"جوار الحشيش" ومحمية "كرم شباط" تنهشهما الكسارات

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Wednesday, July 4, 2018

المواطنون يواجهون "الإرهاب البيئي" والكوارث بالجملة

خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -

      

بين أشجار اللزاب والأرز والتنوب والسنديان والشوح وغيرها من الأشجار البرية والنباتات الطبية الرائعة، في هذه المنطقة على ارتفاع يناهز 1700 متر، تقع بلدتي "جوار الحشيش"، التابعة لمحافظة البقاع، وجارتها بلدة "كرم شباط" ومحميتها التابعة للقبيات في محافظة الشمال، ولكن المعاناة مشتركة، فالطرقات لوثتها الشاحنات والآليات الثقيلة بالغبار الذي تنثره عبر مرورها محملة بالأتربة والبحص والصخور من كسارات غير مرخصة، تنهش الجبال دون حسيب ولا رقيب، فهذه الأشجار المعمرة يتم قطعها، وتعاني التلوث وتغطى بالأغبرة وبخار محارق الإطارات المنتشرة هناك، هذه الأشجار المميزة لطبيعة لبنان والمنطقة فيما آثار الموت والدمار بادية عليها.

       وعلى الرغم من مراجعات الأهالي المتكررة، من الوضع المزري الذي وصلت إليه الطرقات التي تمر عبر مزارعهم وبيوتهم وتهدد محاصيلهم ومواشيهم وأساسات المنازل، تنطلق شاحنات محملة بالأتربة والصخور، فضلا عن شاحنات صغيرة تنقل من المناطق، وخصوصا شمالا، بقايا الإطارات ليتم حرقها للحصول على الحديد، تاركة خلفها سحبا سوداء تصيب المنطقة الجميلة التي يقصدها أهلها صيفا كمصيف لنقاء هوائها وارتفاعها بعيدا عن زحمة وحر المدن، وتلوث التربة والأشجار والهواء بما تنفثه من غازات سامة وبقايا حرق هذه الإطارات.

 

إرهاب بيئي

 

       قبل نحو أيام ثلاثة طفح الكيل، فبادر الأهالي لقطع الطريق أمام الشاحنات والآليات الثقيلة، ليتم استدعاء الجيش من قبل أحد الأشخاص، وبعد رفض الأهالي فتح الطريق، اقتيد الشاب رامي محمد جعفر إلى طرابلس مكبلا، وبعد مراجعة المواطنين تم إطلاق سراحه بعد احتجازه لساعات.

       "المنطقة مهددة بإرهاب بيئي ليس له مثيل، فما تعجز عنه الكسارات والمقالع غير القانونية، تكمله عملية حرق الإطارات المستمرة، وهي تطلق الغازات السامة والروائح الكريهة، ومخلفة رواسبا على تربة المنطقة، لا يمكن أن تزول لعقود وقرون"، وفقا للمواطن بسام محمد جعفر، أخ الشاب رامي، والذي أطلق صرخة عبر موقعنا ghadinews.net موثقا مشاهدات أمام المسؤولين لما يحصل في المنطقة، مهيبا "بالمعنيين التصرف الفوري لإيقاف المجزرة البيئية التي تحصل أمام أعيننا"، مؤكدا أن "المواطنين في المنطقة يشتكون من هذا الوضع الكارثي، ما أدى إلى انتفاضهم وقطع الطريق"، وقد زودنا بصور تبين حجم التعدي الحاصل، خوفا من تفاقمه إلى مستويات غير مقبولة.

       وأشار جعفر إلى أن "عين الدولة غائبة ولكن عندما قام أحدهم وربما من الكسارات بالإتصال والإبلاغ عن قطع الطريق، حضرت مجموعة من الجيش وطالبت بفتح الطريق، وعندما رفض الأهالي، اقتيد أخي رامي إلى طرابلس وتم التحقيق معه، وأفرج عنه لاحقا، ولا زالت الطريق مقفلة"، وأضاف: "لماذا التغاضي عن التجاوزات غير القانونية في الجبل، وبالمقابل معاقبة المواطنين الذين يدافعون عن أرزاقهم ولقمة عيشهم وبيوتهم أمام قوافل الشاحنات التي تجوب طرقاتنا ليل نهار وتملأها بالحفر؟ ولا ننسى الإنفجارات، التي تهدد أساسات بيوتنا وتلوث ينابيعنا وتطاول أرزاقنا من مزروعات وحيوانات، وتمنعنا من النوم والتمتع بمنطقتنا المشهود لها بالطبيعة الخلابة"، وختم قائلا: "لا نريد إلا أن نحافظ على أرضنا وطبيعتنا ومحيطنا النقي من أجل مستقبل وصحة أهلنا وأولادنا".

 

وضع كارثي

 

       وقال مصدر خاص من المنطقة لـ ghadinews.net رفض ذكر اسمه: "الوضع أقل ما يقال عنه كارثي، مع أكثر من عشرين كسارة تنهش الجبل، وقطعت أكثر من مليون من الأشجار المعمرة التي يتجاوز عمرها مئات السنين من اللزاب والأرز والشوح والكوكلين والسنديان، فضلا عن التفجيرات التي تزلزل الأرض وتلوث عين (الحريق) وعين (مسارة) وعين الجوز التي تغذي المنطقة، وشاحنات الإطارات التي تصل من كل حدب وصوب لتحرق للحصول على الحديد، ويصل دخانها حتى حمص، مع العلم أن لدينا محمية رسمية هي محمية (كرم شباط) التي لا يحميها للأسف أي ناطور أحراج، فالتعديات تطاول المحمية والمنطقة من كل مكان، كما ان طرقنا تحولت إلى خنادق من مرور الآليات الضخمة من شاحنات وجرافات وغيرها".

وأشار المصدر إلى أن "الفلتان الأمني يمنعنا من الشكوى، والمتحكمين بهذه الكسارات متمولون يدفعون للجميع ليتم لهم ما يريدون، فحكم الجهلة الذين لا يعلمون قيمة هذه الأرض ووطنهم هو السائد، ومنذ 25 عاما، تتابعت مناشدات المواطنين والأهالي للوزراء والمسؤولين الذين زارونا للإلتفات إلى منطقتنا وما تعانيها ولكن ليس من مجيب".

وأهاب المصدر بالإعلام "الإلتفات إلى منطقتنا المنكوبة التي تعاني الأمرين من التلوث والتخريب البيئي وحكم (الزعران)، على الرغم من أنها من أجمل مناطق لبنان".

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن