"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

       كيف يؤثر الإحتباس الحراري وتغير المناخ في النظام البيئي لأعماق البحار في القطب الجنوبي؟ هذا العنوان أجابت عنه دراسة علمية نشرت في 31 آب (أغسطس) في مجلة "البيولوجيا الآنية" Current Biology العلمية، اعتمادا إلى تجارب تضمنت محاكاة الظروف الفعلية إن ارتفعت الحرارة في المحيطات، ومعرفة تأثيرها في البيئة البحرية وتنوعها، خصوصا في "القارة القطبية الجنوبية" Antarctica.

في السنوات الأربعين الماضية، ارتفعت درجة حرارة المياه السطحية لمحيطات الأرض بنحو 0.4 درجة مئوية في المتوسط نتيجة لتغير المناخ. وإذا استمرت انبعاثات غازات الدفيئة بوتيرتها الحالية، فإن النماذج توقعت أن يصل ارتفاع درجة الحرارة إلى 2 درجة مئوية بحلول عام 2100.

الاحترار الاصطناعي

       غير أن الباحثين لا يعرفون إلا القليل عن الكيفية التي ستستجيب بها النظم الإيكولوجية للمحيطات وتتكيف معها نتيجة لذلك، وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة غيل أشتون Gail Ashton، وهي عالمة في البيئة البحرية marine ecologist في "مركز سميثسونيان للبحوث البيئية" the Smithsonian Environmental Research Center في تيبورون  Tiburonفي كاليفورنيا: "ان الشكوك هي الأكبر في المناطق القطبية حيث لا تتوفر سوى بيانات قليلة في هذا المجال".

       وقد دفعت هذه الفجوة في البيانات أشتون وزملاءها إلى إجراء تجربة الاحترار الاصطناعي في المنطقة القطبية الجنوبية "أنتاركتيكا"، وقد بدأت في العام 2014، عندما حفر الغواصون الخنادق، ووضعت الكابلات وتم تركيب 12 لوحة على عمق 15 مترا تحت الماء ضمن منطقة مسطحة من البحر، بالقرب من "محطة أبحاث روثيرا" the Rothera Research Station البريطانية، في مركز المسح البريطاني في أنتاركتيكا British Antarctic Survey المعروف اختصارا بـ BAS على جزيرة صغيرة قبالة الساحل الغربي لشبه جزيرة أنتاركتيكا، وأجريت التجارب طوال فترة تسعة أشهر، حيث تم تسخين أربع لوحات بحيث كانت الحرارة دائما 1 درجة مئوية فوق درجة الحرارة المحيطة - والتي تتراوح في المنطقة من حوالي -2 درجة مئوية إلى +2 درجة مئوية خلال العام - وأربع تم تسخينها إلى 2 درجة مئوية فوق درجة الحرارة المحيطة، وتركت الأربعة المتبقية غير مدفأة كمرجع.

انخفاض التنوع

       واعتبر الباحثون أن "هذه التجربة هي الأكثر واقعية لاحترار المحيطات حتى الآن"، وذلك باعتبار أن ارتفاع الحرارة بدرجة مئوية واحدة كاف لتعديل نمو بعض الأجناس بصورة كبيرة.

       وبعد عملية احترار لقاع طبيعي في منطقة في المحيط المتجمد الجنوبي بمقدار 1 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية، ما يوازي الاحترار المتوقع في السنوات الخمسين والمئة المقبلة، لاحظ الباحثون تضاعف معدلات النمو من نوع من البريوزوان bryozoan  "فينيسترولينا روغولا" Fenestrulina rugula، وقد هيمن في نهاية المطاف على المنطقة البحرية، ما أدى إلى انخفاض التنوع والتنوع الكلي للأنواع في غضون شهرين، وهذا يعني أن آثار الاحترار في المستقبل قد تتجاوز التوقعات.

       كما أشار الباحثون إلى أن الأفراد من دودة البحر، "رومانشيلا بيرييري" Romanchella perrieri، نما أيضا إلى متوسط حجم 70 في المئة أكبر من تلك في ظل الظروف المحيطة حاليا.

تحدّ كبير للكائنات

       وقالت أشتون: "فوجئت بالنتائج، لم أكن أتوقع فرقاً كبيراً في أعداد ونمو الحيوانات في أنتاركتيكا مع ارتفاع درجة واحدة"، موضحة أنه في المناخات المعتدلة لا يخلف هذا الأمر فرقا كبيرا نتيجة ارتفاع الحرارة، وكان تأثر الكائنات الأخرى مع ارتفاع درجتين أكثر تفاوتاً، كما قال الباحثون مشددين على أن هذا رهن بالسن والمواسم.

       وتشهد الأنواع عموماً نمواً أسرع عندما ترتفع الحرارة في المحيط الجنوبي خلال الصيف، لكن يلاحظ تأثير ذلك أيضاً في آذار (مارس)، عندما تتراجع كمية الأغذية المتوافرة والحرارة المسيطرة.

       وتنبئ هذه التجربة بأن الاحترار المناخي قد يشكل تحدياً كبيراً للكائنات في المنطقة القطبية الجنوبية، كما يقول العلماء، ويؤكدون على أن بعض الأنواع قد تستفيد ومنها Fenestrulina rugula والبعض الآخر قد يتضرر، وينوي الباحثون إجراء هذه التجربة في القطب الشمالي حيث كان للاحترار المناخي تأثيرات كبيرة حتى الآن.

       لقراءة الدراسة إليكم هذا الرابط:

http://www.cell.com/current-biology/fulltext/S0960-9822(17)30952-1?_returnURL=http%3A%2F%2Flinkinghub.elsevier.com%2Fretrieve%2Fpii%2FS0960982217309521%3Fshowall%3Dtrue

       وعلى موقع Nature:

       https://www.nature.com/news/artificial-warming-trial-reveals-striking-sea-floor-changes-1.22543

       المقال على موقع Phys.org.:

https://phys.org/news/2017-08-antarctic-ocean-degree-lots.html