بحث

الأكثر قراءةً

اخر الاخبار

العيناتي يدعي على شركتي ترابة

"خطر وبائي".. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود

حملة توعية لجمعية غدي للتعريف عن الملوثات العضوية الثابتة وأخطارها

دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟

الصحة العالمية تتخوف من تفشي إنفلونزا الطيور بين البشر.. "أخطر من كوفيد 19"

محاولات لإنقاذ زهرة التوليب التي تنقرض في موطنها

Ghadi news

Monday, June 4, 2012

متجذِّرة في تربة لبنان منذ آلاف السنين

....محاولات لإنقاذ زهرة التوليب التي تنقرض في موطنها

 
"غدي نيوز" – أنور عقل ضو

لم تلقَ "زهرة التوليب" اللبنانية اهتماما وعناية، وإن ظلت تعلن عن نفسها في المناطق الجردية النائية في هذه الفترة من كل عام، زهرة برِّية غير مدجنة وأكثر جمالا من "التوليب" المهجّن الوافد الينا من أوروبا، وربما ليس ثمة كثيرون يعلمون أن بعض أنواع "التوليب" موطنها لبنان، تماما كما هو الحال بالنسبة الى تركيا التي تعتبر موئل زهرة "التوليب" قبل ان تنتقل منها إلى أوروبا قبل اربعمئة عام، حتى أن كلمة "توليب" مأخوذة من كلمة "تولبنت" وهي تشير لعمامة السلطان العثماني التي تشبه زهرة التوليب شكلا.
كان يمكن لزهرة "التوليب" البرية أن تكون مصدر ثروة للبنان، فهي تمثل بعضا من مكونات بيئته وغطائه النباتي، وهي متجذِّرة في تربته منذ آلاف السنين، فيما بعض الدول الاوروبية جعلتها رمزاً لها، وأهمها هولندا التي تنتج سنويا نحو بليون زهرة، وهي غريبة عن بيئتها، لكنها عرفت كيف تسوقها بعد تهجينها وإخضاعها لتجارب مخبرية وتمكنت من الحصول على أنواع قابلة للتسويق والمنافسة في سوق الازهار العالمية، أما في لبنان فتحولت "التوليب" إلى زهرة نادرة وعلى قائمة النباتات والازهار المعرضة للانقراض.
في هذا السياق تأتي أهمية مبادرة "جمعية اليد الخضراء" في مدينة عاليه لاعادة الاعتبار لزهرة "التوليب" من خلال "مركز النباتات الحيوي في لبنان Botanical Garden" الذي انشأته من اجل الحفاظ على التنوع النباتي، وهي قامت برصد المواقع التي تحتضن أزهار "التوليب" وتصنيفها، والحصول على بصيلات تمت زراعتها مؤخرا في مشتل الجمعية في مدينة عاليه.
ويشير رئيس الجمعية زاهر رضوان إلى "دراسات أولية قمنا باعدادها واستندنا فيها الى دراسات وموسوعات علمية لمعرفة أنواع التوليب الموجودة في لبنان". وقال: "ثمة ثلاثة أنواع معروفة حتى الآن، وهي: Tulipa Lownei Baker، وهذا النوع لونه ابيض وزهرته مؤلفة من ست وريقات موشحة باللون البنفسجي، وهي موجودة في عرسال حيث قمنا برصدها العام الماضي، وهي تزهر كما كل أنواع التوليب اللبناني في مطلع ايار، أقل باسبوع أو أكثر بأسبوع تبعا لارتفاع المناطق وعامل المناخ، وهناك نوع آخر موجود على نطاق واسع وهو ما يعرف بالتوليب اللبناني الجبلي ومعروف علميا باسم Tulipa Montana وهو موجود في مناطق كثيرة، في محمية ارز الشوف وفي منطقة "نبع السكر" في الضنية، وهو ينبت على ارتفاعات عالية تبدأ من 1300 متر وما فوق، وأوراق الزهرة خضراء تكون مجعدة قليلا، والنوع الثالث هو الـ Tulipa Agenensis، وهذا النوع موجود في القموعة وهو يشبه التوليب الاحمر الجبلي، لكن ازهاره مفتولة، والاوراق الخضراء مستوية، وتضم الزهرة ما بين ست وثماني وريقات وفيها ستة "عيون" سوداء و"عين" في الوسط، ولذلك يبدو قعر الزهرة واسع خلافا لتوليب مونتانا حيث قعرها اصغر ووريقات ازهارها اصلب".
ولفت إلى أن "هذه هي الانواع التي تم اكتشافها حتى الآن وثمة من يرجح وجود أنواع أخرى غير مكتشفة"، مشيرا إلى أن "هذه الانواع جميعها تنتمي علميا الى عائلة الـ Liliaceae وكل انواع التوليب تنتمي الى هذه العائلة".
واضاف رضوان: "هناك من يعتبر أن لا جدوى اقتصادية لزهرة التوليب اللبنانية، لانها زهرة برية لا يتعدى ارتفاعها الـ 10 و 15 سنتيمترا، أي أنها غير قادرة على منافسة التوليب المستورد، لكننا وجدنا أنه في الامكان تعميم زراعتها كنوع من أزهار الزينة لحمايتها من الانقراض".
ولفت إلى "اننا الآن في مرحلة التجارب، فالعام الماضي زرعنا في مشتلنا أكثر من 100 بصيلة من الانواع الثلاثة، ونقوم برعايتها لاننا نعتقد أن الاعتناء بها وريها سينتج زهرة بمواصفات قد تكون قادرة على منافسة التوليب الاوروبي، كخطوة اولى لتحويل هذه الزهرة الى رافد اقتصادي لكثير من العائلات اللبنانية، خصوصا في المناطق الجردية النائية التي تعلو أكثر من 1500 متر عن سطح البحر، وهي مناطق فقيرة بإمكانياتها، والزراعة التقليدية فيها شبه معدومة"، وأكد رضوان أن "التوليب عرضة للانقراض بدليل وجودها النادر، وتناقص اعدادها بسبب عدة عوامل، منها بيئية ولكن ليست ذات تأثير كبير، لكن العامل الكبير هو تدخل الانسان وتفاعله الخاطئ مع الطبيعة، لا سيما لجهة التوسع العمراني واستخدام المبيدات الزراعية".
وخلص إلى أنه "في ضوء نتائج أبحاثنا سنحدد إمكانية إدراج التوليب ضمن مشروع الجمعية الهادف إلى إعادة الاعتبار لكافة النباتات والازهار العطرية والطبية والاستهلاكية في لبنان"، لافتا إلى "اننا سنتابع في ضوء النتائج سبل تهجين التوليب وذلك يتوقف على الدعم من قبل بعض الجهات المانحة التي تربطنا معها شراكة في اطار مشروعنا الحيوي الذي بدأ يؤتي ثمارا على مستوى كافة المناطق اللبنانية".
أما رئيس "جمعية غدي" فادي غانم، فأشار إلى "اننا بصدد تعميم زراعة التوليب من خلال مشتلنا الزراعي في بلدة بمكين – قضاء عاليه وهو أكبر مشتل مدرسي في لبنان"، وقال: "بعد أن وصلنا إلى فائض في أغراس الاشجار البرية، توجهنا قبل ثلاث سنوات الى زراعة الازهار التي مصدرها بيئة لبنان بتنوعها، وبدأ فريق من الجمعية يضم مهندسين وخبراء زراعيين بدراسة التوليب اللبناني، وفي ضوء هذه الدراسة سنبدأ بزراعة بصيلات التوليب كمرحلة اولى، ومن ثم سنعمد إلى إكثارها في المشتل".
واضاف: "إن صغر ساق التوليب اللبناني لا يمكن أن يكون عائقا أمام عمليات التسويق، وإن كنا نأمل أن نصل من خلال رعاية الزهرة الى ساق أكثر طولا، ونحن على ثقة أن التوليب اللبناني يمكن تسويقه محليا بأسعار أقل من تلك المستوردة، مع العلم أن التوليب اللبناني أكثر نضارة وإشراقا ولا سيما منه التوليب الاحمر، ولسنا ندعي أنه في امكاننا منافسة التوليب الهولندي وليس هذا هدفنا اساسا، وانما ما نطمح اليه هو اعادة الاعتبار لزهرة برية منسية وعلى قائمة الازهار المعرضة للانقراض"، وإذ أثنى على "الجهود التي تبذلها جمعية اليد الخضراء في هذا المجال"، أكد غانم أن "ما نقوم به هو خطوة أولى في سياق عملية تتطلب المتابعة والسهر ليكون التوليب حاضرا كزهرة منافسة على الاقل في اسواقنا المحلية".
المهندسة الزراعية الخبيرة في مجال هندسة الحدائق جنان أبو سعيد، اشارت إلى أن "رسالة التخرج من الجامعة الاميركية في بيروت كانت حول التوليب بشكل عام"، لافتة إلى أن "ثمة مشروعا لزراعة التوليب اللبناني لم يكتب له النجاح قبل نحو خمس سنوات، ربما بسبب عوامل المناخ أو لعدم وجود جهة راعية أمنت سبل الاستمرار، ما يستدعي دراسات اكثر دون إغفال الجدوى الاقتصاية التي تتيح الاستمرار والتطور".
ولفتت إلى أنه يوجد حوالي 150 نوعا من التوليب، وهو يُزرع بشكل أساسي في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وفي آسيا، وينمو في المناطق المعتدلة المائلة إلى البرودة، ويتميّز بسهولة زراعته وبقدرته على تحمّل برد الشتاء".
وقالت: "إن كل الجهود القائمة حاليا لجهة تدجين التوليب اللبناني تسترعي الاهتمام والتقدير، وان كان المطلوب يتعدى ما هو قائم الى تهجين التوليب اللبناني والوصول إلى أنواع جديدة قادرة على المنافسة على الاقل في الاسواق العربية"، منوهة إلى أن "أهمية ما يقوم ناشطون بيئيون وجمعيات أهلية تتمثل في الحفاظ على هذه الزهرة وتسليط الضوء عليها، والحفاظ على مواطنها الاصلية في الجرود النائية وفي مختلف المناطق اللبنانية". 
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن