اليكم سر شكسبير بعد 400 سنة على وفاته..

Ghadi news

Wednesday, April 27, 2016

fiogf49gjkf0d

''غدي نيوز''

لاحظ باحثون بمناسبة مرور 400 عام على وفاة شكسبير أن شعبيته اليوم أكبر منها في أي وقت مضى منذ تاريخ رحيله عام 1616.

قامت الانترنت بدورها في ترويج أشهر شاعر وكاتب مسرحي باللغة الانكليزية ولكنها انتجت بالمقابل جبالا من المحتوى البديل الأكثر معاصرة يمكن الاختيار منه.  ورغم وفرة البدائل هذه فان شكسبير تربع على القمة ، وليس قمة الانترنت وحدها حيث بلغت عمليات البحث عددا نشأت معه محركات بحث متخصصة بشكسبير حسب الطلب، بل نجد شكسبير جالسا على رفوف متاجر بيع الكتب في افريقيا وعلى الكومبيوترات المحمولة في البلدان الاسكندنافية وعلى خشبة المسرح وسط الأدغال.  وتُسمع كلماته في اغاني موسيقى البوب وتُقتبس في الأفلام وتُقال في الشوارع.

قل عبارة "تكون أو لا تكون" بأي لغة في أي بلد وسيعرف أهله انك تنقل كلام شكسبير.  وينقب كتاب الروايات البوليسية واصحاب المال والأعمال ومدربو الفرق الكروية والمحامون كلهم في قاموسه بحثاً عن عنوان جذاب أو تعبير مناسب لاستخداماتهم. 

ويثير هذا تساؤلات عن اسباب شعبية شكسبير المتزايدة بعد اربعة قرون على وفاته وكيف بقيت اعماله وازدهرت حتى انه اصبح نجماً عالمياً مشهوراً فيما أفلت نجوم عاصرته.

ليس هناك كاتب على كوكب الأرض لأعماله حضور يومي في النتاجات المسرحية بقدر اعمال "بجعة نهر ايفون" كما سماه مجايله بن جونسون في اشارة الى نهر ايفون الذي تقع مدينة ستراتفورد ، مسقط رأس شكسبير ، على ضفافه.  فان حياة الرجل وكلماته تعيش في حياة مليارات البشر.  

ويرى الممثل الشكسبيري الشهير سايمون راسل بيل ان مرونة مسرحيات شكسبير وقدرتها على التكيف تضمن احتفاظها بحيويتها وصلاحيتها في كل زمان ومكان. 

ونقلت بي بي سي عن راسل بيل انه "ليست هناك قواعد مع شكسبير".  ثم يروي النكتة القديمة عن مخرج كبير يوبخ ممثلا ناشئاً بالقول "هناك الف طريقة لتمثيل دور هاملت ولكن طريقتك هذه ليست واحدة منها".

ويبدو ان شكسبير تمكن من صنع شخصيات ثلاثية الأبعاد ذات صدقية عالية يمكن ان تتحول بطرق لا تُحصى.  ويقول راسل بيل ان شخصيات بيل "مضيافة جدا" تجاه الممثلين. 

ويصح الشيء نفسه على مسرحياته التي يقول الكاتب اندرو ديكسون انها تتسم بانفتاح على عدد لا يحصى من التأويلات.  وانها كُتبت لكي "يُعاد اختراعها" لأسباب منها اختلاف جمهورها وتعدده حين كُتبت في الأصل.  فبعد الظهر كان شكسبير يجد عمله يُقدَّم في البلاط الملكي وفي اليوم التالي يُقدَّم العمل نفسه امام العامة وسط لندن.  ولكن الأهم ان مسرحياته كانت في احيان كثيرة تبدأ حياتها في مكان آخر ولم تكن دائماً مسرحياته هو.

ويقول البروفيسور غوردن ماكمولان مدير مركز شكسبير لندن في كلية كنغ في العاصمة البريطانية ان شكسبير "كان اولا وقبل كل شيء مقتبِسا فهو يقتبس روميو وجوليت بوصفها قصة عمرها قرون أخذها شكسبير وأعاد كتابتها".  واضاف ان هذا لا يعني اتهام شكسبير بالسرقة الأدبية بل "انه اعتمد اعتماداً كبيراً على اعمال موجودة مسبقا".

وكانت المزاجية من سمات شكسبير يضيف أو يحذف استجابة لنزوة عابرة ، فيما كان التنوع توابل حياته الأدبية بكتابة نصوص متعددة لمسرحية واحدة (هناك على الأقل ثلاث مخطوطات لمسرحية هاملت).

لم يكن شكسبير يعرف الجمود الفكري في عمله بل إذا وجد صعوبة في ايجاد المفردة المناسبة أو التعبير المناسب لوصف فعل أو موقف كان بكل بساطة ينحت مفردة أو تعبيراً يفي بالغرض.  وإذا لم يكن متأكدا كيف ينهي فصلا أو مشهدا لم يكن ذلك يؤرقه بل كان يكتب بدائل مختلفة ويحيل المشكلة الى ممثليه لحلها.

وكان شكسبير اوجد السابقة المتمثلة بتفصيل النص على المقاس الذي يعجبه فاتحا الطريق للكتاب والممثلين والمخرجين من بعده وكأنهم يقول لهم لا تخافوا من التقطيع والتعديل والتأويل لدى التعامل مع مسرحياتي.

وهذا ما فعلوه المرة تلو الأخرى.  فان ستيفن سوندهايم وليونارد برنشتاين حولا روميو وجوليت الى المسرحية الموسيقية ثم الفيلم الغنائي "قصة الحي الغربي" .  واستوحى السينمائي الهندي فيشال بهاردواج مسرحية ماكبث لإخراج فيلم عن العصابات الاجرامية اسمه "مقبول" (2003).  وما هذان إلا مثالان من آلاف الأمثلة على اعادة تصوير مسرحيات شكسبير في انحاء العالم.

من الأسباب التي تُساق لتفسير أممية شكسبير ونجاحه خارج وطنه ان كلماته الشعرية كانت تسافر بالدرجة الأولى على اجنحة الامبراطورية البريطانية.  فان مسرحيات شكسبير ، مع توسع الامبراطورية البريطانية في انحاء العالم ، اصبحت أداة مهمة لغسل العقول، وبحسب الكاتب اندرو ديكسون أداة إخضاع ايضا حيث يقول "ان شكسبير فُرض على الأطفال الهنود لغرس الثقافة والقيم البريطانية".  وكانت الفكرة الكولونيالية تقول "علموهم شكسبير وسيصبحون مثلكم". 

واشار ديسكون الى انه كان من شروط التوظيف في الخدمة المدنية الهندية ان يستطيع المتقدم اقتباس مقاطع طويلة من اعمال شكسبير حفظها على ظهر قلب وان هذا كان اختبارا ظل معتمدا حتى عشرينات القرن العشرين. 

ولكن ديكسون يضيف ان الهنود سرعان ما رأوا منافع هذه السلعة الأدبية المصدرة اليهم من انكلترا.  فهم احبوا قصصه ولذلك اعادوا كتابتها بلغاتهم المحلية مع تصوير البريطانيين المتسلطين بما يناسب صفتهم هذه.

وكانت طبيعة مسرحيات شكسبير تجعل مثل هذه التعديلات سهلة. فالعديد منها قصص تجري احداثها في اماكن مجردة بحبكات تصلح للكثير من الثقافات والحالات الانسانية ـ هاملت عن روح الثأر وشاب حائر وعُطيل عن عاطفة الغيرة والليلة الثانية عشرة كوميديا قديمة تقوم على خطأ في الهوية.  وهذا هو الجانب العالمي لأعماله الذي يجعلها بلا زمن وصالحة لكل زمن.

يرى الروانديون ان هاملت قصة انتقام في حين ان بعض رواد المسرح الاميركيين اليوم يعقدون مماثلة بين الملك لير وافول قوة الولايات المتحدة.  ويبدي الصينيون اهتماما بالغا بمسرحية تاجر البندقية لأسباب يقول الكاتب ديكسون انها تعود الى ايام حربهم مع اليابان وشعورهم بتفوقها عليهم.  واعتبر الالمان ان في مسرحية حلم ليلة صيف معنى عميقا يرتبط بالحرب الباردة بسبب الجدار الفاصل في احد مشاهدها الذي يذكرهم بجدار برلين.

لكن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بالكتابة.  ويقول الكاتب البريطاني ويل غومبيرتز ان نصوص شكسبير تتغير حين تسافر حول العالم وان الكثير يمكن ان يضيع في الترجمة ولكن اعماله تبقى مفعمة بألمعيته وتألقه.  فحتى إذا تغيرت الكلمات يبقى المعنى والايقاع.  إذ كان شكسبير راصدا موهوبا للوضع البشري يتمتع ايضا بمهارات ادبية لصوغ ما يرصده في كلمات ترددت اصداؤها في انكلترا الاليزابيثية اولا ثم في ارجاء العالم.

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن