مؤتمر بون... المناخ تصادره مصالح الدول الكبرى!

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Saturday, November 18, 2017

مؤتمر بون... المناخ تصادره مصالح الدول الكبرى!

"غدي نيوز" - أنور عقل ضو -

 

مع انطلاق فعاليات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ في مدينة بون الألمانية COP23، في السابع من الشهر الجاري، لم نكن نتوقع أن يحقق المؤتمر خطوات عملية في اتجاه تعزيز "اتفاق باريس"، خصوصا وأن مفاوضات بون كانت قد حددت سقفا لها لا يتعدى "البحث التقني" في تطبيق هذا الاتفاق.

ومردّ ذلك، إلى أن "اتفاق باريس" ولد ميتا، ونعلم كيف تداعت الدول في اللحظات الأخيرة في باريس (COP23) 2015 لإبرامه، وبدا إنجازا "دبلوماسيا" أكثر منه "مناخيا"، ونتذكر كيف ولد الاتفاق بـ "عملية قيصرية" بما يحفظ ماء وجه الدول المضيفة (فرنسا) أولا، وتاليا مجموعة الدول الاقتصادية الكبرى الأكثر تلويثا للكوكب، دون أن ننسى أن "اتفاق باريس" جرى تزيينه وتقديمه كـ "إنجاز" عقب فشل اتفاقية المناخ التي صادقت عليها الدول في سنة 1992 لجهة أن تتحمل الدول المتقدمة تتحمل المسؤولية التاريخية عن الانبعاثات التي بدأت بالتراكم في الغلاف الجوي بعد الثورة الصناعية، فضلا عن أنها جاءت بعد فشل "بروتوكول كيوتو" عام 1997، بأن يكون ملزماً للدول المتقدمة نفسها في خفض انبعاثاتها ومساعدة البلدان النامية على التكيف مع ظاهرة الاحترار.

 

شماعة ترامب!

 

سبق وأكدنا أن لأي اتفاق إطارا قانونيا وتنظيميا وأهدافا محددة لبلورة آليات واضحة توفر ظروف تطبيق بنوده، فـ "اتفاق باريس" على سبيل المثال، لحظ "العدالة المناخية" كشعار لا أكثر، بدليل أن شيئا لم يحدث منذ سنتين لمساعدة الدول الأكثر تضررا من تغير المناخ والأقل تأثيرا في ظاهرة الاحترار، كدول أفريقيا ومعها الدول الفقيرة والنامية في آسيا والأميركيتين، دون تبني تعهدات ملزمة للدول الملوِّثة لصالح الدول الأقل تلويثا، وهي الدول التي حققت تقدما على مستوى رفاه شعوبها على حساب الدول الفقيرة.

وبدا المشهد "المناخي" في بون أقرب ما يكون إلى ما شهدناه في مؤتمر المناخ في مراكش العام الماضي COP22، والذي تزامن انعقاده مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وكأن هذا الحدث الأميركي (غير المتوقع) جاء لينقذ مؤتمر مراكش، ويبرر عدم ارتقاء الدول إلى ما يفرضه تغير المناخ من تحديات، خصوصا لجهة التخفيف من انبعاثاتها وفق آليات واضحة وشفافة.

وتكرر المشهد في بون، إذ أسدى ترامب "خدمة" مسبقة للمفاوضين، ليكون شماعة مرة جديدة لتعليق فشل قادة الدول مرة جديدة، وهذه المرة من واقعة إعلان انسحاب بلاده من "اتفاق باريس" في حزيران (يونيو) الماضي.

 

الخطاب الرسمي

 

       ومن جهة ثانية، كان فاضحا ما شهدناه من ازدواجية في الخطاب الرسمي بين "متلهف" لتحقيق نقلة نوعية تؤمن حصر درجات الحرارة بما دون درجتين مؤيتين، فألمانيا المستضيفة، وفيما كانت مستشارتها أنجيلا ميركل تتحدث عن ضرورة الاستجابة لما نص عليه "اتفاق باريس"، كانت ثمة بلدة لا تبعد عن موقع المؤتمر في بون تتعرض للتجريف من أجل استخراج "الفحم البني" الأكثر تلويثا.

       وإذا ما راجعنا مواقف الدول عبر ممثليها في بون، نجد أن ثمة تكاذبا صريحا، فضحته سياسات هذه الدول، لا بل نجد أن ثمة "حرصا" على مستقبل الأرض، وأن الكل يزايد على هواه، وبجرعات "أمل" مبنية على أوهام، لا سيما وأن "اتفاق باريس" ترك الأمور على غاربها، عندما أبقى لكل دولة حرية أن تحدد وطنياً التزاماتها في مجال خفض الانبعاثات.

إن الكثير من الدراسات الحديثة أكدت أن السقف الذي حدده "اتفاق باريس" بالإبقاء على درجتين مئويتين وحتى درجة ونصف الدرجة فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية، ليس كافيا لتجنب الكارثة، ما يعني أن الاتفاق بات قاصرا عن مواكبة ومجاراة تحديات اللحظة، وأعجز من أن يبقي الأرض في منأى عن كوارث مقبلة، فضلا عن أن التطور الكبير في مجال الطاقات المتجددة ليس كافيا إلى الحدود التي تؤمن لجم الاحترار العالمي.

 

عصر الأنثروبوسين

 

لم نعول على مؤتمر بون، ولا نعول كذلك على مؤتمر COP24 في بولونيا العام المقبل (2018) ولا على أي منتدى عالمي للمناخ، طالما أن "الملوِّثين" يقودون المفاوضات من خاصرة مصالحهم، وهم غير مكترثين حتى الآن إلى أن ثمة أدلة تشير كثيرة إلى أن الكوكب قد دخل عصراً جيولوجياً جديداً يُسمى "عصر الأنثروبوسين"، وأن معدل التغير في نظام الأرض يتسارع نتيجة لتأثير البشر في بيولوجيا الكوكب وكيميائياته وفيزيائياته. وقد كان مناخ الأرض مستقراً بشكل ملحوظ منذ فجر الحضارة، وهذا الاستقرار بات الآن في خطر!

 

 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن