أهمية كفاءة الطاقة لاستهلاك أكثر استدامة

Ghadi news

Thursday, November 23, 2017

أهمية كفاءة الطاقة لاستهلاك أكثر استدامة

"غدي نيوز"

      

المهندسة *رفاه رومية -

 

       يعتبر التزايد الهائل في الطلب على الطاقة والسعي نحو تأمين المصادر الضرورية لتغطية هذا الاستهلاك الكبير على درجة كبيرة من الأهمية، وذلك من أجل تعزيز مفهوم "الأمن الطاقوي" Energy Security في أي دولة من دول العالم، وكما بات واضحا، فإن الحروب الطاحنة والصراعات العالمية ليست، في معظمها إلا هدفا للسيطرة على موارد ومصادر الطاقة، وهذا أمر ليس بجديد، خصوصا وأن هذه الدول تسعى جاهدة للحفاظ على أمنها الطاقوي، ويعتبر ورقة قوية في يد الحكومات لتلعب دورا أساسيا في السياسات العالمية، ولذلك، كان لا بد من وضع خطط واستراتيجيات أساسية لإدارة هذه الطاقة من خلال إطالة فترة استهلاكها بالنسبة للمصادر التقليدية، وفي الوقت عينه التوجه نحو الاعتماد على مصادر متجددة وصديقة للبيئة .

       يشير مفهوم "كفاءة الطاقة" energy efficiency إلى استهلاك كمية أقل للقيام بنفس العمل ، فلو قارنا بين جهازين بكفاءة طاقة مختلفة للقيام بنفس العمل سنلاحظ أن الجهاز ذو الكفاءة الأعلى سيستهلك طاقة اقل للقيام بالعمل المطلوب، وهنالك اللصاقة الطاقوية التي تعطينا مقدار الاستهلاك في كل جهاز كهربائي بالمقارنة مع الأجهزة المتوفرة في الأسواق، بالإضافة إلى مواصفاته الفنية وتصنيفه الطاقوي، وتعتبر هذه اللصاقة ذات جدوى مهمة لتطبيق مفهوم رفع كفاءة الطاقة .

       وإذا قمنا بإلقاء نظرة عامة على أهمية تحسين ورفع كفاءة الطاقة ومؤشراتها العالمية، لوجدنا أنها ساهمت في تخفيض الاستهلاك بمقدار 13 بالمئة، من العام 2000 إلى 2016، وهذا بدوره يعود إلى تزايد الاهتمام الجدي والفعلي بالإدارة الصحيحة لأنظمة القدرة التي تساعد في إيجاد الهيكلية المناسبة لمراقبة الاستهلاك وترشيده في مختلف القطاعات، سواء قطاع المباني أو النقل، أو حتى في القطاع الصناعي، من خلال استخدام مواد بناء ذات عزل عالٍ للتخفيف من استخدام المكيفات صيفا والتدفئة شتاءً، والاعتماد على المصابيح الموفرة للطاقة ومصابيح الـLED ، ولا ننسى الدور الكبير لمصادر الطاقة المتجددة في رفع كفاءة الطاقة من خلال إدخاله في توليد الكهرباء أو الاعتماد عليه في تسخين المياه أو التبريد، أما دخول السيارات الكهربائية في قطاع النقل، فكان له الأثر الكبير في رفع الكفاءة الطاقوية في هذا القطاع، وقد نمت أسواقها بحوالي 40 بالمئة في العام 2016.

       ثمة العديد من الدول العالمية عمدت إلى تطبيق كفاءة الطاقة في أنظمتها المتنوعة، ويختلف حجم الكفاءة من بلد لآخر، لذلك نلاحظ - حسب ما جاء بالتقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة 2017Energy efficiency   - بأن الدول الأوروبية كان لها الحصة الأكبر منذ العام 2000، لكن من عام 2008 إلى 2016 برزت الصين على نحو واسع في هذا المجال بالمقارنة مع بقية البلدان، وهذا ما تؤكده نسب مساهمة الدول في رفع الكفاءة حيث نلاحظ أثر الخطط المتبعة على زيادة النسبة في العديد من البلدان بدءا من العام 2008 .

       ولو تحدثنا قليلا عن تحقيق كفاءة الطاقة في الأبنية، فثمة دول عدة كرست اهتماما كبيرا لنوعية المواد المستخدمة في البناء، من حيث توفير عزل أكبر، وبالتالي توفير الطاقة المستخدمة في التدفئة والتبريد، لكن هناك دولا أخرى اتجهت نحو الاهتمام برفع كفاءة المعدات المستخدمة في التهوئة والتكييف والتدفئة، أو من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة لتأمين هذه المتطلبات بدلا من الطاقة التقليدية، سواء استخدام السخانات الشمسية أو الخلايا الكهروضوئية لتأمين الطاقة الضرورية لعمل الأجهزة.

       إن التوجه نحو تطبيق كفاءة الطاقة أمر مهم وضروري مع التزايد الكبير في الاستهلاك، لكن لا بد في البداية من كسر الحواجز التي تعيق التطبيق من خلال التوعية على أهمية تحسين الكفاءة والسعي نحو وضع خطط عملية في تحسين إدارة الطاقة وجمع البيانات الضرورية لتطبيقها، كما لا ننسى التشجيع في استخدام المعدات والأجهزة الموفرة من مصابيح ومواد بناء عالية الكفاءة، وفرض استخدام اللصاقات الطاقوية على الأجهزة الكهربائية مساهمين في ذلك في ترشيد الاستهلاك والتقليل من الانبعاثات الكربونية المضرة للبيئة والإنسان.

        

*ماجستير أنظمة قدرة كهربائية في جامعة"تشرين" (سوريا)

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن