الطالبة جنى فؤاد ضو تنقذ عُقابا مصابا... الوعي قبل القانون

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Sunday, October 15, 2017

جرادي لـ "غدي نيوز": يتغذى على الزواحف والقوارض ويحمي الزراعة

"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

      

       أوصلت الطالبة الجامعية جنى فؤاد ضو رسالة إلى كل من يمارس الصيد البري بذهنية "القتل"، أيا كان نوع الطريدة، رسالة أبلغ بكثير من قانون الصيد في حد ذاته، وأعمق دلالة من خطب وتصريحات المسؤولين ومن يدعون تنظيم وقوننة الصيد، وهي فتحت كوة في جدار الصمت والإهمال والفوضى، لتؤكد أن ثمة جيلا من الشباب يعي جيدا مسؤولياته، وأن الثقافة والوعي هما سبيلنا لتغيير سلوكياتنا و"هواياتنا القاتلة"، لصالح قيم الخير والمحبة والجمال.

       لم تقم جنى بإعداد محاضرات وتنظيم مؤتمرات لمواجهة فوضى الصيد في ظل القانون العتيد، والذي تأكد أنه ليس أكثر من حبر على ورق، وكل ما فعلته أنها قامت ما يمليه عليها ضميرها، وكأنها تعلمنا أن الإنسان إن فقد قيمه ينحدر إلى ما دون الحيوان مرتبة، فالطائر يقتل ليستمر وأما الإنسان فيقتل ليتسلى!

       قبل أيام عدة سقط عقاب على شرفة منزلها، في بلدتها القريِّة في المتن الأعلى، فلم تتوانَ جنى عن إنقاذه وكان مصابا بطلق ناري، واتجهت نحو أقرب عيادة بيطري، وعالجه الطبيب المختص وطهر جراحه وقد له العلاجات المناسبة.

 

ضو: المحافظة على الطيور وحمايتها

 

       وقالت جنى لـ ghadinews.net: "نادتني أمي وقالت لي هناك طائر كبير وقع على شرفتنا، وعندما خرجنا لرؤيته، وجدنا كمية كبيرة من الدماء حوله، والطلقة أصابت رقبته، واعتقدنا أنه نفق، ولكنه بدأ بتحريك جناحيه، فأخذناه إلى الطبيب البيطري الدكتور مايكل المصري في بلدة الشبانية بعد أن حملناه باستعمال منشفة، خوفا من مخالبه ومنقاره، وقد أعطاه حقنة لإيقاف النزيف أولا، ثم أعطاه إبرة مضاد حيوي، وأزال الطلقة التي استقرت في رقبته، وعدنا به نحو المنزل، ووضعناه في قفص كبير، وأبقيناه هناك لأنه لا يستطيع الطيران، ووضعنا له مياه وقطعا من اللحم وفقا لإرشادات الطبيب، ولكنه لم يأكل شيئا، إلا أنه شرب المياه بعد حوالي يومين، وقد حاولنا فتح القفص إلا أنه لم يخرج منه، حتى إننا وضعناه في الحديقة، وكان يتحرك إلا أنه لم يستطع الطيران أبدا، وقد أبقيناه لدينا لأيام، لنعود للإتصال بمركز Animal Encounter، وبقي هناك، وقد اتصلنا بالمركز وأكدوا لنا أنه بدأ يتناول الطعام، ولكنهم لم يستطيعوا التأكيد أنه يستطيع الطيران، ولكنهم سيتابعون وضعه".

       وأضافت جنى: "أثناء قيادتي السيارة، التقيت بصياد، وسألته إن كان هو من قام باصطياد هذا الطائر، فأجاب بنعم، وقلت له، لماذا قمت بهذا الأمر؟ فهذا الطائر لا يؤكل فأنت لم تكتف بصيد هذا الطائر الجميل بل تركته يلقى مصيره، لكي تتسلى، وهل تعرف كم تألم وتعذب؟، وأنه ليس ثمة معنى لاصطياد هذا النوع من الطيور، فرد متأسفا، مؤكدا أنه لن يعيد الكرة"، وقالت: "أنا شخص أحب الحيوانات كثيرا، فنحن محظوظون بوجود هذا العدد الكبير منها، وكمواطنين في هذا البلد دورنا المحافظة على الطيور وحمايتها، لذا وجدت أن من واجبي أن أساعد هذا الطائر"، وأشارت إلى أنها "تعلقت به وأسميته (جاك)".

 

جرادي: عدم الوعي

 

       وتواصلنا مع الباحث في علم الطيور وبيئتها البروفسور غسان رمضان جرادي، فقال لـ ghadinews.net: "على الرغم من عدم التمكن من رؤية الصدر والبطن وما تحت الجناحين، وعلى الرغم من أن الصورة توحي بصغر حجمه، ومن البقعة الباهتة في الخلف والأبيض نهاية ريش الذيل ولوحة الجناح ولون العينين ولون المنقار، الخ، فالطائر من المحتمل كثيرا أن يكون (العقاب الأبقع الأصغر) Lesser Spotted Eagle، واسمه العلمي Clanga pomarina، وهو من أصغر أنواع العقبان في منطقتنا،  وهناك احتمال أن يكون عقيب اعتيادي Common Buzzard واسمه العلمي Buteo buteo إذا ما حصلنا على صور تظهر النواحي غير الظاهرة في الصورة، كأن تكون المخالب صغيرة، بالنسبة إلى عقاب على سبيل المثال، والنسبة للعقاب الأبقع الأصغر فهو يأتي مهاجرا من أوروبا وغرب آسيا نحو منطقتنا متجها إلى أفريقيا، ويتغذى على الزواحف والقوارض، وعلى الرغم من شيوعه، إلا أنه مهدد نتيجة للصيد العشوائي والجائر خلال هجرته".

وأضاف: "إنه طائر مريض، وعادة ما تكون لديه حرارة عالية نتيجة إصابته، ويمتنع عن تناول الطعام، ولكنه يعطى المياه المدعمة بالفيتامينات، والطعام هو لحوم طازجة إنما بقطع صغيرة وبكمية قليلة وتزداد يوميا بالتدريج، وقد يتم إجباره على التغذي بطريقة الـ Force Feeding، والمختص يعرف كيفية التعامل معه".

       وأشار جرادي إلى أن "التعديات التي تطاول الطيور هي دلالة على عدم الوعي، ونعرف أننا لن نستطيع متابعة كافة الحالات وهي كثيرة للغاية، ونشاهد العديد منها"، وقال: "هذا الطائر تتناقص أعداده كثيرا، ويتابعه الناشطون في أوروبا وآسيا باستمرار خصوصا في أوروبا الشرقية، فهو يفرخ فيها، وبالتحديد في ألمانيا حيث يتابعه هناك ناشطون وجمعيات بيئية بعملية (تتبع) Tracking لأعداد هذه الطيور وتفريخها ومسار هجرتها باستخدام الأقمار الصناعية، ويرسلون إلينا المعلومات، وقد أرسلوا إلينا مساراتها عبر لبنان".

وأضاف: "كان لديهم وفقا لآخر الإحصاءات 110 أزواج في ألمانيا منذ عشرة سنوات، وبعد فترة نقصت بدلا من زيادة أعدادها، ووصلت إلى 100 زوج، على الرغم من قيامهم ببرنامج ضخم لحمايتها، فهي تفرخ ولنقول بالمعدل فرخ واحد لكل زوج، فمن المتوقع أن تصبح أعدادها 100 زوج وخمسين فرداً في السنة الأولى ومن ثم يزداد العدد باضطراد مع الوقت، ولكن بقاء العدد 100 زوج يدل على نفوق الآلاف خلال العشر سنوات الماضية".

 

المال السايب يعلم الناس الحرام

 

       ولفت جرادي إلى أن "أعداد هذه الطيور تتناقص لأسباب عدة، منها صيدها خلال هجرتها، وقد طلبت منهم إعداد مشروع لحمايتها على مسار هجرتها، فهي تتناقص نتيجة الصيد الجائر، وقد بدأوا بهذا المشروع ومن المتوقع اختيار لبنان ضمن أعضاء آخرين من منطقة الشرق الأوسط، لجهة استحداث محطات مراقبة وحماية، ولكن لا تزال هناك بعض العقبات اللوجستية، وبينما كل بلد في أوروبا يحاول الحفاظ على طيوره بشكل عام وخصوصا هذه الأنواع من الطيور الجارحة Raptors، وللأمانة العلمية، فالعمليات الزراعية الميكانيكية الأوروبية واستخدام كميات من المبيدات أثرت على هذه الطيور، وتسببت بالتالي بتناقصها أيضا، وبعد ملاحظة هذا الأمر، قاموا ببرنامجهم الكبير في مجال الحماية، ولكن الهجرة والعوامل الجوية تشكلان أسبابا إضافية لتناقص الطيور على أنواعها، وعلى الرغم من أن أعدادها لم تصل إلى أرقام يمكن لـ (الإتحاد الدولي لصون العالم) IUCN إعلانها مهددة بالإنقراضEndangered  إلا أنها تواجه تهديدات عديدة، وهي طيور محمية لأنها تتناقص، وليست بطرائد، ولبنان وقع اتفاقية تفاهم في مجال الطيور الجارحة Memo of understanding for Raptors 2015 في أبو ظبي، وهي ضمن اتفاقية CMS وهي اختصار لـ (اتفاقية الأنواع المهاجرة)، فضلا عن حمايتها باتفاقية التنوع البيولوجي الموقعة والتي صادق عليها لبنان 1994، وتنص على حماية التنوع البيولوجي".

وأشار إلى أن "هذا النوع يتغذى على الزواحف والقوارض ويحمي الثروة الزراعية فهو ينظف البيئة، وإن سمح بالصيد، فلا يعني ذلك تجاوز القوانين، وإلا فمن الممكن أن يقفل باب الصيد من جديد".

       وحول تطبيق قانون الصيد، قال: "قد يقول البعض أن ذهنية اللبناني، وتأثير الحرب وظروفنا الحالية والوضع السياسي، أدت إلى الإجرام والتحدي، لكن الغريب أن اللبناني خارج لبنان يلتزم بالقوانين، ويخاف من العقوبات، ومنظم ويحترم القوانين المفروضة من قوانين صيد وسير وغيرها"، وعلل السبب بأن "المال السايب يعلم الناس الحرام".

       وأسف جرادي "لأننا لا زلنا نتخبط ونتسرع خصوصا في إصدار قرارات بصورة ارتجالية، فقبل وصول هذه الطيور إلى لبنان علينا التوعية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي المختلفة بدعوة الناس لعدم المس بها".

       من جهة أخرى، تواصلنا مع مركز Animal Encounter، وأبلغنا أن "الطائر يستجيب للعلاج وبدأ يتناول الطعام"، وأن "عددا لا يحصى من الحالات تصل الى المركز وكافة الحالات تتم متابعتها تحضيرا لإطلاقها، أو إبقائها في المركز إن تعذر علاجها".

 

      

https://www.youtube.com/watch?v=vUp_zCKl_-o&feature=youtu.be

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن