البروفسور نمر لـ "غدي نيوز": إعلان حالة طوارئ لمواجهة يباس الصنوبر!

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Wednesday, June 21, 2017

البروفسور نمر لـ "غدي نيوز": إعلان حالة طوارئ لمواجهة يباس الصنوبر!

"غدي نيوز" - سوزان أبو سعيد ضو

      

يعتبر لبنان مركزا هاما للتنوع الحيوي Hot Spot فريدا من نوعه، ويتميز به عن محيطه المتوسطي نظرا لتضاريسه وجغرافيته المميزة، كونه يجمع بين موائل مختلفة لكائنات متنوعة، إلا أن التغير المناخي، فضلا عن الدور البشري والإمتداد العمراني، ساهمت جميعها في تهديد هذه الموائل، فضلا عن انخفاض أعداد كائنات على حساب أخرى، ما أثر على التوازن الحيوي والنظم البيئية المتعددة، ما يشير إلى تغيرات خطيرة، بدأت تطاول مجموعة هذه النظم الغنية.

       وتنال شجرة الصنوبر القسط الأكبر من هذا التهديد، خصوصا مع تفاقم ظاهرة يباس الأشجار، وقد غدت شائعة في العديد من المناطق، وسط تهديدات غير مسبوقة وضعت هذه الثروة الطبيعية أمام مفترق خطير، وإذا لم نبادر إلى معالجة المشكلة فسنخسر قريبا مساحات خضراء شاسعة، ومرفقا اقتصاديا مهما، خصوصا وأن الصنوبر يعتبر قطاعا منتجا، فضلا عن أهميته البيئية والمناخية.

 

البروفسور نمر

 

وفي هذا السياق قال الباحث في علم الحشرات وبيئة الغابات، العميد المشارك في قسم الهندسة الزراعية في جامعة الروح القدس الكسليك والأستاذ المحاضر في الجامعتين الأميركية واليسوعية البروفسور نبيل نمر لـ ghadinews.net: "يعتبر لبنان مركزا هاما لتنوع الحشرات في المنطقة، فلدينا 125 نوعا، واكتشفنا مؤخرا نوعا جديدا، ولمجرد المقارنة، فإن بلدا مثل السويد مثلا تقدر مساحته بحوالي 450 ألف كلم2، أي 45 ضعف مساحة لبنان لديه 120 نوعا فقط، ولكن ثمة توازنا بينها وبين الكائنات الأخرى، إلا أن تغير المناخ والتلوث والتحضر وعوامل أخرى، ساهمت جميعها في تدهور بعض النظم الإيكولوجية".

وأضاف: "أشجار الصنوبر تمثل نظما إيكولوجية فريدة من نوعها، وتصيبها العديد من الأمراض، منها دودة الصندل، وحشرة Leptoglossus occidentalis التي تصيب الأكواز (الثمار)، أما أخطرها وهي المتسببة في يباس أشجار الصنوبر فهي حشرة Tomicus Destruens التي تعاني منها أشجار الصنوبر، خصوصا ما شهدناه في حرش بيروت".

وقال نمر بما يخص حرش بيروت "كون منطقة حرش بيروت محصورة، فقد تمكنا من معالجتها بشكل أكبر، وتضمن إزالة ما يزيد عن 700 شجرة مصابة من أصل 4500 شجرة أي ما يقدر بنسبة حوالي 15بالمئة من الأشجار وهذه نسبة كارثية، لأن نسبة 5 بالمئة هي من دواعي التدخل، ورش مبيدات كل خمسة عشرة يوما، بمادة Lambda-Cyhalothrin، فضلا عن المصائد الفيرومونية طول فترة الصيف حتى بداية تشرين الأول (أكتوبر)، ولذا نعتبر أن الحرش يتعافى ولكننا مستمرون بالمراقبة"، وعن إمكانية أن يكون سبب هذا التدهور الإهمال، قال نمر: "ليس إهمالا على الإطلاق، إنما هو عدم إدراك للمشكلة".

 

دورة حياة الحشرة

 

وأشار نمر إلى أن "الحشرات تشكل 80 بالمئة من المخلوقات على كوكب الأرض، ولديها القدرة على التكاثر بشكل هائل، وتكاثرها يتبع نظاما يتجدد كل فترة تصل بين 10 و18 سنة، تضمن ديمومة نوع من الحشرات على حساب أنواع أخرى، وبالنسبة لحشرة Tomicus فهي موجودة في لبنان منذ زمن بعيد، وقد بدأت بالتحذير من خطرها وضرورة معالجة الآفة منذ العام 2002، وهي من الخشبيات أي أنها تقطن خشب الأشجار، وتتغذى يرقاتها على المنطقة من اللحاء والخلايا الوعائية المسؤولة عن نقل المياه من التربة والغذاء من الأوراق التي تسمى xylem، وهي تتغذى عليه، وفي الحالات الطبيعية لا تؤثر على الأشجار، كون الأشجار الصحيحة لديها مناعة كافية للقضاء عليها، إنما عندما تكثر هذه اليرقات بصورة كبيرة كما يحصل الآن، فهي تقضي على الشجرة بالجوع والعطش، لذلك تعمل على يباس الأشجار".

وقال: "تبدأ دورة حياتها في آذار (مارس) وفقا لحرارة الطقس، أما هذا العام فبدأت في أيار (مايو) بالتزاوج، ولكي نفهم حجم المشكلة، لنعطِ مثلا بسيطا، نشاهد في هذا الوقت من العام أغصانا يابسة ويتساقط بعضها على الأرض، وهو ما تتغذى الحشرة البالغة عليه وهو لحاء الأغصان، لا سيما الأوراق الطرية خصوصا (الطربون)، ولنفرض وجود معدل 3000 حشرة بالغة على الشجرة، وهي أقل معدل للشجرة المصابة نصفها من الإناث، تضع بيوضها في لحاء الشجرة، ويبلغ عدد البيوض لكل منها بين 100 و120 بيضة، تفقس معظمها وتبدأ بالتغذي على اللحاء، أي أننا في نهاية الدورة نصل إلى ما يزيد عن 150 ألف حشرة بالغة، ستعود لتبيض، وتعيد الدورة، وبعد نفاذ الغذاء، أي يباس الشجرة، ستنتقل إلى شجرة جديدة وهكذا، في السنة الأولى قد تصاب شجرة، لتصاب ست أخرى، وبعدها تنتقل لتصاب عشرات الأشجار".

 

تدهور مناعة الأشجار

 

وأشار إلى أنها "ليست عملية تضاعف، ولكنها exponential أي عملية تصاعدية، بأن الحشرة تعطي 100 والـ 100 نصفها أي الإناث ستعطي مئة فلا غرابة أن يصل عددها إلى الملايين بوقت قصير".

وأضاف نمر: "لحسن الحظ أن دورتها سنة واحدة وبعدها تنفق، وإلا فإن الكارثة ستكون أسرع، ولسوء الحظ أولا ليس لديها أعداء طبيعيين سوى نقار الخشب وهو نادر للغاية في بلادنا، كما أن الحالة لا تصيب الصنوبر فحسب، وإن كانت تفضلها، بل تصيب كل شجرة تحتوي جذعا خشبيا، وغاباتنا فيها 12.700 هكتار صنوبر مثمر، و14 ألف هكتار صنوبر بري (يرز) وليست كلها مهددة بنفس الدرجة بل كلما انخفض الإرتفاع وقلت الرطوبة".

وقال: "ليست الحشرات السبب وحده بل أن قلة المتساقطات والجفاف لسنوات عدة متتالية، وتغير المناخ ساهمت بتدهور مناعة الأشجار وهذا المناخ هو الأكثر ملائمة لتكاثر الخشبيات، كما أن التقليم (التشحيل) الجائر، تزيد من ضعف الشجرة وحتى التقليم العادي فالشجرة تفرز مواد تربنتينية تجذب الحشرات، لذا ممنوع خلال الإصابة بهذه الآفة التشحيل".

 

كارثة كبيرة

وأكد نمر أنه "مع إعلان حالة طوارئ وضرورة التبليغ عن كل شجرة يابسة، واستدراك الأمور قبل فوات الأوان، وقد عملنا مع وزارة الزراعة على إعطاء التراخيص بصورة أسرع لإزالة الأشجار اليابسة، واقتلاعها من الأرض، ومعالجتها إما بقشر اللحاء، وتعريض داخل الشجرة للشمس والهواء لتنفق اليرقات، أو لف الجذوع بالنايلون لخنقها، خصوصا في الأماكن التي من الصعب نقل الأشجار فيها أو رش الشجرة المقطوعة بالزيوت الصيفية أو الشتوية لعزل اليرقات وخنقها".

وشدد نمر على "ضرورة أن تتم المعالجة قبل آخر أيار (مايو)، أي قبل أن تصل الحشرة إلى أعالي الشجر وتعمل على قضم لحاء الأغصان والتزاوج، وتتطلب المعالجة في هذه الفترة من العام مصائد خاصة تشبه جذع الشجرة، تجلب من تركيا، ومادة فيرومونية موجودة لدى وزارة الزراعة، وهي مادة alpha-Pinene ومادة - Pinene beta ممزوجة مع مادة الإيثانول، ويبلغ سعرها مع العلاج أقل من 10 دولارات، وتدوم اكثر من 10 سنوات".

ولفت إلى أن "85 بالمئة من الغابات في لبنان أملاك خاصة، فعلى الشخص المحافظة على أملاكه، ولو كنا بالسويد أو وسويسرا يغرم اي شخص إن لم يقطع شجرة يابسة"، وطالب "بتطبيق قانون الغابات الموجود منذ العام  1949 بأن تفرّد الأشجار وإزالة اليابسة منها ابتداء من آذار (مارس)".

وأكد نمر "أن عدم الإتجاه للمعالجة وبأسرع وقت، سيؤدي إلى مشاهدات أكبر من الأشجار اليابسة ومن كافة الأنواع، كما يجب إعادة وضع الدواء داخل المصائد كل ستة أسابيع".

وختم: "إنها كارثة كبيرة، وعلى البلديات واتحاد البلديات التحرك بسرعة وأخذ قرار حازم في هذا المجال، فالحل الأفضل هو قطع الأشجار المصابة وإزالتها من الغابات وعزلها، أما الآن فالعمل على جلب المصائد وتوزيعها، وأتوقع أن تتزايد نسبة يباس الأشجار، بسبب تفاقم أعداد الحشرات، وعلينا استدراك الأمر وإلا ستكون الخسائر باهظة للغاية!".

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن