سياحة السدود في لبنان!

Ghadi news

Tuesday, November 21, 2017

سياحة السدود في لبنان!

"غدي نيوز" - أنور عقل ضو -

        

لا نعرف على وجه التحديد إلى أية معايير استندت حكومات ما بعد "الطائف" لتبني السدود كخيار استراتيجي لمواجهة المستقبل، وكأن لبنان صحراء قاحلة يعاني كوارث متتالية ناجمة عن موجات جفاف مدمرة، فيما الحقيقة تتبدى واضحة لا لبس فيها، وهي أن لبنان لا يعاني أزمة مياه بقدر ما يعاني أزمة فساد لا تني تدمر الباقي من معالمنا الطبيعية والتراثية والثقافة، ومن إرثنا الحضاري من وادي نهر ابراهيم إلى بسري.

المشكلة في مكان آخر، فما يخطط له من سدود يعكس حقيقة أن الجفاف مشكلة راسخة في عقول المسؤولين، وهنا ثمة سببان لا ثالث لهما، إما أن أُوليَ الأمر لا يفقهون شيئا في علوم البيئة، وهذه كارثة، وما زالوا أسرى مفاهيم راجت في خمسينيات القرن الماضي حول "نعمة" السدود، فيما الكثير من الدول تسعى منذ مطلع الألفية الثالثة إلى التخلص من سدود بنتها في حقبات مختلفة، وإما أن مشاريع تلزيم السدود تغري الطامعين بنصيب من أرباح متوارية في صفقات، وهذه فضيحة.

لسنا في وارد تكرار مقولات علمية ناقضة لمفاهيم و"فلسفة" السدود، لكن بدلا من هدر ملايين ومليارات الدولارات على مشاريع لن تجلب للبنان إلا المصائب، فلتقم الدولة بما يبقي ثروتنا المائية في منأى عن التلوث، والتخطيط لبناء شبكات صرف صحي ومعامل تكرير حديثة، وأن تبادر لتأهيل شبكات المياه وحصر التسرب الذي يقدر بنحو 40 بالمئة من مياه الشفة، وتأهيل الينابيع، واعتماد فاتورة مياه من خلال وضع عدادات في البيوت، تلزم المواطن بالتقنين، ليدرك أن للمياه ثمنا وكلفة.

إن السدود السطحية لن تكون إلا مجلبة للكوارث، وسيتيقن المسؤولون بعد سنوات أن أموالا ذهبت هدرا، وأن تخريبا لبيئتنا ولمواقعنا ومعالمنا الطبيعية، وسيكون من الصعب استعادتها، وسيكونون موضع محاسبة ومساءلة من مواطنين لن ينعموا بالموعود من وفرة مياه.

كما أن تخريب مواقع تراثية يعني أننا سنفقد الكثير من غنى لبنان، ولن يعود في مقدورنا الترويج للبنان في معارض السياحة الدولية، إلا من بوابة المشآت الخرسانية الضخمة، واعتماد سياحة السدود على أنقاض مراتع الجمال، أو ما بقي منها!

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن