جراد بحر غازٍ يستنسخ نفسه... ويجتاح العالم

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Wednesday, April 4, 2018

هل يمكن بحل لغز تكاثره القضاء على السرطان؟

خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -

 

       يبدو الأمر وكأنه سيناريو فيلم مرعب، مع مخلوق متحول ذات 10 أرجل يتكاثر لاجنسيا، هرب من مكان محتجز فيه في ألمانيا وبدأ "بهدوء" بغزو العالم، ففي غضون عقدين، انتشرت أعداد مليونية من هذه المخلوقات عبر المستنقعات من أوروبا إلى أفريقيا، ما جلب الدمار للأنظمة البيئية وهدد الأنواع المحلية.

وفي هذا المجال يدرس عالم الأحياء في " المركز الألماني لأبحاث السرطان  " German Cancer Research Center البروفسور فرانك لايكو Frank HYPERLINK "http://epigenome.eu/en/4,17,787"Lyko، جراد البحر الرخامي Marbled crayfish، والمعروف أيضا باسم marmorkrebs ويبلغ طوله ست بوصات (15 سنتمترا)، ومن السهل العثور على عينات من هذا النوع، إما بشرائه من متاجر الحيوانات الأليفة في ألمانيا، أو من بحيرة قريبة.

ويجزم العلماء ومنهم لايكو، أن طفرة في حوض سمك قد أعطت جراد البحر هذا حمضا نوويا  DNA قد يمكنه من السيطرة على العالم!

وقد تبدو قصة غريبة لكنها حقيقية حول جراد البحر الرخامي هذا، وهو نوع من أنواع المخلوقات الغازية في المياه العذبة، ويُشتبه في أنه قد تم تحوله من خلال حادث تكاثر في حوض مائي Aquarium في العام 1995، ويدعم تحليل جديد للمادة الوراثية Genome هذا الأصل الغريب، وقد يساعد في تفسير كيفية انتشار هذا النوع بعد ذلك وتكيفه مع العديد من البيئات الجديدة.

 

وحش غاز مشابه للسرطان

 

وفي هذا المجال، قال عالم الجين التطوري في "جامعة بروكسل الحرة" l'UniversitéHYPERLINK "http://www.ulb.ac.be/" HYPERLINK "http://www.ulb.ac.be/"libreHYPERLINK "http://www.ulb.ac.be/" de HYPERLINK "http://www.ulb.ac.be/"Bruxelles جان فرانسوا فلوت Jean-François HYPERLINK "http://scholar.google.fr/citations?user=a71fYzcAAAAJ&hl=en"Flot والذي لم يشارك في هذه الدراسة: "يمكن أن يشير تطور جراد البحر غير المعتاد إلى استراتيجية لمعالجة وحش سيء السمعة يتكاثر بسرعة وهو مرض السرطان"، وأضاف: "إن الانتشار التوسعي لـ (جراد البحر الرخامي) مشابه للتكاثر السرطاني، فهو ينتشر على نحو غير جنسي على حساب مضيفه".

وقال لايكو: "إنه أمر مثير للإعجاب، فخلال ساعة، استطاع ثلاثة منا من التقاط 150 من هذه المخلوقات في بركة قريبة وبأيدينا".

وقام لايكو وفريقه بدراسة التسلسل الهرمي لتطور نمو هذا الجراد على مدى 5 سنوات، ليجمع معلومات أثارت اهتمام الكثيرين من العلماء والأخصائين لنتائج هذه البحوث وقد نشر بحثه في دورية Nature Ecology & Evolution العلمية في شهر شباط (فبراير) الماضي.

وكان لايكو يعتقد أن طبيعة الجراد اللاجنسية المتطورة حديثا قد تماثل كيفية تحول الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية، وتبدأ في إنتاج حيوانات مستنسخة لنفسها، وعلى وجه الخصوص، أراد دراسة جينومات جراد البحر الرخامي للكشف عن الآليات الأساسية الكامنة وراء الوراثة، وربط الجزيئات إلى الحمض النووي الذي يمكن أن يدفع نمو الورم السرطاني ويساعد على انتشاره.

 

الدراسة

 

وأشارت الدراسة إلى أن "هذا النوع من جراد البحر ينتمي إلى القشريات عشريات الأرجل decapod crustaceans التي ينتمي إليها "سرطان البحر " crabs، "جراد البحر" lobsters، "الجمبري" (القريدس) prawns  و"الروبيان" shrimps، وعلى الرغم من شيوعه فإنه من "الأنواع الأكثر استثنائية في مجال العلم".

ولفتت الدراسة إلى أنه "تتوفر معلومات عن التوالد العذري لدى عدد من الديدان nematodes ومخلوقات وحيدة الخلية bdelloid rotifer التي تتواجد في المياه العذبة، ولكنها تطلبت ملايين من السنين لتشكلها بواسطة التكاثر اللاجنسي، إلا أنه نظرا لعمره التطوري الصغير جدا، يوفر جراد البحر الرخامي فرصة فريدة لتحليل بنية جينوم التوالد اللاعذري المتأصل حديثا ولتتبع تطوره في مرحلة مبكرة جدا".

وتمكن الفريق العلمي من تحليل المادة الوراثية من جراد بحر رخامي تم شراؤه من محل لبيع الحيوانات الأليفة في ألمانيا، من اكتشاف ثلاث نسخ من الكروموسومات تحتوي كل منها على 92 جينا، أي حوالي 276  جينا وتتشابه إثنتين من مجموعات الكروموسومات مع جراد المستنقعات slough crayfishواسمه العلمي Procambarus fallax الذي يعيش في روافد نهر ساتيلا Satilla River في ولاية جورجيا الأميركية فقط، بينما تختلف مكونات الكروموسوم الثالث، ولكن جينوم هذه القشريات أكبر من الجينوم البشري، ولكن يتشابه معه باحتوائه حوالي أكثر من 21 ألف جين.

ويعتقد لايكو وفريقه أن جراد البحر الرخامي قد نتج من تزاوج إثنين من جراد المستنقعات من منطقتين مختلفتين من العالم في حوض أسماك، وقد أطلق على جراد البحر الرخامي الإسم العلمي virginalis forma fallax Procambarus وقد يشار إليه بـ virginalis Procambarus نظرا لتكاثره اللاجنسي أو العذري virginalis.

ويجزم لايكو أن "مجموعة من الكروموسومات من بويضة أو حيوان منوي احتفظت بنسختين من الكروموسومات بدلا من واحدة، كما هو الحال في هذه الخلايا الجنسية"، مؤكدا أن "هذه الحالة من المستبعد أن تحصل في البرية".

وتمت دراسة خمس عينات إضافية، من مصادر مختلفة، أحدها من أقدم العينات الموجودة منذ العام 1995 في منطقة "هايدلبرغ" Heidelberg، وثانية من البيئة البرية في ألمانيا في العام 2013، وثالثة ورابعة من مدغشقر Madagascar وعينة خامسة من سوق للحيوانات الأليفة في ألمانيا احتفظ بها في الولايات المتحدة الأميركية، ووجدوا تشابها بنسبة 100 بالمئة في المادة الوراثية ما يؤكد عملية التكاثر العذري، واختلاف جوهري عن أنواع الجراد التي يعتقد أن هذا النوع تطور منها، كما وجد العلماء إختلافات طفيفة بين عينات تم التقاطها في مناطق مختلفة في مدغشقر والعالم ما يؤكد نظرية التناسخ أو التوالد العذري.

وخلصت الدراسة إلى أن "جراد البحر في مدغشقر متجانسة وراثياً ومتشابهة جدا مع أقدم مخزون معروف من عينات جراد البحر الرخامي الذي بدأ في ألمانيا عام 1995، وتدعم هذه النتائج فكرة أن جراد البحر الرخامي العالمي يمثل استنساخا واحدا، وإن الغزو السريع للموائل المتنوعة جدير بالملاحظة بشكل خاص، لأنه يبدو مستقلاً عن المتغيرات الجينية، التي تعتبر بصفة عامة من المحددات الرئيسية للتكيف البيئي".

 

آفة خطيرة

 

ويسهل انتشار جراد البحر الرخامي من خلال طريقة توالده العذري وخصوبته العالية ما يسمح بإنشاء مجموعات كبيرة من حيوان واحد في المياه العذبة حول العالم.

وقال عالم الأحياء التطوري evolutionary biologist في "جامعة هومبولدت" Humboldt-HYPERLINK "https://www.hu-berlin.de/en/"Universität في برلين جيرهارد شولتز Gerhard HYPERLINK "https://www.biologie.hu-berlin.de/de/gruppenseiten/compzool/people/gerhard_scholtz_page"Scholtz، وقد رصد انتشاره السريع في كافة أنحاء العالم، بما في ذلك مدغشقر، حيث يهدد نجاحه وجود سبعة أنواع من الجراد الأصلي في تلك الدولة الجزرية: "جراد البحر هذا هو آفة خطيرة"، وقد حظر الاتحاد الأوروبي هذه الأنواع: فلا يجوز بيعها أو الاحتفاظ بها أو توزيعها أو إطلاقها إلى البرية.

ولم يقتنع شولتز كليا بأن التحول الجيني قد حدث داخل حوض مائي، في مقابل تكاثر فردي جراد بحر في البرية، وقال "إنها مجرد تكهنات بأنها نشأت في الأسر" ، إلا أن تحليل الحمض النووي الريبي لهذا الجراد من كافة أنحاء أوروبا وأفريقيا، "يُظهر أن كلها حيوانات مستنسخة، مع وجود جينوم متطابق في كافة أنحاء العالم".

لكنه أكد أن "الدراسة تقدم أدلة حول كيفية نشأة هذا الجينوم ويمكن أن تساعد حماة البيئة على تتبع مسار انتشار هذه الأنواع الغازية بشكل أفضل".

وتوافق سوزان أدامز SusanHYPERLINK "https://www.researchgate.net/profile/Susan_Adams" Adams، وهي عالمة بيئة مائية aquatic ecologist مع محطة الأبحاث الجنوبية للخدمة الحرجية USDA Forest Service Southern Research Station في أكسفورد، في ولاية ميسيسيبي الأميركية وقالت: "تظهر الدراسة أنه في الكائنات الحية الأخرى فإنه بوجود مجموعة إضافية من الكروموسومات يمكن أن يعزز عدد الصغار وقد يساعد على تكيف الحيوانات المستنسخة مع البيئات الجديدة"، وأضافت: "من المتوقع أن تؤدي القدرة على التكيف بشكل كبير إلى تعزيز نجاح الغزو".

 

طفرة جذرية

 

وقال لايكو في دراسته إن هذا النوع من الجراد لم يكن معروفا في آخر 25 سنة، ويعتقد أن طفرة جذرية حدثت في جرادة بحر واحدة (وكل جراد البحر الرخامي إناث)  أنتجت جراد البحر الرخامي، ومنحت هذه الطفرة هذا النوع من جراد البحر ميزة فريدة وهي التكاثر بطريقة الاستنساخ، لينتشر من أوروبا وليصل حتى مدغشقر في 2007، وليصبح بالملايين وليهدد جراد البحر الأصلي.

وأصبح هذا النوع شائعا لدى هواة تربية الحيوانات الأليفة، منذ العام 1995 وسمي بجراد بحر تكساس، وقد نبه هاو لايكو إلى عدد البيوض الكثيرة التي ينتجها، وبدأ يعطي منها لأصدقائه من الهواة، وانتشرت في محال بيع الحيوانات الأليفة، ويوجد أكثر من 120 نوعا منها تُباع حاليا في تجارة الأحواض الألمانية ، وتعد ألمانيا أكبر مستورد لقشريات الزينة في أوروبا.

 

المصادر:

New York times، IGB Berlin، Nature ، sciencemag، Nature Ecology HYPERLINK "https://www.nature.com/articles/s41559-017-0391-4?error=database_circuit_open&error_description=Database%20is%20temporarily%20unavailable"&HYPERLINK "https://www.nature.com/articles/s41559-017-0391-4?error=database_circuit_open&error_description=Database%20is%20temporarily%20unavailable" Evolution، "غدي نيوز" ووكالات.

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن