متى ننتمي لـــ "ثقافة خضراء"؟!

Ghadi news

Tuesday, January 30, 2018

متى ننتمي لـــ "ثقافة خضراء"؟!

*فادي غانم

 

السياسة مصالح ودهاليز مظلمة، أما البيئة فناصعة كقمم الجبال المزدانة بالثلوج، ولا يختلف اثنان بأن "السلطة مَفْسدة"، ولذلك تصدت الديموقراطيات العريقة لهذه الإشكالية، عبر تحديث نظم وآليات الحكم، مثل تحديد ولاية الرئيس بدورتين اثنتين كي تنحي عنه صفة "القائد الملهم"، وفي الديموقراطيات الأكثر عراقة، في سويسرا على سبيل المثال لا نعرف من يتسنمون مواقع في السلطة السياسية، فيما نحفظ عن ظهر قلب أسماء أدباء وسينمائيين وموسيقيين.

لسنا في وارد المقارنة بين لبنان وسويسرا التي وحدت مقابرها، وتخطت صراعا مذهبيا بين البروتستنات والكاثوليك، أورثها حروبا وضحايا ومجازر، والتي أبعدت السلطات الروحية عن تنظيم أمور الناس في الزواج والإرث، ولم تلغ دورها، لكن أبقته في حدود الإيمان كقضية متصلة بحرية المعتقد.

لن نتحدث عن سويسرا، فشتان بين الثرى والثريا، بلاد تبحث عن المستقبل، وبلاد تنساق إلى مفاهيم القرون الوسطى، فلنبقَ في لبنان، ولنسأل: لماذا لم ينتفض اللبنانيون لكرامتهم بعد فضيحة النفايات؟ ولماذا ارتضوا واقعا مذلا وسط تردي الخدمات من المياه إلى الكهرباء ولم يحركوا ساكنا؟

هذا الواقع المأزوم يلقي بظلاله على البيئة، أي على مقومات وجودنا، فيما لم نر تظاهرة في وجه المقالع والكسارات وجميعها مخالفة، ولا في وجه مئات مكبات النفايات العشوائية، ولا نرى في الأفق أننا قادرون على تغيير واقع الحال، طالما نضفي بعضا من "الألوهة" على زعماء الطوائف.

في المقابل، متى نتصالح مع أنفسنا ونتبنى خطابا واحدا في العلن وفي مجالسنا الخاصة؟ متى نتخطى هذه "الشيزوفرونيا" المرضية؟

ما حدث بالأمس يؤكد أننا لما نزل طوائف وقبائل متناحرة، ولن نتخطى واقعا مفروضا إلا بالتغيير، وأولى مقومات هذا التغيير أن ننتمي لثقافة خضراء، فالسياسة تفرقنا، لكن وحدها البيئة توحدنا! 

 

*رئيس "جمعية غدي"

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن