هل تسبب مرض بنفوق السلاحف البحرية في لبنان؟‎

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, July 4, 2017

هل تسبب مرض بنفوق السلاحف البحرية في لبنان؟‎

"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

 

كنا ننتظر من الجهات المعنية بالأحياء البحرية في لبنان، أن تبادر طوال الأشهر الستة الماضية، إلى تقديم تفسير علمي حيال ظاهرة نفوق السلاحف البحرية على امتداد الشاطىء اللبناني، إذ توالت حالات النفوق على نحو غير مسبوق، خصوصا وأن المواطنين باتوا يبلغون عن مشاهداتهم وتوثيقها عبر هواتفهم النقالة، إلا أن ما شهدناه منذ مطلع العام الجاري طرح الكثير من التساؤلات، وأبقى الهواجس قائمة، خصوصا بعد أن تناهى إلينا أن دولا متوسطية أخرى شهدت مثل هذه الظاهرة.

غالبا ما كنا نشهد نفوقا للسلاحف على شواطئنا، وكانت أسبابها ظاهرة، إن لجهة ابتلاع أكياس النايلون ما يؤدي إلى اختناقها، ظنا منها أنها قناديل بحر، وإن لجهة ارتطامها بمراكب الصيد أو أنها تعلق في شباك الصيادين، إلا أن من بين الحالات الأخيرة، بدت بعض السلاحف سليمة، ما رجح إمكانية تعرضها لمرض قاتل.

 

غياب المختبرات العلمية الحديثة

 

لم نولِ هذا الأمر ما يستحق من أهمية، لا سيما وأن نفوق السلاحف تترتب عليه نتائج كارثية على مستوى النظم الإيكولوجية البحرية، لسبب بسيط وهو عدم تناول أي مرجع علمي لهذه الظاهرة في دراسات محايدة، ولا التنسيق مع الدول المتوسطية التي شهدت نفوقا فوق المتوقع للسلاحف البحرية.

لسنا لنتجنى على مراكز الأبحاث العلمية في لبنان، ونعلم حدود إمكانياتها، وغياب المختبرات العلمية الحديثة على غرار ما هو موجود في تركيا واليونان وإيطاليا وقبرص وغيرها، فضلا عن افتقار هذه المراكز للكادر البشري القادر على المتابعة الميدانية، ونعلم أكثر أن الجمعيات والمؤسسات البيئية المعنية لا تملك إلا ما ندر من إمكانيات، وغالبا ما تلجأ لمراكز أبحاث قريبة في محيطنا المتوسطي.

 

زرع جلد السلاحف في المختبر

 

ما أثار اهتمامنا في هذا المجال، تحقيقا نشره موقع "القوات اللبنانية" أعدته الزميلة كريستين الصليبي، وعنونته: لماذا زرع العلماء جزءا من جلد السلاحف في المختبر؟

هذا التحقيق أماط اللثام عن مرض تتعرض له سلاحف البحر، إذ ظهرت مؤخراً طفرة على جلدها دفعت بالعلماء إلى زرع خلايا من البشرة محاولين الحصول على معلومات عن الطفرة.

وجاء في تحقيق الزميلة الصليبي "هذا الفيروس الغريب والغامض يصيب السلاحف البحرية الخضراء وترافقه أورام ثؤلولية ضخمة، وصرّح خبير أمراض الحياة البرية في الاستطلاع الجيولوجي الأميركي تيري وورك إن هذه الأورام الجراحية هي الأعراض الرئيسية لمرض يسمى fibropapillomatosis (ورم الليفي العضلي). وجدنا هذا المرض في جلد السلاحف البحرية الخضراء في جميع أنحاء العالم. تنمو الأورام في جميع أنحاء أجسام السلاحف لتموت أخيراً بسبب سوء التغذية ومضاعفات الجهاز المناعي".

وقد أدرج الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والأنواع المهددة بالانقراض في الولايات المتحدة "السلاحف البحرية الخضراء" على لائحة الحيوانات المهددة بالانقراض في جميع أنحاء العالم.

 

إختبار دم للفيروس

 

وبحسب المصدر عينه، "منذ حوالي 20 عاما إكتشف الباحثون فيروساً يسمى فيروس الهربس تشيلونيد 5، أو ChHV5، يرتبط غالباً بالورم المذكور أعلاه. ولكن فيروس الهربس لا ينمو ويتكاثر في ظروف المختبر، لذلك لم يستطع العلماء دراسته أو حتى إثبات أنه سبب المرض".

أما الدراسة الجديدة في المختبر التي قام بها وورك وزملاؤه ساعدتهم على رؤية التطور الكامل للفيروس.

كان الإنتاج الفيروسي مثير جدّاً لأنها كانت المرة الاولى التي يستطيع فيها أي شخص  زراعة وإنماء ChHV5 في المختبر. وكان ملحوظاً أيضا أن الفيروس يتكاثر بشكل مختلف عن فيروسات الهربس الأخرى، لكن الأهمّ هو إستطاعة العلماء استخراج ChHV5 وتنقيته للتأكد ما إذا كان يسبب fibropapillomatosis.

ويحاول الباحثون - بحسب الصليبي - حالياً تطوير إختبار دم للفيروس سيخضعون السلاحف له ليكشتفوا إذا كان الفيروس يظهر وينمو في بيئة معيّنة. وهذا ما سيساعدهم على استنتاج المتغيرات البيئية التي تؤدي إلى حدوث المرض، وبعد ذلك سيعملون على تعديل البيئة للحد من ظهوره.

       وبعد متابعة الموضوع، وبحسب المصدر الأصلي، وهو موقع Live Science، تبين لنا أن أهمية هذه الدراسة لا تقتصر على إكثار هذا الفيروس في المختبر قحسب، بل أنها المرة الأولى التي يتم بها استزراع جلد زواحف، وخصوصا جلد سلاحف بحرية في المختبر، وتطلب الأمر تقنيات معقدة ومعدلة ليتمكن الفريق البحثي من النجاح بعملية نمو الجلد بأبعاده الثلاثة في المختبر، وذلك باستخدام خلايا معينة وهي الخلايا الليفية fibroblasts والكيراتينية keratinocytes، ما مكنهم من رؤية الفيروس وهو ينمو في الجلد المستزرع وبأبعاده الثلاثة أيضا، وخلافا لكافة أنواع فيروس الهربس الأخرى التي تنمو على طبقة واحدة من الجلد فحسب!

وسيسمح هذا الأمر وفقا لوورك "بعملية إكثار للفيروس والتأكد بأن هذا الفيروس هو المسبب لهذه الحالة، وإمكانية إجراء فحص دم لمعرفة إن كانت السلاحف التي لا تظهر عليها الأعراض مصابة به، وإن توصلنا لهذا الأمر"، يستنتج وورك " بإمكاننا عندها دراسة العوامل البيئية التي تتسبب بانتقال المرض، ما يمكننا من تعديلها لنقلل من إمكانية انتقاله".

هذا وظهر هذا البحث في دورية "علم الفيروسات"  Journal of Virology العلمية في 14 حزيران (يونيو) 2017.

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن