خاص"غدي نيوز": إعداد سوزان أبو سعيد ضو -

       بعد أكثر من أربعين سنة على وفاته لا تزال ملابسات وفاة شاعر تشيلي الأشهر بابلو نيرودا Pablo Neruda محيرة، فقد عاد الحديث مجددا، بعد أن أثار باحثون معنيون الشكوك بظروف وفاة شاعر الحب متأثرا بالسرطان وفقا لشهادة الوفاة، كما لم يستبعدوا إمكانية موته مسموما.

بكتيريا في ضرس نيرودا

       وكان الخبر الشائع أن شاعر تشيلي نيرودا المشهور بقصائد الحب العاطفية ووجهات النظر الشيوعية الثابتة والتي لا تتزعزع، توفي متأثرا بمرض السرطان في 23 أيلول (سبتمبر) من العام 1973، وذلك بعد 12 يوما فقط من انقلاب قام به دكتاتور الجنرال تشيلي أوغستو بينوشيهAugusto Pinochet  ضد نظام حكم سلفادور اليندي  Salvador Allende الشيوعي، ولكن يأتي العلم اليوم ليبحث في أسباب هذه الوفاة.

       ووفقا لموقع "لايف ساينس" Live Science قال الباحث في علم الوراثة والطب الشرعي نيلز مورلينغ   Niels Morlingمن جامعة كوبنهاغن the University of Copenhagen في الدنمارك أن "سبب الوفاة وفقا لشهادة الوفاة هو الهزال والضعف الشديد المعروف طبيا باسم Cachexia، وهو ما لا يمكن أن يكون صحيحا"، وأضاف "كان نيرودا رجلا بدينا، وكان يمكن أن ننصحه باتباع حمية لإنقاص الوزن، وهو معاكس تماما للـ Cachexia".

       وقد تم فحص رفات نيرودا في مختبر مورلينغ في الدنمارك، و"مركز جامعة ماكماستر للمادة الوراثية القديمة"  McMaster Ancient DNA Centre، وأعلنوا يوم الإثنين الماضي نتيجة اختباراتهم على الرفات، ووجود نوع خطر من البكتيريا في أحد أضراس نيرودا.

       وقالت الباحثة في جامعة ماكماستر ديبي بوينار Debi Poinar أن "البحث جار للتحقق من مصدر ومنشأ هذه البكتيريا".

       وإذ أشار كل من مورلينغ وبوينار إلى أنه " سيكون من الصعب تحديد ما إذا كان نيرودا قتل فقط من الأدلة العلمية"، وقالت بوينار "إن هذا ليس من مهام لجنتهم على أي حال، وأن هذا من مهام قاضي التحقيق".

       لكن مورلينغ قال " ان القضية تبدو مشبوهة بشكل متزايد"، وأضاف:"هناك الكثير من الملاحظات والتقارير غير المتوقعة"، وقال:"بالإضافة إلى البكتيريا الخطيرة الموجودة في سن نيرودا، هناك إهمال طبي غير المقبول، الذي تعرض له نيرودا، وحتى في ظروف العام 1973، هناك أدلة ظرفية من قبل شهود، وتقارير مكتوبة من طبيب لم يكن موجودا قط".

ثلاث أنواع من المواد

       ووفقا لـ "رويترز" قال خبير الطب الشرعي الإسباني أوريليو لونا Aurelio Luna من "جامعة مورسيا" University of Murcia  للصحفيين إن فريقه البحثي عثر على بكتيريا، قد تكون مستنبتة في المختبر، مؤكدا أنه سيجري تحليلها وستظهر النتائج خلال فترة بين ستة أشهر وعام كامل.

       كما أشار لونا إلى أن "التحاليل التي تشير إلى أن وفاة نيرودا متأثرا بسرطان البروستات مستبعدة في اللحظة الذي فارق فيها الحياة"، ولكنه أضاف أنه "لا يمكن الجزم بأن سبب وفاة نيرودا طبيعيا أو بفعل عنيف".

       ويشار إلى أن الحكومة التشيلية أعادت قبل نحو عامين تحقيقا بشأن وفاة نيرودا حيث صممت الاختبارات الحديثة بحيث تنظر في الأضرار البروتينية التي تسببت فيها مواد كيميائية تنم عن أن الوفاة حدثت بفعل تسمم.

       وعثر خبراء الطب الشرعي بجامعة "مورسيا" الإسبانية على ثلاثة أنواع من البروتين في رفات نيرودا، اثنان منها قد يكونان نتيجة إصابته بسرطان متقدم في البروستات، أما النوع الثالث من البروتين فلم يتضح على الفور، إلا أنه قد يكون ناجما عن أسباب طبيعية كالإصابة بعدوى أو نتيجة معالجات، تعرضت لها الجثة عقب الوفاة، وفق تقرير سلم إلى قاضي التحقيق في القضية.

       وقد زعم السائق الخاص لنيرودا أن نيرودا أخبره أن عملاء بينوشيه انتهزوا مرضه، فحقنوه بالسم في معدته عندما كان طريح فراش المستشفى، ولم تجد الاختبارات الأولية على جثة نيرودا التي نُبشت من القبر أي أثر للسم.

       وقد انقسمت عائلة نيرودا ومؤيديها حول ما إذا كان ينبغي إغلاق القضية وأن تعود رفاته إلى قبره بالقرب من منزله الساحلي في إسلا نيغرا Isla Negra، أو إذا كان ينبغي للباحثين مواصلة إجراء الاختبارات.