زيادة الاقساط في المدارس الخاصة ترهق الأهالي

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Monday, September 24, 2012

معاناة تتجدد مع بداية كل عام دراسي
... زيادة الاقساط في المدارس الخاصة ترهق الأهالي

 "غدي نيوز" – صفا ليُّون حجَّار

في مطلع شهر أيلول (سبتمبر) من كل عام، يزداد شوق أولادنا الطلاب للعودة إلى أحضان مدارسهم، حاملين في جعَبهم قصص العطلة الصيفية، يخبرونها لرفاق المقعد الواحد، يشترون كتبهم وقرطاسيتهم، يختارون الأشياء الغريبة والجديدة، يفرحون في الزي المدرسي الجديد وكل هذا يقابله قلق لدى الأهالي الذين يجهدون ويتعبون لتأمين الأقساط المدرسية، علماً أن عدداً كبيراً من التلامذة لن يعودوا إلى مدراسهم السابقة هذا العام، وإنما إلى مدارس جديدة تناسب ميزانية العائلة .
في هذا الوقت، ومع بداية كل عام دراسي يبدأ الحديث عن قيمة الزيادة التي ستترتّب على الأقساط المدرسية في المدارس الخاصة، فقد اعتاد الأهالي أن يتلقوا الصدمة من جراء "الزودة" التي تأتيهم من حيث لا يدرون، ولأسباب يجهلونها، وقد عَلت صرخات الأهالي مؤخراً حين تمّ الإتفاق على إقرار سلسلة الرتب والرواتب لأساتذة التعليم الرسمي والخاص ولموظفي الدولة، مشددين على ضرورة متابعة لجان الأهل لتحركانها منعاً لزيادة الأقساط المدرسية، تفاديا لإمكانية نقل أولادهم إلى المدارس الرسمية بسبب العبء المادي.
لكن ما إن أقرّتْ تلك الزيادة، حتّى شرعت عدة مدارس بزيادة أقساطها علماً بأن قسماً منها زاد أقساطه في النصف الأخير من السنة الدراسية الفائتة (2011-2012)، فيما ارتأت مدارس أخرى استمهال الزيادة حتى مطلع العام الدراسي الحالي (2012-2013)، وقد تخطّت معدّلات زيادة الأقساط هذا العام في عدة مدارس عتبة الـ 25 بالمئة، حيث بلغت في حدّها الأدنى مبلغ المئتي ألف ليرة (أي ما يوازي نسبة الزيادة على الحد الأدنى للأجور)، بينما بلغت الألفي دولار على التلميذ الواحد في مدارس أخرى. ويبقى هناك بصيص أمل يعيشه المواطنون بإعلان بعض المدارس الخاصة عن عدم الزيادة على الأقساط المدرسية ورسوم نقل الطلبة  للعام الدراسي الجديد.
وعن زيادة أسعار الأقساط المدرسية التي تحرق الأهالي بلظاها في مطلع كل عام دراسي، وأسعار أجور الباصات المخصصة لنقل الطلاب، وأسعار الكتب والقرطاسية والزي المدرسي وغيرها من الأعباء، إلتقى "غدي نيوز"، عدداً من أهالي الطلاب الذين توحّدت مطالبهم وعلت صرختهم الموحدة، من أين ندفع؟

