم دراسة احصائية عن حجم المساحات المزروعة وإنتاج الـ "كيوي"، ذلك أن وزارة الزراعة غائبة، وانتقد المزارع محمد سري الدين "غياب الوزارة لجهة عدم تأمين نشرات إرشادية حول زراعة الكيوي بحيث نعتمد على انفسنا كمزارعين ونتبادل المعلومات استناداً إلى تجاربنا"، ولفت إلى أن "صعوبات واجهتنا في البداية لجهة تقليم الاشجار وتمكنا بالتجربة حل هذه المشكلة ومعرفة الاغصان المفترض إزالتها لتأمين وفرة ونوعية في الانتاج".
أما المزارع إدغار النوار أشار إلى أنه "رغم نجاح زراعة الكيوي في لبنان فاننا لا نزال تستورد كميات كبيرة من الكيوي من دول مجاورة كإيران وتركيا وهذا يشجعنا على زيادة المساحات المزروعة"، وتمنى النوار أن "نصل إلى مرحلة يصل فيها لبنان ليصبح بلدا مصدراً للكيوي"، واعتبر أن "على الدولة مساعدتنا في مجال تطوير هذه الزراعة"، وأشار النوار إلى أن "اشجار الكيوي تتطلب حماية من الرياح الشديدة"، ولفت إلى أن "الأمطار الأخيرة المصحوبة برياح شديدة تسببت بإلحاق أضرار بكروم الكيوي بحيث عمدنا إلى إعادة تثبيت الأعمدة الحديدية ورفع الاشجار عن الارض".
المهندسة الزراعية جنان أبو سعيد عرضت لزراعة الـ "كيوي" من منطلق علمي وبحثي، فقالت: شجرة الكيوي متسلقة غزيرة النمو أزهارها المؤنثة مفردة ذات مبيض ضخم عليه أوبار كثيفة والازهار المذكرة كبيرة الحجم تتجمع الأُسدة (الذكرية) على شكل باقة ثمارها بيضاوية الشكل مزغبة ذات لون كستنائى، ويدخل النبات طور الاثمار في عامه الثالث أو الرابع من زراعته وحسب طرق تكاثره ونظم تربيته ونوعه وخصوبة التربة الحاضنة له والافرع سريعة النمو ومنها أفرع ثمرية تتميز بكثافة البراعم الزهرية التى تحملها وأفرع خضرية وتكون رهيفة سهلة الكسر عند التعرض لرياح شديدة والافرع التى بعمر عام تحمل في طرفها السفلى براعم زهرية وبالتالى ثمار خلال العام القادم.
وأضافت: شجرة الكيوى نجحت زراعتها في لبنان بسبب الظروف البيئية الملائمة لنمو وانتاج الكيوى، وأنسب الاراضى لزراعة الكيوى هى الاراضى الغنية بالمادة العضوية والجيدة الصرف. لكن الرياح القوية تؤثر على الشجرة وتمزق اغصانها الصغيرة، لذلك ينصح باحاطة البستان المزمع اقامته بمصدات الرياح قبل إنشائه بسنتين على الاقل من زراعة الغراس. وأكدت أبو سعيد أن "الدراسات التاريخية تشير إلى ان الصين هي الموطن الأصلي لهذا النبات حيث يعرف هناك باسم (يانك تاو) وبالعربية "دراق الشمس"، وهو لايزال بحالته البرية في الغابات وفي الوديان وخاصة حول مصب نهر يانغ تسي.
تبقى الاشارة الى أن زراعة الـ "كيوي" قابلة للتطوير على قاعدة انها تمثل قيمة غذائية كبيرة، فضلاً عن أن لبنان ما يزال مستوردا لهذه الثمار، والمطلوب رعاية من الجهات المعنية، خصوصاً اذا علمنا أن الـ "كيوي" اللبنانية تمتاز بطعمها اللذيذ وهي قادرة على المنافسة إذا ما تأمنت ظروف مساعدة للمزارعين.

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن