"غدي نيوز"

فادي غانم*

فيما يخوض الجيش اللبناني واحدة من مآثره البطولية، وهو يجتث بؤر الإرهاب عن تراب الوطن، ويبذل الدم لننعم بالأمن والاستقرار، لا بد من أن نقف اليوم وِقفة تأمل، احتراما وتقديرا لجنود محضوا لبنان الحب حتى الاستشهاد، وهم متأهبون دائما للذود عن حياضه وصون وحدته.

نعم، لنقف وقفة تأمل، بين مشهدين متناقضين، رجال امتشقوا السلاح، يدكون معاقل من ينتمون إلى ثقافة الموت، ويحررون أرضنا المقدسة، وكل واحد منهم يدرك أن الشهادة في سبيل تراب الوطن "شرف وتضحية ووفاء"، وأشباه رجال يحيكون الدسائس طمعا بموقع ومنصب، وتسويق مشاريع تدمر بيئتنا، وتهدد حياة ومستقبل أبنائنا وأحفادنا وأجيال لم تولد بعد.

هذان المشهدان يؤكدان أن النضال واجب، ليس على جبهات القتال فحسب، وإنما على "جبهات" الفساد في بنية الدولة، وهي تقتل مستقبلنا وتقوض مفهوم السلطة العادلة، وتبطل عمل المؤسسات وتعطل القوانين لصالح أصحاب المطامع والنفوذ، ومعركتنا هنا أشد وأخطر، فالعدو الذي يتربص بنا شرا نواجهه بالنار مع وقفة الأبطال، كما يواجه اليوم جنودنا البواسل معاقل الإرهاب في جرود بعلبك، أما العدو الداخلي فمتوارٍ ومحصن بتغطية مسؤول، أو قد يكون المسؤول عينه، وقد وجدنا ملفات كثيرة تمثل بعضا من فضائح يدعمها مسؤولون في مواقع المسؤولية، وزراء ونوابا ورؤساء مصالح وإدارات رسمية.

غدا، يحرر جيشنا الباسل بدماء أبطاله مواقع الإرهاب، لكن من سيحرر مواطن الفساد الداخلي؟ وكيف سندفع عجلة الدولة إلى الأمام؟ وكيف سنسهل للعهد المضي قدما في مسيرة التجديد لصالح دولة قوية قادرة؟ وكيف نؤازر فخامة الرئيس العماد ميشال عون ليتمكن من استئصال بؤر الفساد؟

إن تضحيات الجيش اللبناني، تفرض علينا ليس التغني ببطولاته فحسب، وإنما العمل على محاربة من يدمر بيئتنا، ومن يخرب مؤسساتنا، ومن يهدر المال العام، ومن يستغل موقعه لتمرير صفقات مشبوهة، ومن يزوِّر دواء اللبنانيين وغذاءهم، ومن يلوث الهواء، ويردم البحر، و (...).

إن معركة تحرير الأرض من عدو غاصب، يفترض أن نقابلها بمعركة لا تقل خطورة، ألا وهي معركة تحرير الدولة من الفساد، هكذا نكافىء جيشنا، وهكذا نبني وطنا يتسع لأحلامنا كلبنانيين.

رئيس "جمعية غدي"