"غدي نيوز" – أنور عقل ضو

بمبادرة من "مؤسسة أديان" اجتمع اكثر من سبعين شابا وشابة من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية في عيد الاستقلال، بعد صياغة ميثاق وطني شبابي جديد، على أساس قراءتهم للواقع ومعضلاته ولآفاق المستقبل وآمالهم وطموحاتهم.
وكان اللافت للانتباه في هذه الخطوة أن هؤلاء الشباب لم يكتفوا بالاتفاق على الحاجة الى تجديد الميثاق الوطني على أساس عقد اجتماعي يجاوب على تحديات الحاضر وآفاق المستقبل وحسب، بل انهم على رغم اختلافاتهم العميقة سياسيا وأجواء التشنج الطائفية والمذهبية الطاغية حاليا على مستوى المجتمع اللبناني، تمكنوا من التوصل معا الى مفهوم مشترك لهذا العقد الاجتماعي الجديد، مبنيا على الالتزام بمجموعة من المبادئ الايجابية المؤسِّسة للحياة الوطنية المشتركة وللهوية اللبنانية الحاضنة للتنوع.
جاءت هذه المبادرة في سياق برنامج "طوائف متعددة هوية وطنية واحدة" الذي أطلقه قسم الدراسات في التلاقي الثقافي في مؤسسة اديان بالتعاون مع عدد من الجامعات اللبنانية ومجلة شؤون جنوبية وبدعم من مبادرة الشراكة الشرق اوسطية، ويهدف البرنامج الى تحويل الشباب اللبناني الى قوة فاعلة لها صوتها ودورها في عملية بناء مستقبل الوطن على أسس واضحة ومشتركة بين مختلف مكوناته والى بلورة مفهوم واضح للهوية الوطنية الجامعة بين اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم.
وشارك هؤلاء الشباب في حلقات تدريبية شملت التنشئة على مفهوم المواطنية الديموقراطية والثقافية ومواضيع التعددية الدينية والتنوع الثقافي والحوار مع الآخر.

إعلان الميثاق الشبابي

وفي خطوة رمزية تذكر باجتماع حكومة الاستقلال في بشامون في تشرين الثاني (نوفمبر) 1943، جاء إعلان الميثاق في مؤتمر صحفي عقد في "بيت الاستقلال" في بلدة بشامون - قضاء عاليه بحضور رئيس "مؤسسة أديان" الأب فادي ضو، جهاد الحلبي حفيد الشيخ حسين الحلبي صاحب البيت وفاعليات شبابية من مختلف المناطق والاتجاهات السياسية.
وتلا كل من لينا الشيباني وروي جريش بياناً باسم الشباب المجتمعين، فقالت الشيباني بدايةً: "نحن شباب وشابات من مختلف مناطق لبنان وطوائفه وأحزابه التقينا بمبادرة من مؤسسة أديان في اطار برنامج طوائف متعددة هوية وطنية واحدة، يجمعنا الشعور بخطورة الوضع الذي وصل مجتمعنا اليه من تشنج مذهبي وطائفي وانحلال للمبادئ الوطنية المشتركة ولارادة العيش معا وقيمه، كما تجمعنا قناعتنا بضرورة انقاذ الوطن من هذا المنحدر الذي يهدد مصيره ومستقبل الاجيال الصاعدة، وتجمعنا أيضا إرادتنا المشتركة بتحمل هذه المسؤولية الوطنية والتاريخية للعمل معا على النهوض بالوطن على اساس الشراكة الحقيقية والسليمة بين مختلف مكوناته المرتكزة على عقد اجتماعي جديد يستند الى مبادئ واضحة وثابتة تقتضي الالتزام بها ايجابا وتتعدى مسالة المساومات المستندة على السلبيات الظرفية وتوازن المصالح الفئوية ودون ان تتعارض مع التعددية السياسية".
وأضافت: "إذ نشعر بالألم بسبب الحروب السابقة التي مزقت نسيج الوطن وأزهقت حياة الآلاف من أبنائه ونستشعر خطورة الوقوع مجددا بهذا النوع من الاقتتال ونرفض ان تكون حياة اللبنانيين رهينة الصراعات الداخلية مهما كانت، نتمنى ان تشكل بنود هذا العقد الاجتماعي الجديد أساسا لتجديد ميثاق العيش المشترك بين اللبنانيين وحافزا للالتزام الوطني المسؤول الذي يؤول الى تثبيت السلم الاهلي واعادة بناء مجتمعنا على أساس الشراكة الحقيقية، وتكوين صورة واضحة عن هوية لبنان الثقافية ورسالته الحضارية المبنية على الوحدة الوطنية الحاضنة للتنوع".

جريش

وطالب جريش "جميع اللبنانيين التلاقي معنا على هذا الميثاق واعتماده من قبل المسؤولين في مختلف قطاعات المجتمع السياسية والاجتماعية والاعلامية والثقافية والدينية ورقة عمل لبلورة الافكار وتصفية النوايا وجمع الارادات حول خيرنا العام الذي لا يكتمل الا بمشاركة الجميع".
وأكد "الالتزام بما يلي:
1-الولاء للبنان الـ 10452 كلم2 والدفاع عنه كوطن نهائي لجميع أبنائه على اساس مساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وصون الحريات وتأمين العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والتنمية المتوازنة والمستدامة لجميع المناطق.
2-استكمال بناء الدولة المدنية التي تستمد شرعيتها من الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات، ومن احترامها لميثاق العيش المشترك والمقدسات وجميع الاديان والمذاهب بدون تمييز.
3-اعتبار القانون مرجعا للجميع مع التاكيد على التداول الديموقراطي للسلطة وعلى مبدأ الفصل بين السلطات والاستقلالية التامة للقضاء وعلى اعتماد الكفاءة والنزاهة في توزيع المسؤوليات وإدارة المؤسسات.
4-بسط سلطة الدولة وتطبيق القانون على كافة الاراضي اللبنانية وعلى جميع المقيمين على هذه الارض والحفاظ على الامن وصون الحريات بواسطة المؤسسات العسكرية والامنية العامة وتنظيم امتلاك السلاح.
5-احترام التعددية الثقافية والدينية واعتبار الارث الثقافي والتاريخي لكل طائفة اثراءً للمجتمع ككل وجزءا من الثقافة اللبنانية الجامعة.
6-التأكيد على هوية لبنان العربية وعلى أهمية دوره على الساحة الدولية وتفعيله عبر القنوات الديبلوماسية الرسمية وتعزيز صورته كنموذج للعيش معا ولتلاقي الحضارات والاديان وبناء العلاقات المتينة والروابط المؤسساتية المستدامة مع المغتربين.
7-ضمان حرية المعتقد والحرية الدينية وتنظيم إقامة الشعائر الدينية في الاماكن العامة مع الحفاظ على النظام العام وعدم إثارة النعرات المذهبية والطائفية وخاصة من قبل المسؤولين السياسيين والحزبيين والروحيين.
8-اعتماد الحوار والوسائل اللاعنفية سبيلا وحيدا لحل الخلافات والنزاعات على الصعيد الداخلي.
9-تنقية الذاكرة الوطنية المشتركة من اثار الحرب والنزاعات عبر استكمال المصالحة الوطنية الحقيقية والاعتراف بالاخطاء التاريخية وانجاز عودة المهجرين إلى قراهم وتطوير دينامية المجتمع المدني العابر للطوائف وتفعيل دور التربية على التاريخ المشترك والمواطنة والخدمة المدنية وجعل التعليم إلزاميا حتى المرحلة الثانوية.
10-تعزيز دور الشباب في المجال العام واشراكهم في صناعة خطط النهوض بالوطن على كافة المستويات وفي عملية تنفيذها".

زيارة رئيس الجمهورية

وكان أعضاء وفد الشباب قد زاروا أمس رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان في سياق تقبل التهاني بالعيد وقدموا له الميثاق الموقع من قبلهم واعتباره بمثابة ورقة عمل للمرجعيات المعنية بالشأن اللبناني.
ويذكر ان المرحلة اللاحقة لبرنامج "طوائف متعددة هوية وطنية واحدة" ستشهد بدء حملة توعية واسعة يقوم بها شباب البرنامج أنفسهم، مع حملة إعلامية واسعة تتضمن فيلما قصيرا ولوحات إعلانية موزعة على مختلف طرقات المناطق اللبنانية وصفحة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي تروج جميعها لرسالة المشروع العامة وللمبادئ المكونة لهذا الميثاق.