مع الاهالي

نوال فقيه، أم لأربعة أولاد، إختارت لابنائها مدارس خاصة، لثقتها بأسلوب التعليم والبرنامج التعليمي في هذه المدارس، فسجّلت ولدين في مدرسة في منطقة جبلية حيث تسكن، والآخرين في إحدى مدارس بيروت، وقد عبرتْ فقيه عن استيائها من سوء الوضع الإقتصادي وزيادة أسعار الأقساط المدرسية، فقالت: "سمعنا عن زيادة جديدة على الأقساط هذا العام، ونأمل أن تكون زيادة عادلة، مع إنه مهما كانت كذلك فهي تفوق قدرة الأهل المادية ولا لزوم لها في كل عام، وبشكل عشوائي".
وتابعت: "نقطع الطعام عن أنفسنا لنؤمّن علم الأولاد، ومع هذا ففي أكثر السنوات يبقى لدينا أقساطاً مترتبة من العام الفائت، ويأتينا القسط الجديد فنعلق في دوامة جديدة (ونعض على الجرح) ونقبل بالواقع ونتحمّله، فليس لدينا خيار آخر".
وأضافت بأنها غير موظفة، وزوجها يعمل في شركة خاصة وهو مهدّد في أي لحظة بترك الشركة والعمل، وإن لديهم مصاريف أخرى عديدة خاصة على أبواب الشتاء، من المدارس إلى تأمين الوقود لوسائل التدفئة والتي أصبحت أسعارها أيضاً لا تحتمل، فضلا عن ضرورات المدرسة الأخرى من وسائل نقل، وقرطاسية وزي مدرسي وسواها.
وتابعت فقيه: "أشتري لأولادي الكتب المستعملة وأختارها بحالة جيدة، فأسعار الكتب الجديدة مرتفعة جداً. وأضطر بالطبع إلى شراء دفاتر التطبيقات الجديدة وأود أن أذكر أن عدداً كبيراً من المدارس يعمد إلى إجبار الأهالي على دفع رسوم إضافية ثمناً للقرطاسية وهو مبلغ يتعدّى أحياناً المئتى دولار، مع العلم بأنها تقتصر على عدة دفاتر ومفكرة ممهورة بإسم المدرسة".
أما بالنسبة، للحقائب والزي المدرسي فهي لا تشتري الحقائب لأولادها في كل عام، بل "كل عامين أو ثلاثة، نظراً لغلائها أيضاً". وأعربت عن استيائها من موضوع الزي المدرسي الذي يتغيّر كل عامين أو أكثر، مما يجبر الأهالي دائماً على شراء زي جديد. ورأت أن "المطلوب أن يرحم الناس بعضهم بعضاً، فأصحاب المدارس الخاصة وغيرهم، هم مواطنون، وربما شارك بعضهم يوماً ما في إعتصام أو حركة ضد رفع الأسعار، لكن عندما تصل الأمور عند المصلحة الخاصة فالأمر يختلف، وتصبح له حسابات أخرى، فكل أحاديث الناس هذه الأيام، تطالب وتتمنى أن لا يتم رفع أسعار أي خدمة في هذا العام".
وهذا ما أكده أديب كنعان الذي قال: "لدي ثلاثة أولاد يتعلمون في مدرسة خاصة، فأنا أثق بالبرنامج التعليمي وبالإدارة والنظام والإنضباط في المدارس الخاصة، وقد سمعت "بالزودة"، لهذا العام بالطبع، وسمعت أيضاً بأن الحكومة لم ترضَ بها ونحن أيضاً نتمنّى أن لا تحصل، ولكن إذا أقرّت، فلا حول ولا قوة، سنحاول تدبير الأمور مهما كانت الأسباب ولو إن الأقساط تفوقُ مدخولنا المادي، وتضطرنا أحياناً لدفعها على مراحل".
ويعمل كنعان بمهنة حرة، وعمله غير مستقر لكن مع هذا يفضّل شراء كتب جديدة لأولاده، لكنه بالمقابل فإنه لا يشتري الزي المدرسي لهم في كل عام، ويضطر للتأخر عن موعد عمله ليقلّ أولاده إلى المدرسة بسيارته، وهو يطالب المعنيين والدولة بالنظر أكثر والإهتمام بوضع التعليم في لبنان وأخذ الوضع الإقتصادي لأولياء الأمور بعين الإعتبار.
وعن هذه الزيادة أيضاً وأيضاً، وعن غلاء أسعار المدارس والتعليم، أعربت منى خلف عن غضبها لما يجري، ففي بداية العام الماضي، أتتْهم زيادة مئتي دولار على كل ولد، تبعتها زيادة أخرى في نهاية العام، بلغت مليون ليرة لبنانية ونصف على التلميذ الواحد، وهكذا زاد قسط كل ولد من أولادها الثلاثة ١٢٠٠ دولار في عام واحد، من دون تكاليف باص المدرسة (الأوتوكار)، الذي تجد منى نفسها مجبرة أن تدفع تكاليفه، فهي غير قادرة على توصيلهم وزوجها أيضاً بحكم عملهما".
سألناها: أنتِ وزوجك تعملان، فهل يؤمن عملكما أقساط مدرسة الأولاد؟
أجابت: "نؤمّنها لكن بجهد وصعوبة، فالموضوع لا يقتصر على الأقساط، لديك الكتب والقرطاسية والزي المدرسي وإجرة باص النقل، ناهيك عن الرحلات والنشاطات التي تقام في المدرسة".

العين بصيرة واليد قصيرة

ومهما كانت الحقيقة، فإن الأمل ما يزال قائماً وأيضاً المطالبات متواصلة لوضع حد للمبالغة في أقساط المدارس، وتعديل أجور الباصات المخصصة لنقل الطلبة، كما إن القول بأن المدارس الحكومية موجودة للراغبين في نقل أبنائهم إليها لا يشفي الغليل، ولا يعكس منهجاً إستثمارياً وإقتصاديا سليماً. أضف إلى ذلك أنه لم يعد هناك من أمكنة شاغرة تستوعب العدد الهائل من الطلاب الذين إنتقلوا هذا العام إلى المدارس الرسمية، لهذا، من الأساسي أن نحافظ على قطاع التعليم الخاص. ولكن ما العمل حين تكون (العين بصيرة واليد قصيرة)... والوضع الإقتصادي المذري، يجبر البعض على نقل أولاده إلى مدرسة حكومية. وهذا ما حصل مع نجيب خيرالله وهو أب لولدين، إضطرّته ظروف عمله إلى نقلهما من مدرسة خاصة إلى أخرى رسمية منذ العام الماضي، مع أنه يفضل المدرسة الخاصة كمستوى تعليمي واجتماعي في نفس الوقت، وكما تعلّم هو بمدارس خاصة، يتمنّي لو أنه يحقق ذلك لأولاده، لكن ليس باليد حيلة، فالمدارس الخاصة برأيه أضحتْ مؤسسات تجارية همّها الأول هو الكسب المادي وهذا مؤسف للغاية.
وفي هذا المجال أضاف خيرالله: "في كل دول العالم هناك ضوابط وتصنيف وحدود عليا ودنيا لمستويات الأقساط ولا يفيد ترك الأمور بدون رقابة بحجة إن هذا قطاع إستثماري خاص، ليست للحكومة دور فيه إلا بما يتعلق بالأمور التعليمية والجوانب التربوية".
وتقول تانيا الاسمر وهي أمّ لولدين "لو كان لدينا مدارس رسمية تتمتع بإدارة قوية ونظام وإنضباط، كنا سجلنا أولادنا فيها، لكن وضع المدارس الرسمية مشرذَم، لذلك أفضل دائماً المدرسة الخاصة، ولو إننا كأغلبية العائلات اللبنانية نعاني من سوء الوضع المادي".
وأضافت: "نتخلّى عن كل شيء إلا علم الأولاد، فعلم الأبناء هو من أول حقوق الأهل عليهم، لذلك فرغم الزيادة (التي تقصم الظهر)، فنحن مضطرون لتعليمهم". كما أبدَتْ إمتنانها "من إدارات المدارس التي تمنح الأهالي مُهَلا لتسديد أقساط أبنائها".
ولا يختلف إثنان على حقيقة إن إنصاف الإستثمار في التعليم الخاص حق، وإن من يرغب في إلحاق أبنائه بالمدارس الخاصة عليه مسؤولية تحمّل التكاليف، ولكن للتعليم قداسة خاصة والأقساط يجب أن تبقى ضمن منظومة مالية متوازنة تحكمها ظروف النفقات الفعلية التي تتحمّلها إدارات هذه المدارس.
وخلاصة القول إن هناك بصيص أمل مع بداية العام الدراسي الحالي بقيام مدارس خاصة بتجميد الأقساط المدرسية ورسوم باصات نقل الطلبة وهذا توجه سليم يشكل قاعدة للإنطلاق إلى الأمام نحو ترسيخ قواعد الإستقرار والإستمرارية المرنة للإستثمار في التعليم الخاص. وإذا قمنا كمواطنين بالتضامن مع بعضنا وقدّر كل مواطن ظروف وإمكانات الآخرين. وتوقف كل شخص منا عند الحد الأدنى من الربح دون إستثمار لما يسمّى إقتصاد السوق وغياب رقابة الدولة، فإن الوضع العام يكون أسهل علينا جميعاً.


 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن