المعركة في مواجهة السرطان مستمرة: نجاحات وإخفاقات

Ghadi news

Friday, May 26, 2017

هل تسرّع أدوية السرطان "القوية" من تفشِّي الأورام؟

"غدي نيوز"

 

ما يزال الإنسان يقود معركة القضاء على مرض السرطان، وهي معركة بدأت منذ نحو ألفي سنة، وقد استخدم وسائل علاج كثيرة، بعضها أثبت جدواه في حين أخفق بعضها الآخر.

في جديد التقنيات المعتمدة لمواجهة المرض، ما يصفه العلماء بـ "الأدوية القوية" التي تحفز وتقوي جهاز المناعة، للقضاء على السرطان لدى بعض الأفراد الذين يعانون من المرض في مراحله المتقدمة. وعلى الجانب الآخر، هناك دراستان - تم إجراؤهما مؤخرا تشيران إلى أن هذه العلاجات، التي تُدعى "مثبطات بي دي-1"، ربما تعطي نتائج عكسية في بعض المرضى، عن طريق إذ تسرع من تفشي السرطان. وهو ما يريد العلماء الآن معرفة سببه.

هذا ما خلصت إليه دراسة حديثة نشرت نتائجها في دورية "ساينس" Science العلمية، وأشارت إلى أنه "على الرغم من أن الدراسات الأخيرة محدودة جدا، وغير كافية لإقناع الأطباء بتغيير طريقة علاجهم للمرضى، فإنها أثارت الدعوات إلى إجراء تجارب إكلينيكية على نطاق أوسع، من أجل اسكتشاف كيفية تَسَبُّب أدوية العلاج المناعي - التي تهدف في الأصل إلى كبح جماح الأورام - في تحفيزها، بدلا من ذلك.

 

مبدأ التجريب المباشر

 

يقول إيلاد شارون، الباحث في مجال علاج السرطان بـ "المعهد الوطني الأميركي للسرطان"، في ولاية ميريلاند: "في ظل هذه الإحصائيات ضيقة النطاق، دائما ما يراودك الشعور بالحيرة. فما نحتاجه - على حد قوله - هو إجراء دراسات أوسع نطاقا، توفِّر صورا للأورام لعرضها على علماء في الخارج. ويريد أيضا مِن الباحثين في مجال علاج السرطان أن يوسِّعوا دائرة بحثهم بحيث تتجاوز تخصصاتهم، إذ يقول: "ما يجب أن نفعله على الأرجح هو زيادة تبادل ومشاركة المعلومات مع الفروع الطبية الأخرى المعنية بجهاز المناعة".

فعلى مدار الخمس سنوات الفائتة، أحدثت العلاجات المناعية ثورة في علاج بعض السرطانات العنيدة. وكانت لبعض هذه العلاجات آثار جانبية حادة، إلا أن الآثار الجانبية لمثبطات بي دي-1 كانت خفيفة نسبيًّا.

وتقول رازيل كورزروك - الباحثة في مجال علاج السرطان، والطبيبة في جامعة كاليفورنيا بسان دييغو - إن ذلك قد أدى ببعض الأطباء إلى إعطاء مثبطات بي دي-1 لمرضى السرطان الذين جربوا جميع أنواع العلاجات الأخرى، حتى ولو لم تظهر فاعلية العلاج المناعي مع المرض على نحو أكيد. وتستطرد كورزروك بقولها: "وحتى لو كانت هناك احتمالية ضعيفة للاستجابة، فإن وجود الاستجابة في حد ذاتها لشيء رائع. لقد اتبعنا في هذا الإجراء مبدأ التجريب المباشر".

 

دراسة نظامية

 

وفي أحد الأيام، قارنت كورزروك ملاحظاتها بملاحظات زميل لها، لتكتشف أن كلا منهما يعالج مريضا نَمَت لديه الأورام بسرعة غير عادية في أثناء العلاج بمثبطات بي دي-1. وعاد زميلها لاحقا بعد بضعة أيام ليقول إن المريضين يملكان الطفرة الجينية النادرة نفسها، المتمثلة في وجود نُسَخ إضافية من الجينين المسبِّبَين للسرطان، وهما: (MDM2، وMDM4).

بدأت كورزروك في جمع الحالات المرضية الخاصة بأفراد تطورَت أورامهم تطورا سريعا بعد العلاج المناعي. وحتى بعد جَمْعها لأمثلة من مختلف المصادر، شعرت بالقلق حيال نشر النتائج التي توصلت إليها. تقول: "قلنا في أنفسنا: مَن سينشر مثل هذه النتائج؟ لن يصدقنا أحد".

واجه شارل فيرت - اختصاصي الأورام في معهد فوستاف روسي في فيلجويف بفرنسا - المشكلة نفسها. وقد شهد اجتماعا، كان لبعض الأطباء فيه ردود فعل غريبة تجاه العلاج باستخدام بروتين بي دي-1. يقول: "قال بعض الأصدقاء والزملاء إنهم عالجوا مرضى بسرطان الرئة بهذا الدواء، وانفجر الورم بالكامل في غضون أسبوعين".

ولذا، قرر فيرت وزملاؤه البدء في إجراء دراسة نظامية لنمو الأورام لدى مرضاهم. ونشروا نتائجهم في تشرين الثاني الماضي، حيث وصل 9 بالمئة من المرضى الذين خضعوا للعلاج بمضاد بي دي-1، والبالغ عددهم 131 مريضا، إلى مرحلة "شديدة التقدم" من المرض، مع نمو الأورام لديهم على نحو متسارع. وبدت هذه الظاهرة أكثر شيوعا في الأفراد الأكبر من 65 عاما.

 

نتائج عكسية

في 28 آذار الماضي، نشرت كورزروك وزملاؤها بيانات عن 155 شخصا خضعوا للعلاج بمثبطات بي دي 1، وغيرها من العلاجات المناعية الأخرى، إذ وجدوا نُسَخًا إضافية من جين MDM2 أو MDM4 في 6 من المرضى، وطفرات في 10 منهم في جين يُسمى EGFR، وهو جين مرتبط بالإصابة بالسرطان. ومع أن الفريق لم ير أن هناك أية صلة بين العمر وسرعة تدهور الحالة المرضية، فقد لاحظ أن الأورام تنمو على نحو أسرع في أربع حالات لمرضى لديهم نُسَخ إضافية من جين MDM2، أو MDM4، وفي حالتين لمريضين لديهما طفرات في جين EGFR.

ولا يزال الفريقان يحاولان فَهْم تَسَبُّب العلاج المناعي في نتائج عكسية في مرضى السرطان. وتخمِّن كورزروك أن الأدوية ربما تُطْلِق العنان لبروتينات يُطلق عليها "عوامل النمو"، من شأنها تنشيط أورام معينة. ومن ناحية أخرى، يتساءل شارون عما إذا كان من الممكن التوصل إلى حل لهذه المعضلة من الأبحاث التي تُجرى حول تأثيرات بروتين بي دي-1 على الأمراض المعدية. وقد أوضحت دراسات سابقة أن تثبيط البروتين يمكن أن يستحث استجابات مناعية لمكافحة بعض الفيروسات، إلا أنه يقمع استجابات أخرى للمتفطرة المسؤولة عن الإصابة بمرض السُّل.

ويقول شارون إنه حتى الآن، ما زالت لا توجد أدلة كافية للتأكيد على أن النمو السريع للأورام يرجع إلى العلاج المناعي. ويضيف قائلا إن المقاييس التي استخدمها فريق فيرت لدراسة نمو الأورام لم تُختبر بعد على نطاق واسع، ليتم استخدامها في الدراسات الإكلينيكية. وفي النهاية، يتساءل: "ماذا لو حدث مثل ذلك مع أدوية أخرى، ولم نكن نُجْرِي أبحاثًا عليها؟".

وبذلك يتفق فيرت مع ما تم التوصل إليه بخصوص أن الأدلة ضد العلاج المناعي ليست قوية على نحو كافٍ، بما يدعم تغييرات جذرية في كيفية علاج المرضى. ويؤكد: "سوف أستمر في وصف هذا العلاج للمرضى الطاعنين في السن، مع إيلائهم اهتماما خاصا".

 

بتصرف عن دورية "ساينس" Science

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن