"غدي نيوز" ينشر النص الكامل لنيويورك تايمز: تغير المناخ يقتل أرز لبنان

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, July 24, 2018

"غدي نيوز" ينشر النص الكامل لنيويورك تايمز: تغير المناخ يقتل أرز لبنان

خاص "غدي نيوز" – ترجمة سوزان أبو سعيد ضو

 

بعد زيارة الكاتبة Anne Barnard في صحيفة " نيويورك تايمز " New York Times وبرفقتها المصور الفوتوغرافي Josh Haner إلى غابات الأرز في منطقة الباروك ، كتبت تقريرا موسعا مع الصحافية ندى حمصي بعنوان "تغير المناخ يقتل أشجار أرز لبنان"، وقالت في مقدمة مرئية من صور متتابعة "أشجار الأرز القديمة عاشت أكثر من امبراطوريات عدة ونجت من الحروب الحديثة، والمتمسكة بمناطق تتقلص، وتمثل مرونة لبنان، لكن تغير المناخ قد يقضي عليها!".

وقالت في مقدمة المقال: "إن من يمشي بين الأرز على المنحدرات الجبلية في لبنان يبدو وكأنه يزور موطنا للكائنات البدائية، بعض أقدم الأشجار كانت هنا منذ أكثر من 1000 عام، وتنشر أفرعها الأفقية الفريدة مثل الأذرع الممدودة، وترسل جذورها إلى عمق الحجر الجيري، وهي تزدهر نتيجة الرطوبة ودرجات الحرارة الباردة التي تجعل هذا النظام البيئي من الأنظمة غير العادية في الشرق الأوسط، مع قمم الجبال التي تلتصق بالغيوم الطافية من البحر الأبيض المتوسط وتلمع بثلج الشتاء".

وتابعت بارنارد: "ولكن الآن، وبعد قرون من النهب البشري، قد يواجه أرز لبنان تهديده الأكثر خطورة: فالتغير المناخي يمكن أن يزيل معظم غابات الأرز المتبقية في البلاد بحلول نهاية القرن، فمع ارتفاع درجات الحرارة، تميل (منطقة الراحة البيئية للأرز) cedars’ ecological comfort zone  للإرتفاع نحو ارتفاعات أعلى من الجبال، لتلحق الشتاء البارد الذي تحتاجه للتكاثر، لكن هنا في غابة الباروك، جزء من محمية الشوف للمحيط الحيوي، جنوب بيروت، ليس هناك أماكن أعلى يمكنها الصعود إليه، فالمناخ يميل إلى الدفء بالمعدلات المتوقعة بسبب استمرار ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، ويقول بعض الباحثين أنه بحلول العام 2100 سيكون بإمكان الأرز أن يزدهر فقط في الطرف الشمالي من البلاد، حيث الجبال أعلى".

وقالت بارنارد: "أما في الشمال، فهناك مشاكل مختلفة. فقد فقدت غابة الأرز الأكثر كثافة في لبنان، في محمية غابة أرز تنورين الطبيعية أكثر من 7 بالمئة من أشجارها بسبب نوع من الحشرات لم يكن معروفا قبل عام 1997، والمرتبطة بشكل مباشر بالمناخ الجاف والدافئ"، وأشارت إلى أنه "على مر التاريخ، كانت أشجار الأرز تحظى بتقدير كبير لاستخدامها في المباني والمراكب، ولبناء المعابد في مصر القديمة والقدس، ففي حين أن تغير المناخ لم يكن البادئ بالتعديات على أشجار الأرز، فقد يكون الضربة القاضية بالنسبة لها".

وأضافت: "كانت هذه الأشجار منتشرة على مساحة عدة آلاف من الكيلومترات المربعة من الغابات عبر معظم المرتفعات اللبنانية، أما الآن فقد تبقى 17 كيلومترا مربعا من أشجار الأرز فقط، في مناطق متفرقة، وقد تم تسييج غابة الأرز الأكثر شهرة في البلاد، والتي يطلق عليها أحيانا اسم (أرز الرب)، من أجل الحفاظ عليه منذ العام 1876".

وفي التعليق المرئي للتقرير لحظت بارنارد أن "اليونسكو قد أضافت غابة الأرز هذه إلى لائحة التراث العالمي منذ عشرين سنة، وهذه الغابة معزولة وقدرتها على التمدد محدودة، وتؤكد الأونسكو أن هذه الغابة هي الأكثر تأثرا بتغير المناخ".

وتابعت بارنارد: "يعتقد البعض أن هذه البقعة هي حيث كشف المسيح (عليه السلام) نفسه بعد البعث لأتباعه، كما قال أنطوان جبرائيل طوق، مؤلف كتاب عن الأرز"، وعن الأرز، وقالت: "إن أرز لبنان هو نوع متميز معروف علميا باسم Cedrus libani، ينمو بشكل رئيسي هنا في لبنان وفي تركيا، وتنبت الأشجار أواخر الشتاء لأنها تحتاج إلى درجة حرارة منخفضة، ويفضل أن يكون ذلك مع تساقط الثلوج"، وأشارت إلى انه "هذا العام، كان الشتاء معتدلا وفقا لعمر أبو علي، منسق السياحة البيئية لمحمية الشوف للمحيط الحيوي، أكبر منطقة محمية في لبنان، مشيرا إلى وجود أدلة على الأرض في غابة الباروك، فقد كان الوقت أوائل شهر نيسان (أبريل) وقد بدأت بذور الأرز بالتبرعم، وعادة لا تظهر هذه الشتول حتى أوائل أيار (مايو)، ولذلك تكون عرضة لخطر الموت نتيجة البرد كما تكون أكثر عرضة للحشرات، مؤكدا أن هذا هو الإنبات المبكر، ويمكن أن تموت".

ولفتت بارنارد أنه "منذ جيل مضى، كان تساقط الأمطار حوالي 105 أيام في السنة في الجبال، وفي الأعالي، كان الثلج يبقى على الأرض لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، أما في فصل الشتاء الماضي، لم يكن هناك سوى 40 يوما من المطر وشهر واحد فقط من الغطاء الثلجي، ووفقا لمدير المحمية نزار هاني، فإنه يقول أن تغير المناخ حقيقة هنا، فهناك مطر أقل، ودرجات حرارة أعلى، فضلا عن درجات حرارة أكثر تطرفا، سواء الدافئة منها أو الباردة، مضيفا أن غابة الأرز تنتقل إلى ارتفاعات أعلى، وأنه من غير الواضح، أي نوع من الأنواع التي تعيش عادة إلى جانب الأرز سوف ينجو في ارتفاعات أعلى، ما يغير النظام البيئي بأكمله".

وأشارت بارنارد إلى دراسة أجريت في العام HYPERLINK "https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1631069110001666" 2010 ذكرت أنه في حالة ارتفاع درجة حرارة المناخ بمعدلات متوقعة، فلن ينمو المزيد من الأرز في الشوف، لأن الجبال هناك ليست مرتفعة بما فيه الكفاية، في حين يرى بعض الأخصائيين اللبنانيين أن هذا التنبؤ مفرط في التعقيد، إلا أنهم متفقون على أن الأرز يواجه حالة طارئة.

وتابعت بارنارد: "يقول الدكتور هاني نحن في سباق مع الزمن، وليس لدينا وقت لنضيعه".

أما في محمية تنورين شمال بيروت، فقالت بارنارد: "إن تساقطات الثلوج القليلة هذه السنة تشكل ضغطا متزايدا على مديري الغابات، الذين يستعدون لموسم عصيب مع حشرة CephalciaHYPERLINK "http://www.agri.huji.ac.il/mepests/pest/Cephalcia_tannourinensis/" HYPERLINK "http://www.agri.huji.ac.il/mepests/pest/Cephalcia_tannourinensis/"tannourinensis، وهي حشرة معروفة باسم ذبابة نبتة خشب الأرز التي تتغذى على أوراق الأشجار الصغيرة التي تشبه الإبر الصغيرة، وقد كانت الحشرة مجهولة للعلماء حتى العام 1998، عندما تعرف عليها نبيل نمر، وهو عالم حشرات لبناني، وهي سبب (اللفحة الغامضة) التي ضربت تنورين في أعوام سابقة، ما أسفر عن القضاء على مساحات كبيرة من الغابة"، وأضافت: "وقد اكتشف نمر، الذي استدعي للتحقيق في هذا الأمر، أن المتسبب بهذه اللفحة هي (ذبابة المنشار) sawfly، التي تدفن نفسها في الأرض في الشتاء، ولم يسبق أن لوحظت من قبل لأن دورة حياتها في البداية لم تتوافق مع أشجار الأرز، ولكن مع ذوبان الثلوج في وقت مبكر، ظهرت الحشرات في وقت سابق، ووضعت بيضها في الوقت المناسب لليرقات لتتناول براعم أوراق الأرز الجديدة".

واقتبست بارنارد ما قاله نمر: "يمكننا أن نرى هنا تأثيرا مباشرا لتغير المناخ، فإنه في الفترة بين الأعوام 2006 و2018، قضت هذه الحشرات على 7.5 في المئة من أشجار غابة تنورين، لا سيما اليافعة منها"، وبالمقابل لفتت بارنارد إلى أن "اكتشاف (ذبابة المنشار) حفز الناس لإنشاء محمية تنورين، ولحماية الأشجار، كما يستخدم العلماء أساليب جديدة لمكافحتها بفطريات موجودة بشكل طبيعي في الغابة يمكن أن تقتل يرقاتها"، وخلصت إلى أن "الحشرات ليست سوى التهديد الأخير للأرز، الذي واجه، مثله مثل لبنان، تحديا تلو الآخر: التضاريس الوعرة والغزو والنهب والصراعات".

وفي التعليق المرئي مع صور معبرة من غابات الأرز نص يقول "الأرز قادر على الإستمرار في بيئة صعبة مليئة بالتحديات، وتستطيع جذوره أن تشرب من ينابيع داخل الصخور المسامية، وهذه القدرة على الإستمرار تجعل هذه الشجرة رمزا للبنان".

وتابعت بارنارد: "خلال خمسة آلاف سنة من التاريخ المسجل، أشادت مجموعة من الحضارات بالأرز اللبناني - ثم قامت بتقطيعها، وقد أزيلت غابات لبنان من قبل حضارات بلاد ما بين النهرين والفينيقيين والمصريين القدماء، ومن قبل الإمبراطوريات اليونانية والرومانية ومن قبل الصليبيين والمستعمرين والاضطرابات الحديثة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فالأشجار تمثل رمزا للبلد الذي يقف فيه الأرز في قلب العلم اللبناني".

وقالت بارنارد: "هذه الشجرة تقدم العظمة، لبلد صغير ضعيف، والجذور، لأجيال تفرقت نتيجة الجوع والصراعات، والتاريخ القديم، للدولة التي نحتتها القوى الاستعمارية، فلقد استهدف الغزاة لبنان منذ فترة طويلة بسبب مصادر المياه التي يحتويها، وموانئه، والأرز الثمين الذي قاموا باستخدامه في قصورهم ومعابدهم وسفنهم، ، وقد جذبت الجبال الصخرية الحادة ولعدة قرون طوائف الأقليات الفارين من جيرانهم العدائيين، وقد استهلكت ماشيتهم من الماعز مواقدهم التي تستخدم الخشب المزيد من الأرز، كما أن صراعات أمراء الحرب لا تزال تثير الفوضى البيئية حتى يومنا هذا"، وأضافت: "في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كان لدى لبنان خطة خضراء وطنية Green Plan لإعادة زراعة الكثير من أشجار الأرز، ثم جاءت الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما. تم نسيان الخطة، وقام بعض أمراء الحرب بحماية الأرز، على طريقتهم، في جبال الشوف، زرع المناضلون الدروز الألغام الأرضية حول الغابات".

وتابعت بارنارد: "قبل أربع سنوات، بدأت وزارة الزراعة اللبنانية خطة جديدة لزراعة 40 مليون شجرة، بما في ذلك بعض أشجار الأرز، وتشرف وزارة البيئة على إدارة مناطق الأرز المحمية بشكل منفصل، ومع ذلك، حتى اليوم، فإن الانقسامات السياسية وإرث الحرب، تجعل الحكومة ضعيفة للغاية ومجزأة لبناء أنظمة وطنية فعالة للكهرباء، ولتوصيل المياه، وللصرف الصحي أو إزالة النفايات، ناهيك عن خطة رئيسية قابلة للتنفيذ من أجل حماية أشجار الأرز، كما يقول علماء البيئة، ومع ذلك، يرى الكثير من اللبنانيين في هذه الشجرة انعكاسا لتفرد أرضهم وقدرتهم على النجاة من عواصف التاريخ".

ويقول هاني: "إنها شجرة قوية للغاية قوية بما يكفي لتكون قادرة على العيش في ظروف صعبة للغاية"، ويضيف "إنها فريدة جدا ونبيلة ومختلفة عن أي نوع آخر من الأشجار".

وفي لبنان تتابع بارنارد: "تجد الأرزة على اللافتات والأوشام، وواجهات المحلات والهدايا التذكارية والملصقات السياسية، وغالبا ما يكون هذا النوع من الصور منمقا، مثل اللون الأخضر المشرق على علم البلد البهيج، وكرؤية الطفل للشجرة المثالية. وتطفو رائحة هذه الأشجار في عسل الأرز وصابون زيت الزيتون المعطر بخشب الأرز، كما وتضع شركة طيران الشرق الأوسط رسم الشجرة على ذيول الطائرات وأجنحة الطائرات، كما لو كان ذلك للتأكد من عدم تمكن المسافرين من تفويت هذا الرمز".

ويرجع ذكر الارز الى واحدة من قصص البشرية الأولى، وهي ملحمة جلجامش، وفي القصة، يقتل جلجامش همبابا، حارس غابة الارز، وينقل الاشجار لبناء القصور والحصون، ويصف فيصل أبو عز الدين، الذي يروي كتابه "ذكريات الأرز" قروناً من إزالة الغابات، وهزيمة همبابا بأولى انتصارات كثيرة للمستهلك على حساب المحافظين على البيئة، وقد ذكر الارز مرارا وتكرارا في الكتاب المقدس. وفي أغنية النبي سُليمان، يشبهون جمال الحبيب: "وجهه كلبنان، ورائع كالأرز".

 

 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن