قِمّة عالميّة للحد من أخطار الكوارث... وتحديات المناخ

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Saturday, April 18, 2015

fiogf49gjkf0d

"غدي نيوز"

لم يكن من الصعب رؤية ملامح الصدمة والرعب على وجوه ما يزيد على سبعة آلاف من الرؤساء والسياسيين والعلماء وممثلي الحكومات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، كانوا يشاركون في "القِمّة العالميّة الثالثة للحد من أخطار الكوارث"، التي استضافتها أخيراً مدينة "سينداي" اليابانيّة.
ووَفَدَ أولئك المشاركون من 187 دولة. ولم تكن ملامح الذعر والغضب لتخفى على وجوههم، إذ انعقدت تلك القِمّة في ظل تهاطل الأنباء عن الأعاصير الهائلة التي تضرب جزيرة "فانواتو" في المحيط الهادئ، حاصدة الأرواح ومخلّفة دماراً هائلاً.
وزاد في اهتمام المشاركين في القمّة بتلك الأعاصير، تواتر تقارير صادمة أصدرتها "منظمة الأرصاد الدوليّة" تورد أن تلك الأعاصير كانت غير مسبوقة في قوتها ومساراتها وطول مدتها وتوقيتها غير المتوقع، إضافة إلى توقّع تكرارها في وتيرة متسارعة.

ذكرى "تسونامي" 2011

تزامن انعقاد القمة مع إضاءة "سينداي" ومُدُن يابانيّة كثيرة، الشموع في الشوارع والمنازل والمدارس والمصانع، في ذكرى ضحايا الـ "تسونامي" وزلزاله، اللذين ضربا شرق اليابان في آذار (مارس) 2011. وأدى الأمر إلى كارثة بيئيّة ضخمة، تمثّلت في احتراق مفاعل "فوكوشيما" النووي.
لم تكن أعاصير "فانواتو" سوى حلقة اخرى في سلسلة الكوارث المتزايدة التي تبرهن ما تؤكّده تقارير العلماء عن العلاقة المباشرة بين تغيّرات المناخ وزيادة تواتر الكوارث المتربطة بها، إضافة إلى استمرار ظاهرة التطرّف في المناخ، مع ما تتركه تلك الأمور من تأثيرات سلبيّة على التنمية المستدامة.
إذن، متى يتحمل العالم مسؤوليته الإنسانيّة والأخلاقيّة في الحدّ من مخاطر الكوارث، عبر التوصّل إلى اتّفاقية ملزمة تحدّ من تقلّب المناخ وتساهم في تحقيق التنمية والعدالة؟
انعقدت قِمّة "سينداي" في مستهل عام فارق في حياة البشرية، يختتم بـ "كوب 21" في باريس الذي يفترض أن يتوج باتفاقيّة ملزمة للحدّ من التلوّث، تكون بديلاً لبروتوكول "كيوتو" الذي وُلِد في اليابان أيضاً في 1997، لكن صلاحيته انتهت من دون التوصّل إلى بديل له.
وفي تموز (يوليو) المقبل، ينعقد المؤتمر الدولي حول تمويل التنمية في "أديس أبابا" في أثيوبيا. وفي أيلول (سبتمبر) المقبل، تعقد الاجتماعات الأمميّة لصوغ وثيقة عن أهداف التنمية المستدامة العالميّة بعد مرحلة أهداف الألفيّة، التي لم يتحقّق منها الكثير أيضاً، على رغم انتهاء مددها الزمنيّة أيضاً.
وبقول آخر، يتوجّب بلورة وعي أكثر التزاماً بالمناخ، لدى صُنّاع السياسة ومُتّخذي القرار عالميّاً، كي تنجو الأرض من كوارث باتت تتفاق بإطّراد.
ويتوجب أيضاً إدارة أخطار الكوارث، بمعنى الوقاية منها عبر إجراءات إحترازيّة متينة تسعى للحد من الخسائر في الأرواح والممتلكات. ويرتبط ذلك أيضاً بمسائل تشمل العمران المُستدام، وصون الموارد الطبيعيّة وحمايتها، والاستخدام الرشيد لموارد الأرض.
وفي السياق عينه، تحدّث بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عن الحاجة الملحة لتوحيد الجهود لمجابهة تغيّر المناخ، خصوصاً بعد اتّضاح علاقتها المباشرة بكوارث الطبيعة. وحثّ على الاستثمار بذكاء في المستقبل المشترك للجنس البشري، داعياً الدول المتقدّمة إلى الاحتذاء باليابان في مساعدة الدول الناميّة.
وشهدت القمّة إعلان تشينزو آبي، رئيس وزراء اليابان، تخصيص أربعة بلايين دولار لتقديم دعم فني وتكنولوجي إلى الدول الناميّة.

ثلاثيّة متشابكة

تمحورت نقاشات القِمّة حول أبعاد العلاقة المتشابكة بين 3 مسائل هي: الحدّ من مخاطر الكوارث، ومجابهة تغيّر المناخ، وتحقيق التنمية المستدامة. ووُثّقِ ذلك التشابك في مجموعة من التقارير العلميّة عُرِضَت خلال القِمّة.
وأورد تقرير "التقويم العالمي بشأن الحدّ من مخاطر الكوارث 2015" أدلة دامغة عن ذلك التشابك، داعياً إلى تعزيز الالتزام بالحدّ من أخطار الكوارث، معتبراً أن الاستثمار فيه أمر بالغ الأهمية لنجاح التنمية المستدامة ومجابهة تغيّر المناخ. وذكّر بأن متوسط الخسائر السنوي في البنى التحتيّة بأثر من الزلازل والـ "تسونامي" والأعاصير المدارية وفيضانات الأنهار، يلامس الـ314 بليون دولار. ويرتفع الرقم عند إضافة ما ينجم عن مخاطر اخرى، كالجفاف. وفي دول بحر الكاريبي، يتوقّع أن يبلغ متوسط الخسائر السنوي المرتبط بالأعاصير المداريّة، قرابة 1.4 بليون دولار بحلول 2050. وكذلك أبرز التقرير عينه الفجوة العلميّة والتكنولوجيّة بين الدول الغنيّة المتقدمة والدول النامية، في المعلومات والمعارف ونظم الإنذار المبكر وغيرها، موضحاً أن الـ2 في المئة الأكثر غنىً بين البشر، باتوا يملكون ما يزيد على 50 في المئة من الثروة العالميّة، ما يمكن اعتباره مستويات مطلقة من عدم المساواة.
ورصد التقرير تقدّماً عالميّاً في الاستعداد للكوارث، مع وهن في التعافي وإعادة الإعمار. واهتم التقرير بقضية الجفاف والزراعة وأثر تغير المناخ على إنتاجيّة الزراعة. وضرب مثلاً دولة "ملاوي" الأفريقيّة التي تتزايد فيها خسائر محصول الذرة بأثر من تغيّر المناخ وزيادة الجفاف، مع ملاحظة أن 30 في المئة من اقتصادها يعتمد على الزراعة.
ويأتي الاهتمام بالجفاف والزراعة في إطار التحذير من الأخطار الممتدة التي ترتبط باللامساواة والفقر، ويمكن تجنبها بالاستثمار في الحدّ من مخاطر الكوارث. وترتبط الأخطار الممتدة بالتآكل المستمر لأصول التنمية كالمنازل والمدارس والطُرُق والمرافِق الصحيّة والبنية التحتيّة، خصوصاً في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل. ويورد التقرير أن خسائر المخاطر الممتدة بلغت 94 بليون دولار في 85 دولة، خلال العقد المنصرم.
وفي السياق عينه، عرضت "منظمة الأغذية والزراعة" (فاو) على القِمّة دراسة علميّة عن تأثير الأخطار والكوارث الطبيعية على الزراعة في الدول النامية. وإذ تشمل الزراعة المحاصيل والغابات وصيد الأسماك، فإنها تتأثر اقتصادياً بقرابة 22 في المئة من جرّاء الكوارث المتوسطة والكبيرة في الدول النامية. ولذا، دعا التقرير إلى إدماج مخاطر الكوارث في سياسات الزراعي، ملاحظاً أنّه بين عامي 2003 و2013، تأثّر 1.9 بليون إنسان بكوارث الطبيعة في الدول النامية، مع خسائر بقرابة 494 بليون دولار، معظمها في الزراعة. وينبّه التقرير إلى أن هناك فجوة في المعلومات عن حجم تأثّر الزراعة بالكوارث.

بتصرف عن "الحياة" اللندنية
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن