إعتصام في ساحل الكورة في مواجهة معامل الإسمنت... ومشوِّشين!

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Sunday, September 24, 2017

إعتصام في ساحل الكورة في مواجهة معامل الإسمنت... ومشوِّشين!

"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

      

واكب موقعنا "غدي نيوز" ghadinews.net الإعتصام في منطقة الكورة في الشمال، يوم أمس الأول، وقام بتغطية هذا الحدث عبر خدمة البث المباشر في حينه، فالحدث أكبر من مجرد اعتصام، فهو قضية كل لبنان المستباحة بيئته ساحلا وجبلا، فإذا كانت معامل الإسمنت في شكا وجوارها قد حولت العديد من البلدات أرضا للموت لا حياة فيها، فإن جباله ليست في منأى عما يخطط له، مع إصرار بعض النافذين على تمرير مشروع المجمع الصناعي في عين دارة، وهو يضم مصنع إسمنت وسائر ملحقاته الملوِّثة.

ولم نستغرب أن تكون عين دارة حاضرة بنسائها وشبابها وأعضاء من مجلسها البلدي، فالوجع واحد، والموت واحد، في عين دارة المبتلية منذ أكثر من ثلاثين عاما بكسارات لم تبقِ ولم تذر، وفي منطقة شكا التي أعدمت عند أعتاب من لوثوا ودمروا بيئتها.

في موقع الاعتصام كان التخريب واضحا، في ما رصدنا من مشاهد وفي ما انتشر بأجواء المنطقة من غبار ملوث، غطى سيارات المشاركين، حتى أن كثيرين تمنوا لو أن المنظمين أحضروا كمامات وقائية، نظرا لكمية الغبار المشبع بملوثات مصنع الإسمنت.

 

فساد بعض البيئيين

 

       ما أثار لدينا الكثير من التساؤلات، أن البعض ممن هم معنيون بالبيئة في المنطقة غردوا خارج السرب، ولم يقتصر الأمر على المقاطعة فحسب، وإنما روجت إشاعات في رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن الإعتصام أرجىء إلى وقت آخر، وأخرى "أكدت" أنه تم إلغاؤه.

       ليس هذا فحسب، فالبيئيون من مختلف المناطق لم يشاركوا لأسباب غير مبررة، ما يطرح السؤال الآتي: هل الأمر مرتبط فقط بخلافات بين العاملين في مجال حماية البيئة؟ أم أن ثمة سببا آخر؟ خصوصا وأن القيمين على مصانع الموت، وبواقع خبرتهم الطويلة، يعرفون "من أين تؤكل الكتف"، وهذا ملف آخر مرتبط بفساد بعض البيئيين، إذ ليس كل من حمل لواء البيئة بات عنوانا للشفافية والصدق، ولا سيما في لبنان، فالواقع البيئي غير منفصل عن طبيعة النظام بكل مفاسده.

وقد أرسلت رسائل "ألغت" الاعتصام مرارا، ليعود منظموه وليؤكدوا أنه لا زال قائما، ولكن تم تحديد مكانه في المرحلة الأولى على بعد 100 متر من معامل الإسمنت، ومن ثم على بعد 200 متر، ليحاول البعض صباح اليوم السابق للإعتصام وللمرة الأخيرة إلغاؤه، وليعيد منظموه أيضا التأكيد بالصوت والصورة والتحديثات على مواقع التواصل الإجتماعي أنه قائم على الرغم مما رافقه من تشويش.

       ولم يسلم الإعتصام حتى بعد إقامته من التلميحات بأنه "مسيس"، على الرغم من أنه جمع كافة الأطياف السياسية والروحية، وليس هذا فحسب، بل جمع لبنانيين من كافة المناطق والمذاهب والأحزاب والمشارب والأعمار، ولم يرفع علم إلا العلم اللبناني، وتمكن المنظمون على الرغم من كل هذا إقامة اعتصام تميز بسلميته وانسجامه، فضلا عن توافق بين الجميع نظريا وعمليا على ما تخلفه هذه المنشآت الصناعية من آثار وجدها الجميع على ملابسهم ومركباتهم ووجوههم، وقد أكد لنا بعض المعتصمين من الكورة، أنه يوم جيد للغاية، وتندرت إحدى المشاركات، أنها حال وصولها إلى منزلها فقد تتمكن من إزالة كمية من الإسمنت تسمح لها بإصلاح بعض الشقوق في منزلها!

 

من يوزع الشهادات البيئية؟

 

       لم يحضر إلى هذا الإعتصام بعض الوجوه التي اعتدنا رؤيتها في هذه المظاهرات البيئية، وقد علق أحد هؤلاء واصفا منظمي الإعتصام بالبيئيين الجدد، وكأن هناك نية لتقسيم البيئيين أسوة بالطوائف بين بيئيين جدد وقدامى، وكأن هذه الصفة وسيلة للحط من شأن من تظاهر ورفع صوته ضد معامل الإسمنت، وكأن التلوث يميز بين المواطنين والطوائف والبيئيين، وكأن المطالب التي ساقها المتظاهرون في اعتصامهم لا تنسجم مع مبادئ البيئيين المخضرمين، فكل ناشط بيئي نادى ومنذ عقود وخصوصا في منطقة الكورة بالبحيرة الجوفية الملوثة بهذه المعامل، وأن التلوث الناتج عنها، يتسبب سنويا بحالات لا تعد ولا تحصى من الأمراض التنفسية والإصابات القلبية وتشوه الأجنة وغيرها من الأمراض، ومن بينها السرطان، كما أن مواقف وزارة البيئة لجهة محاولة استخدام الـ RDF  كوقود والتمديد للكسارات، أمر لا يقبل به أي بيئي في لبنان، ولا يمكننا أن ننسى ما ساهمت به هذه الصناعة من تدمير للزراعات الكثيرة في الكورة، وبالتحديد زراعة الزيتون التي تشتهر بها المنطقة.

       كما أن توصيف ناشط بيئي بين قديم وجديد، من يقرره؟ فأحد منظمي الإعتصام جورج العيناتي قد زرع وساهم بعمليات تشجير امتدت على مدى عقود، وشملت أكثر من مليوني شجرة وهو رئيس "جمعية مزارعي الزيتون في الكورة"، ورئيس الفرع الزراعي في الإتحاد الوطني العام للجمعيات التعاونية في لبنان، ومنسق تجمع الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون، ونائب رئيس التجمع الديموقراطي في لبنان ورئيس لجنة البيئة فيه، فلا ندري هل التصنيف يشمله كبيئي قديم، أو يعتبر بيئيا جديدا بنظر البعض؟ ومن الذي يوزع الشهادات البيئية، وهل ثمة علامات على الإنجازات البيئية التي حققت في لبنان حتى الآن؟ فإن أردنا أن نعطي شهادات وعلامات فلا يمكننا إلا أن نتجه لاعتبار البيئيين الموجودين سواء قدامى أو جددا مسؤولون وإن كان القدامى يتحملون وزر ما وصلت إليه بيئة لبنان كالمسؤولين تماما إن لم يكن أكثر!

       أمام هذا الواقع، نتساءل: هل ستظل البيئة في لبنان ضحية للمسؤولين والبيئيين، وتقسم الآن بين بيئيين جدد وقدامى، للتمادي في تحويل الشأن البيئي لقمة سائغة أمام المتمولين الذين لن يتوقفوا حتى يصبح كل لبنان ملوثا مثل مناطق صناعة الإسمنت وربما أكثر، وحتى لا يبقى بيت في لبنان إلا ويترحم على أحد قاطنيه (صغارا وكبارا) الذي توفي من مرض السرطان كما في منطقة الكورة!

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن