مجازر تطاول الطيور في هجرتها الربيعية

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, April 28, 2015

fiogf49gjkf0d

 "غدي نيوز"

في لبنان ليس ثمة ما هو أسهل من سن القوانين وتبني تشريعات جديدة، من البيئة إلى قانون السير الجديد، إلا أن الفساد المتجذّر في بنية الدولة ساهم في تشريع "ثقافة" التحايل على القانون، واستحضر بدلاً من النظام نقيضه، أي الفوضى بأبشع مظاهرها، ولا سيما في مجال الصيد البري القائم كحالة شبه يومية من على أسطح البيوت إلى "مرابط" الصيد القائمة على مرتفعات يعرف المواطنون أنها مسار للطيور المهاجرة، وكل ذلك تحت أعين القوى الأمنية.
لكن ما يسترعي الانتباه أن وزارة البيئة والمؤسسات المعنية بالصيد البري تعيش في غربة عن الواقع، مع ما نشهد من ورش عمل ومؤتمرات ولقاءات تحت عناوين حماية مسارات هجرة الطيور والصيد المسؤول، فيما "جبهات" الصيد مشتعلة وتطاول في هذه الفترة الطيور في هجرتها الربيعية.

مقاربة صياد

تبقى ورش العمل والدراسات على أهميتها أقل أهمية في ما رصده وائل الأعور (أحد الصيادين من المتن الأعلى) عبر عشرين سنة، فأشار لـ "السفير" إلى أن "الصيد القائم الآن لا يقوم على مناقب وأخلاق فهو فوضى لم نشهد مثلها من قبل بحيث أنني توقفت عن الصيد إلا في رحلتين أو أو ثلاث في السنة إلى منطقة البقاع".
وقال: "في المتن الأعلى وعاليه والشوف لم يعد ثمة صيد بالمعنى المتعارف عليه، أي بمفهوم الرياضة والسير في الأحراج، وأصبح مقتصرا على قنص الطيور المهاجرة من متطفلين على الصيد بينهم أولاد لم يتخطوا الخمس عشرة سنة، ولذلك كثرت حوادث ذهب ضحيتها أولاد وأطفال بعمر الورود".
وقدم الأعور مقاربة بين ما كان قائما قبل عشرين سنة وما هو قائم اليوم، فقال: "منذ الثمانينيات إلى اليوم اختفت أنواع كثيرة من الطيور، ومنها: الترغل، الشِّكْبة (شبيهة بدجاج الأرض)، السلواية (نوع من البواشق)، أبو عميه، السفاري، ديك الماء، الحجل، دجاج الأرض، الكيخن، الدُّرُب وغيرها"، وأشار إلى أن "الصيد القائم الآن يستهدف طائر السمان عبر مصائد على أسطح المنازل، وموسم الصلنج والورور والفرِّي وأنواع من الطيور المهاجرة من فصيلة العقبان والصقور وهي تباد ولا يؤكل لحمها، اضافة الى البجع وأنواع أخرى".

عود على بدء

وتجددت موجة الصيد العشوائي مؤخرا مع بداية الهجرة الربيعية للطيور من أفريقيا إلى أوروبا، فمئات الأسراب تعبر لبنان في طريقها لوضع بيوضها وتأمين ديمومة بقائها، ويمكن معرفة أنواعها إذا ما تفقدنا "مركز التعرف على الحياة البرية – عاليه"، حيث نجد عشرات الأنواع من الطيور المصابة يتولى المركز علاجها، ومنها: اللقلق (البجع)، النسر، أبو جراب، العقبان والصقور على أنواعها، إذ بدأ المركز منذ نحو أسبوعين يستقبل الطيور المصابة، يعثر عليها مواطنون فيحضرونها الى المركز من مختلف المناطق اللبنانية.
رئيس المركز الدكتور منير ابو سعيد أشار إلى "اننا هذه الفترة نستقبل العدد الاكبر من الطيور المصابة، يأتي بها المواطنون الى المركز، وهي من الطيور الجارحة، والمفارقة الغريبة أن لحمها لا يؤكل، لانها تقتات على اللحوم وجيف الحيوانات النافقة، وحرام صيدها وأكلها".
وقال: "نستقبل هذا الكم الكبير من الطيور يومياً، ولكن ثمة آلاف الطيور من غير الجوارح، لا تصل الى المركز لانها لا تصمد امام الاصابة وتموت لاحقاً، خلافاً للطيور الجارحة التي تتمتع ببنية قوية تتيح لها امكانية الطيران مسافات طويلة، فضلاً عن انها وهي مصابة لديها القدرة للدفاع عن نفسها ولا تتمكن الثعالب والقطط منها".
ويقوم أبو سعيد بمعالجة الطيور ووضعها في أقفاص إلى أن تبرأ جراحها فيعيد إطلاقها من جديد، أما الطيور المصابة بكسور في أجنحتها فتبقى في المركز لعدم قدرتها على الطيران مجددا ولأن لا امكانية لعلاجها، ولفت إلى أن "الطيور المهاجرة تتمتع ببنية قوية تمكنها من قطع مسافات طويلة ولذلك لا يمكن معالجة كسورها بما يمكنها من التحليق من جديد".
وأشار أبو سعيد إلى أن "طيور الخطاف والسنونو وحدها تلتهم خلال مرورها فوق لبنان في هذه الفترة ثمانية أطنان من الحشرات في الموسم الواحد، فيما يعمد المواطنون للتدرب من خلالها على الصيد".
وأضاف: "ان المسؤولية تقع على وزارة البيئة وايضاً على وزارة الداخلية، ولا بد من الاسراع في اصدار قانون الصيد البري، وكلما تأخرنا كلما استمرت هذه المجازر بحق الطيور، وهناك امور معروفة ولا تحتاج الى قانون وهي ان طيور الخطاف والجوارح ممنوع صيدها، وعلى وزارة الداخلية ان يكون لها الدور الاهم في هذه الفترة بقانون او بدون قانون".
وأشار إلى أنه "في موسم الهجرة الربيعية قتل طائر واحد يعني قتل خمسة أو ستة طيور"، وقال ابو سعيد: "فيما نحن نقتل طيور البجع يقوم السكان في دول أوروبا الشرقية ببناء أعشاش لها قرب منازلهم وحقولهم، لأنها تقضي على الفئران والزواحف والحشرات التي تهدد مواسمهم الزراعية".
وأضاف: "المجازر بحق الطيور نتحمل جميعنا المسؤولية حيالها، من البيئيين الى تجار اسلحة وصولاً الى الصيادين، وعلى الجمعيات البيئية الاضطلاع بدورها لتثبيت القانون، ويمكن لعناصر الشرطة البيئية ان تضطلع بدورها، وعلى الصيادين دور مهم مسؤولية لجهة قوننة الصيد وكذلك الامر بالنسبة لتجار الاسلحة، لكن للاسف في لبنان كل شخص يتفرد برأيه وهذا ما هو حاصل".
وأشار إلى أن "الطبيعة لا بد أن تأخذ حقها من الانسان، من خلال الامراض نتيجة كثرة استخدام المبيدات الحشرية، وارتفاع كلفة الانتاج الزراعي، فالادوية الزراعية التي تستخدم نتأثر بها من خلال المياه التي نشربها ومن خلال الهواء والتربة، فبمجرد قتل الطيور تكثر الحشرات والآفات، والحل برش كميات أكثر من المبيدات بما يزيد كلفة الانتاج الزراعي، فضلاً عن ان الحشرات تتحصن سنة بعد سنة ضد المبيدات ما يستدعي استخدام كميات اكبر، وقبل أن نتحدث عن اي شيء آخر، فان ما هو حاصل اليوم على مستوى فلتان الصيد، نتأثر به كمواطنين من خلال كثرة الامراض التي نتعرض لها بشكل غير معهود من قبل".
وأشار الى أن "ليس ثمة في الطبيعة ما هو نافع وضار ولكن هناك نوع من التوازن المطلوب"، وأكد "انا مع الصيد ولكن الصيد المنظم وأول ما وجد الانسان كان صياداً"، ولفت الى انه "على مستوى العالم يسجل عشر دقائق انقراض نوع من المخلوقات الحية".
وناشد أبو سعيد "وزارتي البيئة والداخلية العمل على ملاحقة هؤلاء، والايعاز للقوى الامنية للقيام بواجبها ومنع هذه الظاهرة المعيبة، ونطالبها بمتابعة هذه المسألة وايقافها فوراً، وهذه مسألة لا تحتاج الى صدور قانون والانتظار اكثر".

"السفير" اللبنانية  

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن