"غدي نيوز"
نظم معهد منيب وأنجلا المصري للطاقة والموارد الطبيعية في الجامعة الأميركية في بيروت والجمعية الأميركية لمهندسي التدفئة والتبريد وتكييف الهواء (ASHRAE)، ودائرة الهندسة الميكانيكية في الجامعة، مؤتمرا وأول معرض دولي لتصميم البناء الفعال في مبنى وست هول في الجامعة.
وقد عرضت في المؤتمر الذي استمر يومين أحدث تقينيات تصميم الأبنية الفعالة، وشارك فيه أكثر من مئة خبير محلي ودولي من 15 بلدا قدموا أربعين عرضا لأوراق بحثية حول الطاقة البديلة ونوعية الهواء داخل الأبنية واستعمال الطاقة الشمسية واستراتيجيات توفير الطاقة. وشملت لائحة المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر رونالد جرناغن من الجمعية وكامل غالي من الجامعة وأيمن التالوني من الأمم المتحدة.
وقال رئيس الجامعة الدكتور بيتر دورمان في حفل الافتتاح، ان "قضايا الطاقة والاستدامة تنال اهتماما متزايدا مع تنامي الطلب على الطاقة وارتفاع الاستهلاك إلى جانب تضاؤل موارد الوقود الأحفوري. ومع تغير المناخ أصبح من الحيوي إيجاد حلول لهذه التحديات المعقدة".
وأعلن ممثل الجمعية وليد شكرون انه "من المهم جدا تأسيس شبكة عالمية لضمان التعاون والتشارك والتوجيه لضمان تلبية الاحتياجات المطلوبة في هذا المجال".
ورأى عمر المصري، من المجلس الاستشاري للمعهد، "ان قطاع البناء له دور حيوي في الحد من استهلاك الطاقة، والحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون، وابتكار مواد البناء". وقال: "إن هذه المفاهيم لا تزال مغمورة في منطقتنا، وسيمكننا التقدم من خلال الجمع بين المحترفين والأكاديميين الرائدين في هذا المجال لتحقيق أفضل النتائج".
أما وزير الطاقة والموارد المائية آرتور نظاريان، فقال: "لقد استثمرت الوزارة الكثير من الجهود ودعمت جميع الابتكارات القائمة على أسس تقنية متينة"، مؤكدا ان سياساتنا الوطنية تهدف إلى توفير الطاقة وتحسين نوعية الحياة".
دراسات بحثية
وخلال المؤتمر، عرض باحثون من الجامعة الأميركية في بيروت نتائج ست دراسات بحثية أشرفوا عليها. ومن بين هذه الدراسات دراسة للكلفة التي تتكبدها في لبنان الأسر التي تعاني من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي فتضطر لاستخدام مولدات للطاقة مبذرة وملوثة.
وقد تشارك في إجراء هذه الدراسة الطالبة رغد فرحات والطالب غيث الطيبي والدكتورة نسرين غدار والدكتور كامل غالي. وتم أولا استبدال المواد العازلة المستوردة من خارج لبنان والباهظة الثمن نسبيا بمواد تتوفر محليا مثل الحجر الطبيعي، وكتل التربة المرصوصة، والقش، بالاضافة إلى الطاقة الشمسية. وتم استعمال هذه المواد في بناء على الطراز الريفي اللبناني، من طابقين.
وخلص الباحثون إلى أن استخدام المواد المحلية يخفض الاستهلاك السنوي للطاقة الكهربائية بما يناهز النصف، ويوفر على أصحاب المنازل 41 دولار بالمتر المربع. كما خلص الباحثون إلى أن استبدال مولدات الديزل بوسائل توليد الكهرباء وتسخين المياه بالطاقة الشمسية يزيد من التوفير. وتمت تغذية شبكة الكهرباء بكميات الطاقة التي جرى توفيرها.
وقد وجد الباحثون أن استبدال مولدات الديزل جزئيا بمولدات تعمل بالطاقة الشمسية وبكلفة اجمالية تبلغ 9,400 دولار، يوفر على الأسرة ثلاثة آلاف دولار تقريبا في السنة. أما إذا استبدلت مولدات الديزل كليا بمولدات تعمل بالطاقة الشمسية، وبكلفة 32600 دولار، فعندها يبلغ التوفير السنوي للأسرة حوالي أربعة آلاف وخمسمئة دولار، وتوفر الأسرة 135 بالمئة من استهلاكها المنزلي للطاقة.
وقالت رغد فرحات: "الكثير من الناس لا يتمكنون من الحصول على نظم للطاقة المتجددة عندما يبنون منازلهم. ولكن إذا استعملت الأساليب التي طورناها، لوفرت عليهم المال على المدى المتوسط والطويل، ولسمحت أيضا بتطوير الصناعات المحلية على حساب الصناعات الأجنبية، ناهيك عن الفوائد البيئية الناجمة عن كبح التغيرات المناخية والحد من التلوث المنبعث عن مولدات الديزل في المناطق السكنية". ولفتت إلى أن نسبة التوفير قد تكون أكبر من التقديرات.
وقد أجرى الطالب في الجامعة الأميركية في بيروت محمد كنعان والأساتذة غدار وغالي وجورج عرج دراسة تناولت كيف يمكن استخدام الأشعة فوق البنفسجية مع وحدات تكييف الهواء للقضاء على البكتيريا المعدية المتواجدة في أعالي الغرف قبل انتقالها مع الهواء المكيف إلى المناطق السفلى حيث يتواجد السكان. وبما أن ضوء الأشعة فوق البنفسجية يشكل خطرا على البشر، استخدم الباحثون لمبات أشعة مغطاة في أعالي الغرف كي لا يصل ضوؤها إلى السكان مباشرة.
وفي الاختبار ذاته، أبدل الباحثون أقنية التهوئة بأقنية جديدة عرضت للأشعة فوق البنفسجية فتبين أن 70 بالمئة من البكتيريا فيها قد قضي عليه. وانخفض استهلاك الكهرباء لتنظيف الهواء مع استعمال الأشعة فوق البنفسجية من 20 بالمئة إلى 11 بالمئة.
وأجرى طالب الماجيستر خضر كنيار مع الأستاذين غدار وغالي دراسة بحثية تناولت امتصاص الرطوبة من الهواء داخل الغرف لاعادة استعماله فيها. واستعملت هذه الطريقة كبديل عن الطرق التقليدية لامتصاص الرطوبة، وهي طرق مبذرة للطاقة وتستعمل التبريد لمكافحة الرطوبة.
وفي الطريقة الجديدة، تم امتصاص الرطوبة من الهواء داخل الغرف عبر استعمال محلول سائل مجفف ومكون من الأملاح. وتستعمل مادة جديدة غشائية تفصل بين المحلول المجفف والهواء، وتسمح فقط بدخول ذرات الهواء ليجففها المحلول ويعيدها خارجا، دون أي احتكاك بين المحلول وبين أجواء الغرفة.
ولأن المحلول المجفف يفقد قدرته على امتصاص المزيد من الرطوبة من الهواء بعد تشبعه بما امتصه، يتم تسخينه بالطاقة الشمسية ليتجدد. ويعاد استخدام الهواء داخل الغرف بعد امتصاص الرطوبة منه. وتوفر هذه الطريقة 35 بالمئة من استهلاك الكهرباء في المكاتب مقارنة بطرق التكييف التقليدية.
ويقول البروفسور غالي: "بهذة الطريقة نحد من استهلاك الطاقة. في الماضي كنا نلجأ إلى التبريد لامتصاص الرطوبة والآن نعتمد على المحلول المجفف الذي تجدده الطاقة الشمسية. كما أن للغشاء فوائد صحية إذ يعزل المحلول المجفف عن بقية الغرفة فهذه المحاليل خطرة على الصحة البشرية اذا انتشرت في كل أجواء الغرفة".