"غدي نيوز" -*فادي غانم -

أكثر ما يؤرقنا وقد عبرنا إلى السنة الجديدة (2018)، هو أننا ما عدنا نملك إلا الدعاء، والدعاء واجب لينعم الله علينا بالسلم والأمن والاستقرار.

لكن هل نواجه واقعنا اللبناني بالدعاء وحده؟ وهل نتخطى الفساد والهدر برفع الصلوات؟ وهل ينتظم قطاع المقالع والكسارات والمرامل وملف النفايات و... بالتمني؟

دائما نتسلح بالتقوى ونستمد القوة من الإيمان بإله واحد لنبني صروح الخير والمحبة، وننسى أن العقل هو أيضا من نعم الله علينا، والمطلوب في هذه السنة الجديدة أن نوائم بين المُثُل العليا والواقع، بين القلب والعقل، بين الواقع والمرتجى، ولذلك نحن مدعوون لمواصلة النضال في محراب الكلمة وعلى ضفاف الوجع، في ميادين العمل وفي قلب معركة الإصلاح الحقيقي، فلبنان ما عاد يحتمل أن يدار بذهنية الإقطاع السياسي والمالي، ولا ينهض فيما يصادره أمراء الطوائف!

في ظل ما نواجه من أخطار وتحديات، سنظل ثابتين على قناعتنا في "جمعية غدي" وموقعنا ghadinews.net، بأن سلاح الموقف قادر على تصحيح وتصويب الكثير من الأمور، خصوصا وأن كل أزماتنا هي نتاج توجهات سياسية قائمة على التحاصص ومصادرة إرادة اللبنانيين، وما نواجه من ملفات بيئية عالقة هي بعض تجلياتها.

يخطىء من يظن أن البيئة بعيدة من السياسة، وحصرها بحملة تشجير وندوة ورفع شعار، بمعنى إبقائها في دائرة ضيقة مسيجة بمفاهيم سطحية، ومقيدة برؤى قاصرة عن مجاراة تحديات اللحظة والمستقبل، فالبيئة هي الآن "أم العلوم"، معها يتحدد مصير الكوكب، كقضية كونية.

وهنا يتجلى المفهوم الأساس للبيئة كفلسفة مرتكزة إلى ثوابت لا يمكن معها الابتعاد عن جذور انتمائنا الأول مهما بلغنا في الحياة مراتب متطورة، فالمشكلات البيئية هي نتاج عدم فهمنا لحقيقة وجودنا، وأننا ننتمي إلى الأرض ونمثل جزءا من أنظمتها الإيكولوجية، فعدم مراعاة التوازن البيئي والحفاظ على موارد الأرض، يعني الابتعاد عن ماهية هذا الوجود، وهذا يتطلب ليس احترام الطبيعة فحسب، وإنما احترام حقوق كل الكائنات، فجميعها لها حقوق كما الإنسان.

من هنا، نجدد في العام 2018 نجدد التزامنا بالبيئة نهج حياة، وقضية حاضر دائما في السياسة والاقتصاد، وهي عنوان العبور إلى مستقبل لا تصادره المصالح!

*رئيس "جمعية غدي"