إكثار المها العربي... استعادة لثقافة وتراث وهُوية

Ghadi news

Thursday, June 15, 2017

إكثار المها العربي... استعادة لثقافة وتراث وهُوية

"غدي نيوز"– إعداد إيليسيا عبود

 

في ستينيات القرن الماضي انقرض غزال "المها العربي" من معظم موائله في شبه الجزيرة العربية، بسبب الصيد الجائر بالدرجة الأولى، إذ لم تكن ثمة قوانين ترعى وتنظم وتحمي الحياة البرية، فضلا عن التوسع العمراني وعوامل عدة، لكن في عقدي الثمانينيات والتسعينيات، بادرت دول الخليج، ولا سيما منها الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية إلى تبني خطط وبرامج بالتعاون مع مراكز أبحاث علمية دولية، لاستعاة هذا الغزال النادر.

وطالما تغنى الشعراء العرب منذ العصر الجاهلي بـ "عيون المها" في وصف جمال عيون الحبيبة، في استعارة عكست جمال عيون هذه الفصيلة الرائعة من الغزلان النادرة في العالم، حتى باتت جزءا من الموروث الثقافي في شبه الجزيرة العربية.

 

مهدد بالانقراض

 

ورغم كل الرعاية التي حظي بها، ما يزال المها العربي نوعا مهددا بالانقراض، ومصنفا ضمن الدرجة الأولى من الحيوانات الداخلة في نطاق "حماية الاتفاقية الدولية لحظر الإتجار بالأنواع المهددة" (CITES)، وكانت هذه الغزلان قد انقرضت فعليا من البريّة في عقد سبعينيات من القرن العشرين، عندما قتل آخر حيوان في صحراء الربع الخالي على الحدود السعوديّة - العمانيّة. وقد أعيد إدخال المها العربي إلى بعض موائله الطبيعيّة منذ ثمانينيات القرن ذاته، بعد أن تم إكثاره في حدائق الحيوانات والمحميات الخاصة، إلاّ أن نجاح هذه العمليّة كان متفاوتا.

 

هيئة البيئة في أبوظبي

 

ولعبت هيئة البيئة في أبوظبي، دوراً هاماً في هذا المجال، حتى أصبحت الإمارات موطناً لأكبر عدد من المها العربي في العالم، حيث يتواجد فيها الآن 6200 رأس من المها العربي معظمها في العاصمة أبوظبي، كما تلعب هيئة البيئة دوراً محورياً على المستوى الدولي في المحافظة على المها العربي من خلال الاستراتيجية الإقليمية لصون المها العربي، التي تم إعدادها تحت مظلة اللجنة التنسيقية لصون المها العربي، بالتعاون مع حكومات العديد من دول الانتشار، التي تضم البحرين والأردن والسعودية والكويت وعمان وقطر وسوريا واليمن.

ويعتبر المها العربي، أحد أكبر الثّدييات في المنطقة العربية، وجزءاً مهماً من تراثها عبر التاريخ، وهو أحد أنواع الظباء كبيرة الحجم، ويبلغ وزنه نحو 120 كلغ وطوله نحو 1.5 متراً.

 

قدرة خارقة على اكتشاف المياه

 

يعرف المها العربي باسم Arabian Oryx، أما الاسم العلمي فهو Oryx leucoryx، وهو حيوان نباتي يتغذى على الاشجار والبراعم والاعشاب والفاكهة والجذور، ويستطيع حيوان المها العربي العيش لعدة اسابيع بدون الحصول على الماء، كما ان لديه قدرة خارقة على اكتشاف المياه من مسافات كبيرة واماكن سقوط الامطار.

يعيش المها العربي في جماعات متوسطها عشرة افراد، ولكن تم تسجيل بعض الجماعات التي تصل عددها الى 100 فرد، وموسم التزاوج عادة ما يكون في الفترة من شهر تشرين الاول (اكتوبر) حتى شهر أيار (مايو)، ومدة حمل انثى المها العربي تصل الى 240 يوما، وتنجب الانثى صغيرا واحدا ويفطم الصغير بعد مرور 4.5 شهر.

ولا يتعرض حيوان المها العربي لتهديدات سوى من البشر والذئاب التي تقوم بمهاجمتها وقتلها، وجدير بالذكر ان حيوان المها العربي يعد الحيوان الوطني في كل من الاردن وقطر والامارات.

 

محمية المها العربية

 

استوطن حيوان المها العربي او ما يعرف عند أهل البادية في سلطنة عمان ودول مجلس التعاون الخليجي بـ "بن سولع" براري وسهول السلطنة منذ قدم التاريخ لما وجده في هذه الاماكن من بيئة رعوية وحياه فطرية تتلاءم مع حياته المعيشية وملاذاً آمناً للتكاثر.

ومن حسن الطالع أن المنظمات البيئية الدولية المعنية بصون الحياة الفطرية آنذاك (فاونا آند فلورا انترناشيونال بالمملكة المتحدة) قامت في مطلع الستينيات بإطلاق حملة امساك المها العربية من البراري حيث تنبأت بانقراضها في حالة عدم التدخل وهو ما حصل بالفعل بعد عشر سنوات تقريباً.

ونجحت الحملة العالمية في الإمساك بعدد 4 رؤوس من المها العربية وإرسالها للتكاثر مع القطيع العالمي الذي تم تجميعه من البلدان العربية إلى حديقة بالولايات المتحدة الأميركية، وفي الربع الأخير من سبعينيات القرن الماضي أمر السلطان قابوس بن سعيد بإطلاق مشروع إعادة توطين المها العربية في موطنها الأصلي في براري وصحراء محافظة الوسطى في السلطنة، حيث وصلت أول دفعة من قطعان المها العربية عام 1980، وكانت جدة الحراسيس (وادي جعلوني) آنذاك الموقع الذي تم اختياره لمشروع إعادة توطين حيوان المها العربية وإنشاء محمية طبيعية لصونه وقد سميت بـ "محمية المها العربية".

 

في سلطنة عُمان

 

وفي حديث لـ "وكالة الانباء العمانية" قال الدكتور منصور بن حمد الجهضمي مدير إدارة الشؤون البيئية والمها العربية بمكتب حفظ البيئة التابع لديوان البلاط السلطاني إن المها العربية حيوان أليف يعيش في براري و صحاري السلطنة منذ قديم الازمنة، ويطلق عليهاً محلياً مسميات عدة منها (ابن سولع) وفي بعض الدول العربية بـ (الوضيحي) لكونه ابيض اللون وواضحاً للمشاهد من مسافات بعيدة، وهو من الحيوانات العربية التي عرفها الانسان في شبه الجزيرة العربية وصاغ حولها الاشعار في مجالي الغزل والوصف وتشبهها قصائد الادب العربي القديم بجمال النساء، وهي منتشرة في السلطنة وعدد من دول شبه الجزيرة العربية كاليمن والسعودية والإمارات وقطر كما أن لها تواجداً في مصر والأردن.

الجدير بالذكر ان محمية "الكائنات الحية والفطرية" بمحافظة الوسطى في سلطنة عمان تشكل أكبر مساحة من بين المحميات الخمس التي يشرف على إدارتها مكتب حفظ البيئة وهي (محمية الكائنات الحية والفطرية بمحافظة الوسطى – محمية السرين الطبيعية – محمية رأس الشجر الطبيعية – محمية خور صلالة الطبيعية – ومحمية الخوير الطبيعية)، وتبلغ مساحة محمية الكائنات الحية والفطرية بمحافظة الوسطى حوالي 2824 كيلومتراً مربعاً، كما أنها تعنى في المقام الأول بإعادة توطين والحفاظ على حيوان المها العربي، ويوجد فيها أنواع مختلفة من الحيوانات البرية كالغزال العربي وغزال الريم والوعل النوبي والثعلب الأحمر والوشق الصحراوي، وتتميز المحمية بتشكيلات جيولوجية وصخرية نادرة وغطاء نباتي صحراوي وأنشطة بشرية تعيش داخل حدود المحمية.

 

غدي نيوز - الأسبوع العربي - وكالة الانباء العمانية - موقع هيئة البيئة في أبو ظبي ووكالات

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن