ملحمة همنغواي اللبنانية... وقائع صيد سمكة تونة ضخمة في طرابلس

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Friday, July 14, 2017

ملحمة همنغواي اللبنانية... وقائع صيد سمكة تونة ضخمة في طرابلس

خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

      

إنه موسم سمك التونة في بحر لبنان، وإن لم تقرأ قبل اليوم رواية "الرجل العجوز والبحر" The old man and the sea للكاتب الأميركي الكبير Ernest Hemingway الحاصل على جائزة نوبل للآداب، فأنت ستقرأها بتوليفتها اللبنانية، ومن منطقة طرابلس، إنما وفقا لتجربة صيادين قرروا مواجهة سمكة التونة المعروفة بشراستها خلال صيدها، فحصلوا بعد صراع على جائزتهم وهي سمكة من نوع "تونة الزعنفة الزرقاء" bluefin tuna، وجائزتهم الأكبر وهي المغامرة و"حمى التونة"، التي يصفونها بالداء الذي لا شفاء منه.

       ضياء قبطان الخبير في مجال الإدارة والصياد الهاوي، روى لـ ghadinews.net القصة وصف فيها صيد سمكة التونة، مطلقا عليها لقب "الجبارة" لشراستها، ومشاهداته خلال رحلة صيد مع صديقه الصياد بسام الجمل، وقال: " تخيل هذا، تخرج في اليوم الأول لاصطياد سمكة تونة من نوع الزعنفة الزرقاء، وفي نهاية المطاف تهزم لصالح السمكة التي تقطع خط الصيد، في اليوم التالي،  تعيد الكرة، وتجهز نفسك بمجموعة من معدات الصيد الجديدة للانتقام لنفسك، ولكن في نهاية المطاف تخسر لصالح تونة زرقاء أخرى، في اليوم الثالث وعلى التوالي تخرج وتخدعك سمكة تونة أخرى".

 

السمكة الجبارة

 

وأضاف: "نصل إلى اليوم الرابع على التوالي وتصبح في حالة نفسية يائسة للغاية أكثر من أي وقت مضى، بهدف صيد سمكة التونة زرقاء الزعنفة "بلوفين" القوية، وتصل إلى درجة في تفكيرك أن كل ما تريده في الحياة هو سمكة "بلوفين" على قاربك، وتفتقد خصوصا صديقك الصياد المخضرم فيصل المجانيني الخبير في صيد التونة، ومن جهة ثانية عليك أن تصطاد في منطقة صغيرة إلى حد كبير، والتجذيف بين أكثر من 20 قارب صيد، ومع اقتراب الليل، ولم يصطد أي من القوارب شيئا، تبدأ بفقدان الأمل، وتسأل نفسك، لماذا أفعل هذا؟ لماذا أحتاج إلى هذا؟ أعتقد أنني كنت مخطئا مع كل هذا".

وأضاف قبطان: "فجأة، تحصل على ما نسميه نحن الصيادون أم الصيد، والفوز بالجائزة الكبرى أو بـ (لوتو) الصيد، فلا تحصل على صنارة واحدة فحسب، بل ثلاث لأسماك (بلوفين)"، ويتابع: "كل شيء يحدث بجزء من الثانية، ينقطع الخط على الصنارة الأولى، وفي غضون دقيقة تفقد الثانية، في تلك اللحظة تبدأ التفكير في أن هذا لا يمكن أن يحدث، وليس هناك مجالا لفقدان الثالثة، وتركز بكل القوة البدنية والعقلية التي لديك للمحافظة على ثالث خط، وتمضي خمس دقائق فعشر، فربع ساعة فعشرين دقيقة، وتبدأ عضلاتك بالإرتجاف متسولة للأوكسجين، ويصبح الجزء السفلي الخاص بك ككتلة واحدة قاسية من الاسمنت، كما تشعر بألم مماثل لما تعانيه المرأة في المخاض".

وقال قبطان: "الآن يمكنك بالكاد التنفس، وكل ما تشعر به أنك الوحيد في مركز الكون، وتمر 40 دقيقة، وتشعر أنك على وشك الإنهزام، عندها أرسل رسالة يائسة لأصدقائي الصيادين عبر الراديو، ومن كان قادرا أن يأتي للانضمام إلي، وجمع قوانا لكسب المعركة ضد هذه السمكة الجبارة".

 

قوة خارقة للطبيعة

 

وأضاف: "بعد 10 دقائق أخرى، يصل فيصل المجانيني، ويقفز في الماء ويسبح نحو القارب الخاص بي مثل البطل الأولمبي، وبعد ثوانٍ، يصل صديقي الذي نلقبه بـ (فيتامين سي) ويسلط الضوء لمساعدتي وفيصل لرؤية أفضل للخط وللسمكة في هذا الظلام الدامس".

وقال قبطان: "دعونا لا ننسى أننا نقاتل سمكة تونة زرقاء الزعانف قوية، وقد ألحقت هزيمة بأفضل الصيادين، وكل المصاعب تواجهك، خصوصا أنك تكافح من أعلى منصة يخت".

وهنا يصل قبطان إلى ساحة المعركة، وقال: "حال وصولي إلى المكان شهدت معركة شرسة، ولألتقط صورا وأشارك معكم هذه اللحظات التي لا تقدر بثمن"، وأضاف: "حاول بسام استرجاع الخط من الصنارة، بينما تابع فيصل قتال السمكة بيديه العاريتين كونها قريبة من مروحة القارب، وأعطاني فيصل خلال 15 ثانية أكثر من 5 تعليمات، إذهب لليسار لا إلى اليمين، إلى الخلف، عد إلى الخلف، إلى الأمام قليلا، وفي غضون لحظات وصلت السمكة إلى السطح وبدأت تضرب بشراسة بذيلها، وهي على بعد سنتيمترات قليلة من الرمح في يد فيصل".

وقال قبطان: "وبوجود الخط بيد حاول فيصل الوصول إلى السمكة وبالرمح باليد الأخرى، وقاتلت التونة بشراسة للبقاء على قيد الحياة، وبدأت بجنون الضرب بجسمها وذيلها للإبتعاد، وسحب فيصل الخط بثبات ويدأ ينادي أي شخص بالجوار لمساعدته للإمساك بالرمح، إلا أنه لا يوجد أحد قربه"، وقال: "هل تعرف تلك اللحظة في الحياة عندما تشعر أن كل شيء في العالم ضدك، وتتدخل قوة خارقة للطبيعة لانقاذك؟ في تلك اللحظة رأيت بأم عيني فيصل يضع كل القوة التي أعطاه إياها الله لسحب السمكة المشاكسة إليه ثم وضعها على منصة القارب".

ولفت قبطان إلى أن "المعركة لم تنتهِ بعد، فالسمكة والصنارة في فمها، بدأت بالقفز عاليا وضرب السطح من الجهتين، وكان فيصل في وضع حرج، وليس هناك مكان يمكنه الإحتفاظ بالتونة، لذلك ما فعله كان احتضانها كما لو أنها طفله، متجاهلا أنه يحتاج إلى حماية نفسه من تلك الصنانير الثلاثية الكبيرة والقاتلة في فم التونة".

 

حمى التونة

 

وقال قبطان: "بعد ذلك، كان الأمر أكثر من مجرد لعبة، ومن معركة عنيفة، إنها تلك اللحظة الفريدة عندما نسي بسام وفيصل أكثر من 30 ساعة من الصيد في ظروف البحر السيئة للغابة، وكل التعب الذي عانوا منه، كانت لحظة انتصارهم، لحظة انتصار أنهم اشتركوا بهذه التجربة ومشاركتها مع أحبائهم، وأصدقائهم، وأولئك منكم الذين يقرأون هذه القصة الآن".

وأضاف قبطان في تحديث جديد لما كتبه سابقا: " هذا ما أسميه (حمى التونة)، وأعتقد أن جميع الصيادين زملائي الذين يقتربون من سمك التونة زرقاء الزعنفة يتم تشخيصهم بهذه الحالة، وبالمناسبة لا يوجد علاج لهذه الحمى، لقد رأيت العشرات من زملائي الصيادين يأتون طول الطريق من بيروت في الطقس السيء للغاية، ويبقون حتى وقت متأخر جدا في الليل في السعي وراء هذه الأسماك الجبارة، إنها كما قال هنري ثورو: (كثير من الرجال يذهبون إلى الصيد طوال حياتهم دون أن يعرفوا أنها ليست الأسماك التي يسعون خلفها)، القصة أعلاه ليست سوى انعكاس صغير من شغفنا في Aqua Sport لرياضة الصيد البحري، إنه الوقت للتغيير، والوقت للبدء برياضة الصيد".

وأوضح قبطان إن وزن هذه التونة بلغ 35 كيلوغراما، إلا أن صيدها كان صعبا، لأن الصنارة علقت في خدها، لذا كان صراعها أشرس.

 

سمكة التونة زرقاء الزعنفة

 

تعتبر التونة زرقاء الزعنفة Atlantic bluefin tuna واحدة من 14 نوعا موجودة في البحر الأبيض المتوسط، اسمها العلمي Thunnus thynnus، وقد يصل طولها إلى أكثر من ثلاثة أمتار، ولتعذر التواصل مع الباحث في البيولوجيا البحرية والأستاذ المشارك في الجامعة الأميركية في بيروت – كلية العلوم، قسم البيولوجيا البروفسور ميشال باريش ووفقا للمرجع الذي أعده على الرابط التالي:

http://www.fao.org/docrep/017/i1276b/i1276b01.htm

 "هي سمكة بحرية pelagic، محيطية ولكنها تقترب موسميا من الشاطئ، وتكون ضمن أسراب، من أفراد متماثلة حجما، وقد تؤلف أسرابا مختلطة من أنواع أخرى، غذاؤها الرئيسي الأسماك، رأسيات الأرجل cephalopods والإربيانات shrimps، وهذا النوع مستهدف بالصيد، ويتواجد في البحر الأبيض المتوسط، وفي شرق وغرب المحيط الأطلسي".

 

       ملاحظة أولى: "يشكر موقع ghadinews.net فريق Aqua Sport – لبنان لرياضة الصيد البحري وجميع الصيادين وأعضاء الفريق، وخصوصا ضياء قبطان، فيصل المجانيني وبسام الجمل على تعاونهم مع الموقع لإتمام هذا المقال".

       ملاحظة ثانية: الصور زودنا بها فريق Aqua Sport.

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن