يوم البيئة العالمي لبنانيا... فن الاستعراض!

Ghadi news

Monday, June 4, 2018

يوم البيئة العالمي لبنانيا... فن الاستعراض!

"غدي نيوز"

"  فادي غانم   "

بعد أيام قليلة يحتفي العالم بـ "يوم البيئة العالمي"، هذه المناسبة التي غدت الأهم بين سائر المناسبات المدرجة على قائمة الأمم المتحدة، خصوصا وأن هذا "اليوم" بات يحتل رمزية خاصة في سياق التصدي للقضايا والمشكلات التي تواجه البشرية جمعاء، من الجوع إلى الفقر إلى الصحة والأمن والغذاء، إلى الجفاف والأعاصير والتلوث، وجميعها مرتبطة بالبيئة الحاضرة يوميا كقضية مرتبطة بحياتنا، بمعيشتنا، بوجودنا، لا بل باتت القضية الأخطر في ما نشهد من تحديات صارت مجلبة لكوارث... والآتي أعظم!

لم يكن من قبيل البذخ والترف أن تخصص الأمم المتحدة يوما للاحتفاء بهذه المناسبة، ليكون المنطلق لطرح الأسئلة، ومحاولة استيلاد أجوبة من رحم الخوف على مصير الكوكب، على مصير الإنسان وسائر الكائنات التي نتشارك معها "بيتنا" الكبير... "الأرض"، والبيئة بهذا المعنى أصبحت قضية وجود، ولذلك نجد كيف أن الدول تسعى للحد من انبعاثاتها والتوجه نحو الطاقات المتجددة، وإن ظل هذا الأمر دون المأمول لجهة إنقاذ الكوكب وإبقاء درجة حرارة الأرض في حدود درجتين أو درجة ونصف الدرجة، وفق ما أقرته اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.

وهذا اليوم ليس مجرد مناسبة وتمر، ولا منصة للاحتفال وإلقاء الخطب، وإنما هو محطة للتفكُّر، والدعوة إلى تغيير أنماط الاستهلاك، وعقلنة الإنتاج الصناعي والزراعي، والحد من الانبعاثات عبر تبني الاقتصاد الأخضر، وتكريس مفاهيم الاستدامة والحد من استنزاف موارد الأرض، وحماية وصون التوع البيولوجي، والتخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري، لا سيما وأن آخر الدراسات تؤكد أنه لو تم الالتزام ببنود اتفاق باريس، فذلك لن يجنبنا الكارثة، وفق سيناريوهات ومعطيات حديثة، أشارت إلى أن المطلوب أكثر مما أقر في باريس 2015.

بعيدا من هواجس تؤرق العالم، من حقنا في هذه المناسبة أن نطل على ما سعى إليه لبنان في هذا المجال، وأن نسأل: هل وفى لبنان بالتزاماته في موضوع الانبعاثات؟ أم أنه ينتظر التمويل فحسب، دون تقديم ما يوفر حدا أدنى من مصداقية في ما هو ملزم حياله؟

في مقاربة لهذه القضية ولسائر الإشكاليات المتصلة بها، نجد أن لبنان يبدو وكأنه غير معني بقضيتي البيئة والمناخ، وهما أساسا خارج اهتمامات الدولة، ذلك أن الأولوية أمس واليوم لـ "التخريب": ردم شواطىء، قضم الجبال، تشويه الأحراج، إنشاء سدود، تشريع الكسارات، وتمرير مشاريع صناعية ملوثة، هدر المال العام، غض النظر عن التلوث ومصادره بحرا وهواء وتربة، وتدمير إرثنا الثقافي من ملاحات أنفه التاريخية إلى تراثنا الإنساني في وادي نهر ابراهيم وإرثنا الديني في بسري ومحيطها.

لقد حددت وزارة البيئة التزام لبنان بخفض الانبعاثات، دون آلية لتحقيقها، أي أن الأمر لا يعدو كونه مجرد خطوة استعراضية، فكيف للبنان أن يلتزم خفض انبعاثاته، فيما النفايات تُـحرق وسط القرى والبلدات وتلفظ سمومها القاتلة في كل اتجاه؟ وماذا حضر لبنان في مجال الطاقة المتجددة باستثناء مشاريع متواضعة لا تمثل نهجا واضحا في اتجاه التحول نحو الطاقة النظيفة؟ وماذا عن تلويث الهواء من معامل الاسمنت في سلعاتا شمالا مرورا بمعمل الزوق الحراري وصولا إلى معمل الجية؟

هذا غيض من فيض، ولا نتوهم أن الأمور ستصطلح فيما الدولة قائمة على تقاسم المغانم، والتلزيم بالتراضي والتحاصص، ولعل النجاح الوحيد الذي حققته الدولة في هذا المجال، هو فن الاستعراض، وعقد المؤتمرات، وإصدار البيانات، أما على الأرض، فموت جاثم يتهدد مستقبل أولادنا وأحفادنا وأجيال لم تولد بعد. 

 

*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية (المنطقة 351)

رئيس "جمعية غدي"

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن