الاكتشافات الأثريّة المصريّة بعدسة جون سبرانغر

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Sunday, February 21, 2016

fiogf49gjkf0d

"غدي نيوز"


جذبت صور عالم الآثار والفوتوغرافي جون ألفريد سبرانغر (1889 - 1968) انتباه كثر من المتخصصين والمهتمين بعلمي الآثار والفوتوغرافيا، عندما عُرضت في الاسكندرية، مجموعة من الصور الفوتوغرافية الفريدة من ألبوماته لعدد من الحفريات الأثرية والآثار التي اكتشفت خلال عمليات التنقيب في مصر مطلع القرن العشرين. حدث ذلك في بداية ظهور آلة الكاميرا، هذه الآلة العجيبة التي شكلت التقنية الثورية الجديدة لتوثيق الحقيقة، حيث احتشدت القارات الخمس لمشاهدة المنتج الثوري الفني لسبرانغر، الذي طاف العديد من الدول بصوره التي سمحت بإنتاج صورة طبيعة أكثر دقة وواقعية من دون تدخل اليد البشرية التي تتأثر بقناعات وأيديولوجيات يقحمها الرسام الناقل للطبيعة، بريشته وألوانه وخطوطه.
شارك عالم الآثار المولود في فلورنسا عام 1913، في بعثة دي فيليبي إلى كاراكورام لجمع بيانات جيولوجية وطبيعية وإثنوغرافية، حيث اكتسب خبرة عظيمة في استخدام الكاميرا لتوثيق البعثات البحثية، وكان لافتاً آنذاك تحوّل الكاميرا الى أهم المعدات اللازمة لعالم الآثار، التي تمكنه من تسجيل المراحل المختلفة بدقة أكبر وأسرع.
وتعد ألبومات سبرانغر إحدى أهم الوثائق لتسجيل التراث الأثري التوسكاني، حيث اعتمد أسلوب اللقطات المتتابعة والتي تحمل في طياتها العديد من التفاصيل القريبة والمركزة من أجل تحقيق ريبورتاج مفصل موثق، ولم تقتصر صوره على الدقة العلمية الباردة، وإنما كان يقوم بإنشاء لقطات غير متوقعة من الوجوه والمناظر الطبيعية.
جمع سبرانغر آلاف الصور بين عامي 1906 و1936، في ألبومات ضخـــمة قال الخبراء أنها «لا تشوبها شائبة وصارمة»، ونسقها ورتبها وفـــق الشـــكل والحجم والأسلوب، كما فهرسها بدقة مع شروح وتفاصيل معمــارية وخرائط طوبوغرافية وخطط تفصيلية.
أظهرت صور سبرانغر، التي أهداها ورثته لهيئة الرقابة على التراث الأثري بإتروريا (منطقة وسط إيطاليا) عقب وفاته، عبقرية لافتة وشغفاً حقيقياً بالتصوير من خلال اختيار لقطاته الفريدة، حيث اعتبر التصوير الفوتوغرافي وسيلة لإصلاح الذاكرة من تشوّهات النسيان، كما أنها وسيلة أفضل لمعرفة العالم وفهمه.
من أهم ما تضمنته الألبومات، تسجيل حفريات مقابر ريبا بالقرب من سان جيميجنانو (سيينا)، حيث وثق جميع مراحل تطور عمليات الحفر تدريجياً من الوضع الأولي، والحفر والمسح، وصولاً الى الهيكل في نهاية أعمال الحفر. ويعد معبد سيزيوس في أبيدوس بمصر، من أمتع الآثار التي قام سبرانغر بتوثيقها فوتوغرافياً، وقام بدراسة زوايا الكاميرا التي رصدت الخصائص المعمارية للمعبد وليس التزينية الشكلية.
وتقول الباحثة في الآثار أندريا بيسينا: «تعود علاقة سبرانغر بمصر الى مرحلة عمليات التنقيب عن مقبرة توت عنخ آمون، عندما رشح عالم الآثار هاري بورتون صديقه ألفريد سبرانغر، والذي توثقت صداقتهما عندما عمل معه بتسجيل بعض الحفريات من إتروريا، ما دفعه الى استقدام سبرانغر لتوثيق الحفريات الأثرية التي اكتشفت في مصر».
وتضيف: «وكان الصديقان من أوائل من سعى إلى تطوير الاستخدام الحديث للتصوير الفوتوغرافي لتوثيق الحفريات الأثرية، وقد عبر سبرانغر عن هذه الصداقة الحميمة في كثير من الصور التي تم التقاطها مطلع عشرينات القرن الماضي، أثناء أعمال التنقيب في الدير البحري».
واستضاف المعهد الثقافي الإيطالي معرضاً فوتوغرافياً عنوانه «عالم الآثار من مصر وإتروريا»، افتتحه باولو ساباتيني، مدير المعهد، والبروفسور روزيلا يروجي، أستاذ منتدب من وزارة الخارجية الإيطالية بجامعة الإسكندرية، والصور من الأرشيف الفوتوغرافي لهيئة الرقابة على التراث الأثري، وتكشف للمرة الأولى للجمهور، ويظهر المعرض للتكامل الثري بين علمي الآثار والفوتوغرافيا.
وتتابع أندريا بيسينا: «المعرض نتاج مشروع ركز فيه ستيفانو أناستاسيو وباربرا آربيد على الصور التي التقطها سبرانغر مطلع القرن العشرين، ومنها لقطات بانورامية لمعبد الدير البحري ووادي الملوك وعدد من المقابر بأتروريا، كذلك عدد من المجموعات الخاصة لعائلته وأصدقائه». ويعد المعرض تقديراً للمساهمة الإيطالية في التوثيق الفوتوغرافي للتراث الأثري في مصر وإيطاليا.
جون ألفريد سبرانغر كان شخصية بارزة في الأوساط الثقافية في أوائل القرن العشرين في فلورنسا، وكان متعدد المواهب فقد كان مهندساً، مصوراً، طوبوغرافياً، متسلقاً للجبال، وعالماً للآثار. جمع كثيراً من التحف الفنية على نطاق واسع خلال سفرياته حول العالم، وترك آلاف الصور في ألبومات ضخمة وثقت رحلاته. عاش أيضاً في مصر والحبشة بين عامي 1919 و1942، ومن ثم في كندا، قبل عودته إلى فلورنسا، حيث توفي عام 1968.

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن