مشكلة النفايات في لبنان... شعبوية وروائح تلامس الفساد

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Friday, March 25, 2016

:''وزير البيئة الاسبق ميشال موسى لـ "غدي نيوز
مشكلة النفايات في لبنان... شعبوية وروائح تلامس الفساد

fiogf49gjkf0d

"غدي نيوز"

برصانته المعهودة وتواضع المسؤول الواثق والحامل لرؤية وأهداف وتطلعات، تحدث وزير البيئة الأسبق النائب ميشال موسى عن هواجس اللحظة، في حوار مع "غدي نيوز" طاول بشكل أساس الوجع الماثل في موضوع النفايات، كقضية وطنية وضعت هيبة الدولة على المحك، وهددت ما بقي من مقوماتها، وسط الفوضى والتسيب، وتداخل الصلاحيات والمصالح.
وإلى الرصانة في طرح مواقفه وأفكاره، لم يوارب الوزير ميشال موسى في طرح المواضيع بجرأة، حين أكد أن الفساد قائم في هذا الملف وغيره، واضعا رؤيته في بلورة مشاريع حلول توائم بين التصدي للمشكلة راهنا بإجراءات سريعة، وتاليا تأمين ديمومة حل يلحظ الاستدامة وفق معايير بيئية وصحية سليمة، مع التشدد في الرقابة.

وفي ما يلي نص الحوار:

"غدي نيوز": نواجه اليوم مشكلة نفايات، وهنا يحضرنا سؤال بديهي، لو كنتم وزيرا للبيئة، كيف كان يمكن أن تتصدوا لهذه الأزمة؟

ميشال موسى: الأمر ليس متعلقا بوزير بحد ذاته، هذا الموضوع قائم منذ فترة طويلة، ودائما كان يطرح في مجلس الوزراء موضوع مشكلة النفايات في لبنان، وغالبا ما كان هناك اختلاف بالرأي، وشعبوية معينة وروائح تلامس الفساد بهذه الملفات، وبالتالي هذا الموضوع يناقش على مجلس الوزراء محتمعا، لجهة أن يرفع هذا الأمر الى مستوى الاهمية الكبرى، وهذا ما كان مطروحا منذ زمن لمعالجة هذه الأزمة التي قد نصل فيها إلى كوارث، ونحن اليوم في قلب الكارثة، وهذا أمر تداعياته كبيرة جدا على كافة الصعد، الصحية والسياحية وعلى الصعيد البيئي العام، ولكن الأهم أن هذا الأمر بات يطاول ما تبقي من هيبة الدولة، وكيفية مقاربة وملامسة وإدارة أزمة بهذا الحجم، وبالتالي هذا الموضوع اليوم يعني كل الفرقاء السياسيين، وبالتالي المطلوب من الجميع حسم الموضوع بناء على مقاييس عامة، تؤمن من ناحية التخلص من هذه الأزمة الكارثية، ومن ناحية ثانية تؤمن الاستمرارية وحسن المسار في هذا الأمر، بمعنى أن يكون هناك رقابة فعلية تستطيع أن تفصل بين ما هو صحي وبيئي، وما هو فوضى في موضوع النفايات، وبالتالي هذا عمل متكامل، والخطة اليوم مبنية على مرحلتين، الأولى التعاطي المباشر مع هذا التراكم للنفايات غير المقبول، ولا أحد كان يتصور أن تصل الامور الى هذا الحد، والمرحلة الثانية تتمثل في رفع النفايات ونقلها الى مطامر صحية، ضمن المواصفات الصحية، إن كان في المواقع وإن كان لجهة إقامة هذه المطامر، طبعا هذا بعد عملية فرز، وأخذ كل ما يدوّر إلى التدوير وتسبيخ المواد العضوية، وبالتالي هناك طريقة عمل يجب أن تُتبع، وهي طريقة بيئية معروفة ولا تأتي بجديد في هذا المجال، وهي موجودة في كل مكان، وهناك ضرورة لهذه المطامر لمرحلة معينة من الوقت نستطيع معها متابعة الخطة من أجل الاستدامة لمواضيع البيئة، وهذا الموضوع يتطلب تفهم كل الناس، ويتطلب رفع اليد التي لها علاقة بصفقات معينة، وأن يكون هناك بعض هيبة السلطة، كي تستطيع أن تفرض ما تراه مناسبا ضمن مواصفات عادلة ومتعارف عليها عالميا لمطامر صحية.

"غدي نيوز": هناك مناطق يوجد فيها معامل فرز ومعالجة وبعضها متوقف منذ زمن، وبعضها الآخر أعيد تشغيله بسحر ساحر، كيف تنظر الى هذا الامر؟

ميشال موسى: ما أود أن أقوله في هذا المجال أن موضوع النفايات هو عملية متكاملة، هناك معامل تم تسييرها لبعض الوقت أو مراكز فرز أو مطامر وتوقفت في لحظة من اللحظات، ومن هنا التأكيد أن هذا العمل يجب ان يكون متكاملا، من ناحية مواصفاته وإدارته، ومن ناحية الامكانيات المادية، ومن ناحية الشفافية، لأنه أيضا مشروع أساسي جدا، لأن المواطن ما عاد لديه الثقة في إدارة الكثير من الأمور، ومن بينها موضوع النفايات.

"غدي نيوز": ومن يضمن أن لا يتكرر ما حصل في مطمر الناعمة؟

ميشال موسى: المفترض أن تكون المطامر ضمن المواصفات التي تحدثنا عنها، بمعنى ألا تكون خيارات الضرورة، تتذكرون أن موضوع "سوكلين" عندما تم تأسيسها كنا خارجين للتو من حرب، وكانت هناك أزمة نفايات في الشوارع، وكان هناك هذا الخيار، أي وُضع الناس أمام خيار واحد، وقد يكون محضرا قبلا، لكن وُضع الناس أمام هذا الخيار، وبالتالي اضطرت الدولة لأخذ هذا الخيار الذي لم يكن هناك غيره في لحظة من اللحظات، والمؤقت المستمر، وبالتالي اليوم يجب أن تكون هناك خيارات سليمة، يعني كل هذا الانتظار يجب أن يوصل إلى مكان تكون فيه الخيارات سليمة ضمن المواصفات البيئية، الجيولوجية، البعد عن الناس والأحراج والمياه الجوفية، ويبقى أن يكون هناك دولة تراقب هذه الأمور.

"غدي نيوز": وماذا عن دور البلديات؟

ميشال موسى: للبلديات دور أساس في المراقبة والمتابعة، لكن البلديات ليس لديها إمكانيات كبيرة، والمراقبة يجب أن تتأمن من خلال سلطة مركزية، وليس ثمة ما يمنع أن تكون هناك رقابة ثانية وهذا ما يجب أن يكون، وبموضوع اتحادات البلديات هي معنية بشكل مباشر أمام ناسها بصحتهم وبحسن سير الامور في هذه المطامر، بمعن أن يكون هناك مستويان من الرقابة، رقابة الدولة المفروض أن تكون رقابة دائمة لان الاموال في النهاية هي أموال عامة، ورقابة البلديات، إن كان البلديات أو اتحاد البلديات الذي لديه سلطة وإمكانيات مادية أكبر.

"غدي نيوز": من موقعك كوزير بيئة أسبق وكنائب حاليا، كيف تنظر الى المشاريع التي تم تقديمها سابقا ومن بينها الـ Waste To Energy؟

ميشال موسى: هناك الكثير من البرامج والآراء، ولا أحد قادر بالمطلق أن يحسم في هذه المواضيع، لذلك أقول أنه كمرحلة أولى لنؤمن إزالة النفايات من الشوارع، وأي خيار سنلجأ اليه ستنتج عنه عوادم لا يمكن استخدامها في انتاج الطاقة ولا بد من وضعها في مطامر، وبالتالي هذه المطامر لها دور ملح جدا الآن، ولها دور لاحقا أيضا في استقبال العوادم كما أسلفنا، وهذا يتطلب وقتا من أجل اتحاذ خيارات، وهذا أصعب ولدى الناس نظريات قدر ما تريدون، كل واحد لديه نظرية، ومع التطور التقني السريع الحاصل يجب ألا يكون هناك تخوف، وهذا الامر يجب أن يكون خاضعا لمقاييس علمية، وليس الى مقاييس استنسابية.

"غدي نيوز": الا ترى أن على وزارة البيئة أن تضع مثل هذه الشروط ...؟

ميشال موسى: طبعا، ووزارة البيئة وضعت شروطا، وهناك خطط موجودة، ما ينقصنا هو القرار السياسي، وأن ترتقي الامور الى مستوى الاولويات في مجلس الوزراء، وهذا ما كنا نقوله سابقا، ويجب أن نذهب إلى خيارات تنقذ البلد من هذه الكارثة.

"غدي نيوز": وماذا عن المناكفات داخل مجلس الوزراء، فعلى سبيل المثال وزير التربية أحضر محرقة إلى ضهور الشوير وتم تشغيلها، وطلب وزير البيئة ايقافها لانها لا تستوفي الشروط البيئية...

ميشال موسى: لا يمكن أن اعطي جوابا على موضوع لا اعرف عنه جيدا، لكن ما أود أن أقوله أن هذه المناكفات هي جزء من الارباك العام الذي نعيشه في البلد اليوم، وما نؤكد عليه هو الذهاب الى وضعية متكاملة لحل مشكلة النفايات، وهناك اليوم الكثير من المعامل الموجودة اليوم، ومنها معمل صيدا، ويعمل بعقد بين اتحاد بلديات صيدا والزهراني والمعمل، وهذه المنطقة لم تشعر بالمشكلة لان لديها طريقة عمل جيدة لا احد يشكو منها، خصوصا وأن العمل يجري وفق تقنية مهمة لا يصدر عنها "الميثان" والديوكسين"، ولكن نحن نتحدث عن هذه الازمة التي طمرت البلد.

"غدي نيوز": يبقى ثمة سؤال، لدى "جمعية غدي" برنامج: المدرسة الخضراء، الاستاذ الاخضرة والتلميذ الاخضر، فضلا عن التوجه الى المدارس لتعميم التربية البيئية، لكن لا يمكننا تعميم هذه التجربة لعدم وجود قوانين، خصوصا وأن هدفنا ادخال البيئة في البرامج التعليمية، كيف يمكن مساعدة الجمعيات البيئية ومن ضمنها "جمعية غدي" لجهة تشريع قوانين في هذا المجال؟

ميشال موسى: القانون 444/2002 يلحظ عمل التوعية والتعاطي مع المدارس بمواضيع البيئة، و"جمعية غدي" تذهب للمدارس بشكل مباشر، ومنذ فترة طويلة من الزمن، وهذه القوانين لم تطبق اليوم للاسف فهي موجودة من سنة 2002 ومراسيمها التنظيمية تنتظر وتطبيقها متعثر كما هو حال أغلب القوانين، لكن "جمعية غدي" من الجمعيات التي بادرت بالذهاب باكرا الى هذا الموضوع، أنا برأيي هناك يجب أن ترتقي المواضيع إلى مستوى أول في مجلس الوزراء من أحب إقرارها، لكن للاسف، مثل هذا الأمر غير موجود في ظل الارباك على مستوى الدولة والخلاف على آليات العمل والمناكفات الموجودة، لكن - برأيي - هناك طريقين، طريق التوعية وهو أساسي جدا، لان هناك ثقافة يجب ان تدخل في عقول الناس، وهناك طريق القانون وهو طريق قاس وهو أقصر طريق للتعليم على ثقافة البيئة، أي العقاب الموجع من خلال محضر ضبط، وأنا أقول أن موضوع التوعية مهم جدا وخصوصا في المدارس، وأن يكون جزءا من المنهج الدراسي وليس ترفا، خصوصا وأن أطفال اليوم هم أجيال الغد، وبالتالي هذا موضوع مهم جدا، و"جمعية غدي" بدأت باكرا تفكر تفكيرا صحيحا على هذا الطريق، وعسى أن تدخل هذه الثقافة الى عقول الناس مثل كل الدول المتقدمة.

"غدي نيوز": هل ثمة كلمة أخيرة؟

ميشال موسى: أود أن أقول أن البيئة هذا المنسي الأكبر من واجب الكل مساعدته على تطبيق أشدد على قانون حماية البيئة 444/2002 لأنه مهم جدا، وأن تعطى صلاحيات لوزارة البيئة لتكون قادرة على أن تفرض نفسها على كل ما هو مخالف للبيئة.

 

أحرى الحوار – فادي غانم
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن