"غدي نيوز" – إعداد وترجمة سوزان أبو سعيد ضو
وفقا لبحث سويسري حديث يتم إعطاء 80 بالمئة تقريبا، من كافة المضادات الحيوية المستعملة في الولايات المتحدة الأميركية للماشية، من أبقار وخنازير ودجاج، لجعلها تنمو بسرعة أكبر، أو كبديل رخيص للحفاظ على صحتها، وقد تؤدي هذه العقاقير إلى ظهور بكتيريا مقاومة وخارقة تعرف بـ superbugs لا يمكن علاجها، حتى مع أحدث العقاقير من المضادات الحيوية، والأمور تتجه لتزداد سوءا، ففي العام 2013، تم استخدام أكثر من 131 ألف طن من المضادات الحيوية في غذاء الحيوانات في كافة أنحاء العالم، أما بحلول العام 2030، فمن المتوقع استعمال أكثر من 200 ألف طن!
وفي مقابلة مع الصحافية جورجيا غولييلمي Giorgia Guglielmi في موقع "ساينس" Science حول بحث نشره العالم في مجال الوبائيات من معهد "الإتحاد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا" the Swiss Federal Institute of Technology في زيورخ ثوماس ب. فان بويكل Thomas P. Van Boeckel مع زملاء له، تحت عنوان "تقليل استعمال المضادات الحيوية في غذاء الحيوانات" Reducing antimicrobial use in food animals، أجاب عن أسئلة حول الدراسة وعن مخاطر هذه المقاومة التي تنشأ لدى البكتيريا، موضحا "بعض الأمور المبهمة".
وفي ما يلي نص الحوار الذي أجرته "ساينس" مع بويكل:
ما هي التهديدات الناجمة عن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في غذاء الحيوانات؟
بويكل: تستخدم معظم المضادات الحيوية إما لمنع المرض أو لتعزيز النمو، وهذا يعني تعريض الحيوانات السليمة للمضادات الحيوية على مدى فترات طويلة من الزمن، وإذا اكتسبت البكتيريا التي تستعمر هذه الحيوانات جينات مقاومة للمضادات الحيوية، يصبح بالتالي العلاج غير فعال، ويشكل هذا الأمر تهديدا لقطاع الثروة الحيوانية لأنك لا تستطيع أن تبقي حيواناتك صحية، كما أن البكتيريا في أمعاء الحيوانات يمكنها أيضا نقل الجينات المقاومة للميكروبات الضارة للإنسان، نحن لا نعرف بالتحديد حجم هذه العملية، ولكن نظرا لكمية المضادات الكبيرة المستخدمة فلدينا سببا وجيها للقلق، كما أظهر الباحثون في العام 2013، أن الناس الذين يعيشون بالقرب من مزارع الخنازير أو حقول المحاصيل المخصبة بسماد الخنازير يزيد احتمال إصابتهم ببكتيريا المكورات العنقودية الذهبية Staphylococcus aureus bacteria المقاومة للميثيسيلين methicillin-resistant بنسبة 30 بالمئة.
ما هو الدافع وراء دراستك؟
بويكل: اتخذت معظم الدول خطوات من أجل الحد من استخدام المضادات الحيوية في مجال تربية الحيوانات، على سبيل المثال، في الولايات المتحدة لا يمكن استخدام بعض الأدوية في إنتاج الأغذية، ولكن الثغرات في التشريع قد تسمح باستخدام المضادات الحيوية كمادة تحث على النمو، وإذا كنا جادين بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، فنحن بحاجة إلى سياسات أكثر طموحا، وفى العام الماضي طلبت الجمعية العامة للامم المتحدة من الدول الاعضاء اتخاذ اجراءات لمعالجة مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات، لذلك كنا نظن أنه التوقيت الأفضل لدراسة ما إذا كانت السياسات للحد من استخدام المضادات الحيوية في الحيوانات يمكن أن تعمل على نطاق عالمي.
كيف قمتم بهذا العمل؟
بويكل: جمعنا بيانات عن مبيعات المضادات الحيوية وأسعارها في البلدان التي تجعلها متاحة للإستعمال في الإنتاج الحيواني، ثم قمنا باختبار ثلاث استراتيجيات مختلفة للحد من استخدام المضادات الحيوية في كافة أنحاء العالم، الأول هو خفض استهلاك اللحوم: فمثلا في الولايات المتحدة، يأكل الناس في المتوسط 260 غراما من اللحوم يوميا، ومن شأن خفض استهلاك اللحوم إلى 165 غراما من اللحم يوميا أو أربع شطائر هامبورغر سريعة لكل شخص، أن يقلل الاستهلاك العالمي لمضادات الميكروبات بأكثر من 20 بالمئة، ولكن التاريخ الحديث يظهر أن الناس في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل الذين يستطيعون شراء اللحوم يميلون إلى استهلاك المزيد منها، لذلك فإن هذا الأمر لا يمكن أن يكون الحل الوحيد للمشكلة.
ما هي الاستراتيجية الأخرى التي تقترحونها؟
بويكل: في العام الماضي، اقترح )تقرير أونيل(، وهو تقرير عن مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية، معدلا أعلى لاستخدام هذه المضادات لا يزيد عن 50 ملليغراما منها سنويا لكل كيلوغرام من المنتجات الحيوانية، (في الوقت الحالي لا يوجد سقف لاستخدام المضادات الحيوية)، حسبنا أنه إذا طبقنا هذا الحد الأقصى على الصين والدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، يمكننا خفض استخدام المضادات الحيوية بنسبة 60 بالمئة، ويعتبر التحدي الرئيسي هنا هو أنه إذا أردنا أن تعمل هذه التشريعات، فإنها تحتاج إلى أن تنفذ، وهذا يعني تطوير نظام مراقبة، قد يشكل تحديا على مستوى النطاق العالمي.
ما هي الاستراتيجية الثالثة؟
بويكل: يعتبر فرض ضرائب على المضادات الحيوية المستخدمة في الزراعة عندما تخرج من المصنع أو عند نقطة الاستيراد من الحلول المقترحة، والفكرة - التي ليست جديدة - هي جعل المضادات الحيوية أكثر تكلفة حتى يتمكن المزارعون والأطباء البيطريون من استخدامها فقط عند الضرورة، كما وأن فرض ضريبة 50 بالمئة على المضادات الحيوية للحيوانات الغذائية يمكن أن يقلل الاستهلاك العالمي بأكثر من 30 بالمئة، وفي الوقت نفسه يمكن توليد عائدات من 1.7 إلى 4.6 مليار دولار، والتي يمكن استثمارها في البحث عن المضادات الحيوية الجديدة، أو تحسينات على الحالة الصحية لمزارع الماشية.
ما هي الطريقة التي تعتقد أنها الطريقة الأكثر فعالية للحد من استهلاك المضادات الحيوية العالمية؟
بويكل: لا يوجد حلول سحرية أو (رصاصة فضية)، وحلولنا ليست حصرية، ولكن نعتقد إذا تم الجمع بين التدابير الثلاثة وتنفيذها بالكامل، فمن الممكن التقليل من استهلاك المضادات الحيوية بنسبة تصل إلى 80 بالمئة.
ما هي المعوقات التي واجهتكم في الدراسة؟
بويكل: العائق الرئيسي هو أن هناك القليل من المعلومات المتاحة للجمهور عن مبيعات المضادات الحيوية وأسعارها، لذلك كان علينا الاعتماد على بيانات من 38 بلدا جعلتها متاحة، ومن الأهمية بمکان أن یبلغ عدد أکبر من البلدان وصناعة الصحة الحیوانیة عن کمیة المضادات الحیویة التي تباع للحيوانات، وأسعارها، وهذا من شأنه أن یساعدنا علی تقدیر أثر کل استراتیجیة بدقة أکبر.
لقراءة المقال على الرابط الأصلي:
http://www.sciencemag.org/news/2017/09/are-antibiotics-turning-livestock-superbug-factories
لقراءة الدراسة:
http://science.sciencemag.org/content/357/6358/1350