موجات رقص تجتاح ضفاف نهر السين في باريس

Ghadi news

Sunday, August 31, 2014

"غدي نيوز"

تبقى باريس المدينة الأكثر إدهاشاً على الإطلاق، أن تكون مقيماً فيها أو سائحاً هذا يعني ألا تجد لحظة تشبه الأخرى. ظاهرة الرقص والقفز تجدها حاضرةً على ضفاف نهر السين، حيث يمضي فرنسيون كثر فصل الصيف. ولئن كانت هذه الظاهرة في السنوات السابقة تشبه حفلات الرقص في المطاعم والنوادي الليلية، فإن الفرنسيين أرادوها أن تكون هذا الصيف أكثر تنظيماً ومفعمة بالمتعة والفائدة والترفيه.
هكذا تشهد مدرجات نهر السين انتشاراً لمدارس تعليم الرقص، فتجد الكثير من الحلقات متجاورة في مسارح دائرية، وترى أناساً يرطنون بعدد لا يحصى من اللغات، لا قواسم مشتركة تجمع ملامح وتقاسيم الوجوه، وعلى رغم ذلك لا غربة تعيشها هنا، فالكل يتشارك مع الكل في الرقص، محترفون يعلّمون الرقص لمن لا يعرف، وآخرون يحضرون ويشاركون من لا شريك له... تجد إحدى الحلقات مختصة بالسالسا وأخرى بالتانغو، وثالثة بالفلامنغو، ورابعة بالرقصات الشعبية الفرنسية.

فن ورياضة

ويُقبل غالبية الفرنسيين والسياح على الرقص، باعتباره فناً وهواية ورياضة تصقل الجسم، وتجد الكثير من مدربي الرقص المحترفين، يقطعون ساعات عملهم المأجورة في المدارس، ويأتون بالتنسيق مع المنظمين لتعليم الناس مجاناً.
وتجد الفئات العمرية تتراوح بين 18 و65 عاماً وربما أكثر، والكل يشجع الكل على خوض غمار التجربة. وتقام الجولة الأولى من الساعة الخامسة عصراً حتى الحادية عشرة ليلاً، والجولة الثانية من الحادية عشرة ليلاً حتى الخامسة صباحاً، طوال فترة الصيف... فباريس لا تنام، ولا مكان لهموم العمل التي تتلاشى تحت أشعة الشمس ووشوشات المحبين وحوار الحضارات عبر الرقص.
ذاكرة الرقص في فرنسا قديمة جداً، وتأتي هذه التظاهرات في محاولة لربط الحاضر بالماضي والحفاظ على تراكم تاريخي يغني ذاكرة الرقص الفرنسي.
ويبدو أن حلقات الرقص استحوذت على اهتمام كبير، ليس لكونها إحدى طرق تحسين الرشاقة وليونة الجسد وتحسين أدائه الحركي، ولكن شع`بيتها تنبع من كونها الرقصات التي تؤدى في الحفلات الشعبية الفرنسية، وبخاصة أن غالبية المقبلين عليها من الفرنسيين، على عكس الرقصات الأخرى وبخاصة الفلامنغو والسالسا اللذين يقبل عليهما السياح الأجانب.
وتقول سائحة برازيلية تعمل في شركة للمقاولات، إنها أحبت الرقص الفرنسي لما فيه من فن جميل وحركات متناسقة، تساعد على إضافة الكثير من الرشاقة إلى الجسم، وتوضح: "عشقت الرقصات الفرنسية منذ قدومي لتمضية العطلة في باريس. اكتشفت هذه الحلقات بمحض الصدفة، وبدأت أتردد يومياً بعدما شدتني الموسيقى الفرنسية بقوة، وبخاصة أنني تعلمت بعضاً منها سابقاً في المطاعم والنوادي الليلية مقابل أجر مادي، لكن هنا كل شيء بالمجّان وأكثر متعةً قرب السين الذي يبعدك عن جو المطاعم المزدحم... الرقص هنا له نكهة خاصة، باعتباره مقبولاً من كل الفرنسيين، لما فيه من فن وتعبير جمالي، تختلط فيه الموسيقى مع تحليق الجسد نحو الأحلام".
وربما كان التنظيم هذه السنة عاملاً إيجابياً حقق الغاية المرجوة منه، وزاد إقبال الفرنسيين والسياح بشغف على هذا النشاط، مع الإشارة إلى غياب إزعاجات الباعة المتجولين بالورود والمشروبات والذين حظر عليهم المنظمون النزول إلى مسارح الرقص.

على الشاطئ

آنا مدربة رقص محترفة تدير مدرسة للرقص في باريس، وهي واحدة من المنظمين. قالت لـ "الحياة" اللندنية: "موجة الرقص تجتاح باريس منذ سنوات، أقصد على ضفاف نهر السين. وبما أن فرنسا من أقدم دول العالم احتفاءً بالرقص، وتضم مدارس ومراكز تدريب لا تحصى، وكون الحفلات الراقصة والغنائية التي تقام على شاطئ نهر السين الترابي، الذي أقامته بلدية باريس، كونها (الحفلات) مأجورة، كان القرار أن نجعل هذه النشاطات بمتناول الكل وبشــكل مجاني ومرخص، وعبر متطوعين أكثرهم يملكون أو يعملون في مدارس للرقص ومراكز تدريب أو في مطاعم ونوادٍ ليلية".
وتضيف: "الرقص في باريس لا تجد له مثيلاً في أي مكان آخر، وهو ذو فوائد فنية وصحية. وكانت أعداد المقبلين أكبر من توقعاتنا... ما نريده هو أن يكون الرقص مجانياً، وهو ما تحقق".
وتوضح آنا أن "المدربين الذين يساعدوننا لا يكتفون بالرقص مع الناس، بل يكسرون حاجز الخوف لدى من لديه الرغبة في الرقص ويتردد. إزالة الخوف مهمة أصعب من تعليم الرقص، ولكننا نحاول أن ننجح دائماً".
وعن الجنسيات المقبلة على هذا المشروع تقول: "غالبية المقبلين هم من جنسيات أوروبية، وهناك إقبال واسع من دول أميركا اللاتينية، إضافة إلى آسيويين". أما الإقبال العربي فضعيف، ويقتصر على السوريين واللبنانيين والمصريين.
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن