"الجنوبيون الخضر" يوثقون بالصور ذئبا أسود في لبنان

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Sunday, September 30, 2018

د. يونس: البرية اللبنانية قادرة على استعادة توازنها

خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

 

ما يزال التدهور البيئي الذي يشهده لبنان مع استمرار التلوث الذي طاول الهواء والمياه والتربة، ومع الحلول المجتزأة في مجالات عدة وعدم لحظ معايير الإستدامة، ولا احترام الإتفاقيات الدولية التي وقع عليها لبنان، ومنها اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط، يحول دون تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تعهد بها لبنان، خصوصا في ما يتعلق باتفاق باريس للمناخ الذي حدد أهدافا واضحة، ومنها الهدف 11 وينص على جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة، أو الهدف 14 وينص على حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام من أجل التنمية المستدامة، والهدف 15 المتعلق حماية واستعادة وتعزيز الاستخدام المستدام للنظم الإيكولوجية الأرضية، ونتيجة لما تقوم به السلطات من تقصير في هذه المجالات، فإن الهدف 13 الذي ينص على اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره، يأتي منقوصا أو حتى لم تعمل به لا المؤسسات العامة ولا الخاصة بأي من المجالات، خصوصا لجهة المكبات الشاطئية وإقرار المحارق، وما يلقى في المجاري المائية من المؤسسات والشركات والمجمعات السكنية من مياه صرف صحي ومواد ملوثة كيميائية وزراعية وغيرها، ولا ننسى عدم تطبيق قوانين حماية والرفق بالحيوانات وقانون الصيد ولا تنفيذه على الأرض، ما انعكس فوضى في مجال الصيد وتعديات سافرة طاولت على الحياة البرية وخصوصا تلك الممنوع صيدها وتعذيب الحيوانات الأليفة.

 

ومضات من الأمل

 

إلا أنه على الرغم من الصورة القاتمة للوضع البيئي في لبنان بشكل عام، تأتي ومضات من الأمل تتمثل بما تبقى من مساحات تتقلص مع الزمن، ولم تقترب منها المجمعات السكنية ولم تغزها "غابات الإسمنت"، ولم يتسلل إليها التلوث، تتألق فيها الكائنات الحية، ونادرا ما توثقها الكاميرات، إلا أن أصدقاء لجمعية "الجنوبيون الخضر" شاهدوا ولمرات عدة ذئباً أسود وتمكن أحدهم من توثيقه بالصور، وفقا لرئيس الجمعية الدكتور هشام يونس.

وقال يونس لـ "غدي نيوز": "نهاية العام 2017 أبلغنا عن مشاهدة حيوان أسود في البرية قيل في حينه انه يبدو ذئباً لحجمه وشكله، واحتفظنا بهذه المشاهدة وتابعنا محاولة الحصول على معطيات أكثر لتحديد النوع وفي شباط (فبراير) 2018، تمكن أحد الأصدقاء من إلتقاط صور لهذا الحيوان، واستمعنا الى شهادته، وأكد أنه قد شاهده مرتين، وفي المنطقة الجغرافية ذاتها، وبالنظر الى المواصفات وسلوكياته وأماكن تواجده التي أعطاها عن الحيوان، وبالمقارنة مع الصور، وعلى هذا البعد ولجهة حجمه الذي يفوق حجم الكلب وشكل الرأس والأذنين وطول القوائم وضيق الصدر، جعلنا نرجح فرضية ان يكون الحيوان ذئباً من نوع الذئب الرمادي Canis lupus المتواجد في البرية اللبنانية، ويعد لبنان أحد مواطنه الطبيعية، كما ان المنطقة حيث شوهد كانت تعد احدى مناطق نشاطه لعقود مضت، وإن كان من الصعب حسم الأمر بالكامل بدقة علمية موضوعية، من دون الاطلاع وفحص آثاره، أي كف (آثار) قدميه والمخالب وبرازه، لجزم نوعه. وقد غلب على فرو (الذئب) اللون الأسود، ولم يكن واضحاً تماماً ما اذا كان ثمة تداخل مع الوان أخرى في بعض أجزاء الجسم الأخرى".

 

حيوية البرية اللبنانية

 

وتابع يونس: "أظهرت دراسات جينية على الذئاب أن اللون الأسود يعود الى طفرة جينية نتيجة تزاوج هذا النوع من الذئاب مع كلاب في فترات سابقة، وهذه السلالة الهجينة موجودة اليوم ضمن الكثير من مجموعات الذئاب الرمادية المتواجدة حول العالم، وان كان اللون الأسود الكامل هو الأقل شيوعاً بينها"، وأشار إلى أنه "لا نستطيع الجزم اذا ما كان ذئبا منفرداً". وأضاف: "لم نكن بصدد عدم الإعلان عن ذلك، ولكن خشينا من وقوعه ضحية القتل والتعدي خصوصا وأن الذئاب حيوانات جوالة ولمسافات بعيدة، لذا قررنا ان نعلن عن هذا الموضوع للتوعية حول أهمية هذا الكائن الحيوي في المنظومة البيئية وندرته وضرورة الحفاظ عليه، وسنتابع للحصول على معلومات إضافية عنه".

ولفت إلى أنه "خلال العام الحالي وثقنا حدثين هامين يتعلقان بهذا النوع من الذئاب: الأول وهو ولادة مجموعة من الجراء (أربعة) من أنثى ذئب رمادي وتوثيقها بالصورة، بالإضافة إلى مشاهدة الذئب الأسود، مع العلم أن كلا من هذين الحدثين حصلا في موقعين مختلفين، ولذا نعتبر هذين الحدثين المنفصلين مؤشرا هاما على حيوية البرية اللبنانية، وقدرتها على استعادة توازنها متى ما أعطيت الفرصة لذلك على الرغم من كافة الانتهاكات وتقويض الموائل المتواصل، فإننا نصادف دوما مؤشرات على قدرة بعض الكائنات ليس على التكيف فحسب بل  والتعافي وتكاثر أعدادها".

 

عناصر هجينة

 

ولدى سؤاله إن كانت هناك أنواع من الذئب الرمادي أو أنه نوع مستقل، قال يونس: "لا علم لي أن للذئاب السوداء اسما علميا خاص بها، هي أفراد ضمن أنواع الذئب الرمادي الفرعية وليست فرعاً قائماً بذاته، ومن الممكن أن تتواجد بأكثر من نوع فرعي للذئاب نتيجة تزاوج سابق مع الكلاب، والتي تتشارك معها العائلة البيولوجية (الفصيلة) الكلبيات Canidae والسلالة (الجنس) المتفرعة عنها: الذئبيات Canini التي تضم الذئاب على أنواعها والكلاب وبنات آوى الذهبية وغيرها. والسلالة الأخرى هي الثعلبيات Vulpini وتضم مختلف أنواع الثعالب".

وأضاف يونس: "هذا التزاوج خلال فترات قديمة أو حديثة جعل هذه القبائل أو مجموعات تحمل عناصر هجينة سارت في أجيالها ثم إختلطت مع قبائل أخرى وحملت إليها هذه العناصر، وفي المقلب الآخر هناك انواع هجينة من الكلاب التي تزاوجت مع الذئاب (عادة يقصد بذلك التزاوج مع ذكر ذئب وأنثى كلب) مثل Wolfdog. وهذا يعيدنا إلى النقاش الدائر حول النقاء البيولوجي للذئب الرمادي أو بعض أنواعه وتمييزها عن بعضها بالنظر إلى العناصر الهجينة. وفي موضوع الذئب الأسود هذا، الامر خارج عن قدرتنا لتحديد الأمر بيولوجياً والذي يحتاج إلى معطيات أكثر، ويحتاج إلى دراسات مستفيضة من قبل أهل الاختصاص والذي من شأنه أن يسهم في فهم أفضل وعميق لأنواع الذئاب الناشطة في لبنان والمنطقة وهو ما يكشف فصولاً من التاريخ الطبيعي الغني للمنطقة".

 

رأس السلسلة الغذائية

 

وقال يونس: "إن استمرار تواجد ونشاط الذئاب في البرية اللبنانية يعد من أهم هذه المؤشرات، وذلك لخصوصيات هذا النوع وعناصر موائله وبنيته الاجتماعية المعقدة، وهو يشكل رأس السلسلة الغذائية للنظم البيئية للبرية اللبنانية، ودوره هام للغاية في الحفاظ على توازن النظم البيئية من خلال تنظيم أعداد الحيوانات التي تقع ضمن نظامه الغذائي مثل الخنازير البرية وغيرها من الثديات وحتى اللواحم الأخرى وهو بالتالي يسهم في استعادة النظم الإيكولوجية توازنها، ولذلك فان حمايته، الى جانب حماية باقي الأنواع، يجب أن يشكل اولوية لجهة المحافظة على البرية اللبنانية واستعادة حيويتها وتوازنها، وهو المبدأ الذي نعمل عليه في جمعيتنا".

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن