بمشاركة باحثين لبنانيين...تقرير عالمي حول نظام غذائي مستدام قد ينقذ الكوكب والملايين!

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Wednesday, January 23, 2019

بمشاركة باحثين لبنانيين...تقرير عالمي حول نظام غذائي مستدام قد ينقذ الكوكب والملايين!

خاص "غدي نيوز": سوزان أبو سعيد ضو

 

سيكون من المستحيل إطعام العدد المتزايد من سكان العالم والمتوقع أن يبلغ 10 مليارات نسمة بحلول العام 2050، إلا باتباع نظام غذائي صحي ومستدام لجهة تغيير عادات الغذاء، وتحسين أساليب إنتاجه، فضلا عن الحد من نفايات الطعام، وفقا لتقرير عالمي وضعته لجنة EAT-Lancet في تقريرها العلمي، التي نشرته مؤخرا المجلة الطبية البريطانية The Lancet، وشارك فيه باحثون لبنانيون.

لجنة EAT-Lancet

ومشروع لجنة EAT-Lancet ومدته ثلاث سنوات، جمع 37 خبيرا من كافة أنحاء العالم في مجالات الصحة والتغذية والاستدامة البيئية ونظم الغذاء والاقتصاد والحوكمة السياسية، ومنهم أستاذ ورئيس قسم تصميم الحدائق والمساحات الطبيعية وإدارة الأنظمة البيئية  Department of Landscape Design and Ecosystem Management  في كلية العلوم الزراعية والغذائية  Faculty of Agricultural and Food Sciences في "الجامعة الأميركية في بيروت" American University of Beirut، الدكتور رامي زريق.

وابتكرت اللجنة ما أسموه "النظام الغذائي الصحي الكوكبي" أو "الحمية الصحية الكوكبية"  Planetary Health Diet، في تقرير علمي سعى لوضع مبادئ توجيهية توفر الغذاء الكامل بالعناصر الغذائية لسكان العالم الذين يتزايدون بسرعة، وفي الوقت عينه، يتناول التقرير الدور الرئيسي للزراعة وخصوصا تربية المواشي والزراعة الصناعية في تغير المناخ لجهة إطلاق غاز الميثان الذي يساهم في الإحترار المناخي، وتدمير الحياة البرية لصالح الزراعات الكبيرة وتلوث الأنهار والمحيطات.

ووفقا للعلماء "يعتبر هذا النظام الغذائي مكسبا Win-Win، فهناك حاجة ماسة إلى تحويل نظام الغذاء العالمي، لأن أكثر من 3 مليارات شخص يعانون من سوء التغذية سواء من يعانون نقص التغذية undernourished أو من الزيادة في التغذية غير الصحية overnourished، لأنه سيوفر ما لا يقل عن وفيات بمعدل 11 مليون شخص سنويا ناجمة عن الغذاء غير الصحي، في حين يمنع انهيار العالم الطبيعي الذي تعتمد عليه البشرية".

مخاطر الحميات غير الصحية

وتعتبر الأنظمة الغذائية غير الصحية السبب الرئيسي في اعتلال الصحة في كافة أنحاء العالم، حيث يعاني أكثر من 800 مليون شخص من الجوع في الوقت الراهن، و 2 مليار شخص من سوء التغذية لجهة استهلاكهم حمية منخفضة الجودة، تتسبب بزيادة الوزن أو السمنة  بسبب النقص في المغذيات الدقيقة، وتساهم في حدوث زيادة كبيرة في معدلات السمنة والغذاء المرتبطين بالنظام الغذائي، وهي تتسبب بتزايد مضطرد في الأمراض غير المعدية ذات الصلة، بما في ذلك أمراض القلب التاجية والسكتة الدماغية والسكري، وهذه الحميات غير الصحية تشكل خطرا أكبر لجهة المرض والوفيات بالمقارنة مع الجنس غير المأمون، والكحول والإدمان على المخدرات التبغ مجتمعين.

خبراء عالميون

       في هذا المجال، قال الأستاذ من جامعة هارفارد Harvard University وأحد أكبر خبراء اللجنة التي جمعتها مجلة لانسيت الطبية ومنظمة "إيت فوروم" Eat Forum غير الحكومية" والتر ويليت  Walter Willett: "يجب أن تتغير الأنظمة الغذائية في العالم بشكل كبير، وقد خلص التقرير إلى دعوة صانعي السياسة في 40 مدينة في كافة أنحاء العالم، إلى أنه ضرورة خفض النفايات الغذائية إلى النصف أي إلى 15 بالمئة".

       وقال البروفيسور يوهان روكستروم Johan Rockström من مركز ستوكهولم للمرونة Stockholm Resilience Centre في السويد، وهو مؤلف آخر لهذا التقرير: "تشكل الإنسانية الآن تهديدا لاستقرار الكوكب"، وأضاف "وجد التقرير أن هذا لا يتطلب ثورة زراعية عالمية جديدة فحسب، بل يجب تحسين إنتاجية المزارع في الدول الفقيرة لخلق عالم مستدام وصحي".

وقال المحرر الرئيسي في موقع "لانسيت" The Lancet الدكتور ريتشارد هورتون Richard Horton: "إن ارتباطنا بالطبيعة يحمل الإجابة، وإذا كان بإمكاننا تناول الطعام بطريقة تتوافق مع كوكبنا وأجسامنا، فسيتم استعادة التوازن الطبيعي لموارد الكوكب"، وأضاف: "الطبيعة التي تتلاشى هي المفتاح لبقاء البشر والكوكب".

الدكتور زريق

وتناول الدكتور زريق في التقرير قضية النظم الغذائية المستدامة، وركز بشكل خاص على آثار النظم الغذائية على استخدام المياه في الزراعة.

وقال زريق لـ "موقع الجامعة الأميركية": "إن منطقتنا بشكل عام، ولبنان بشكل خاص، تعاني من نقص مزمن في المياه ، واستخدام المياه العذبة الحالي غير قابل للاستدامة إلى حد كبير، ويجب أن نسعى إلى تقليص فجوات الإنتاج، وتحسين كفاءة استخدام الماء والسماد، وبشكل جذري للبقاء ضمن حدود من ناحية أخر ، هناك مجال للعمل البيئي الآمن في منطقتنا، لكن بالمقابل هناك آثار هامة لجهة تغيير السياسة المتبعة بناء على هذه التصريحات، إلا أن هناك أدلة كافية حاليا لتبرير ضرورة اتخاذ إجراء فوري".

وأضاف زريق: "إحدى الرسائل الرئيسية لتقرير EAT-Lancet هي: المزيد من الفواكه والخضراوات للجميع ، نسب أقل من اللحوم للبعض "، ويوضح زريق:"بالنسبة للطبقات الاجتماعية الأكثر ثراء في لبنان والمنطقة التي تستهلك الكثير من اللحوم، يجب أن يكون هذا بمثابة دعوة للتنبيه حيث أن نظامهم الغذائي له آثار سلبية على صحتهم وعلى صحة كوكب الأرض، ولكن هناك أيضا الكثير من الأشخاص الأكثر فقرا في منطقتنا، خصوصا النساء والأطفال، الذين يمكن تحسين التغذية والصحة من خلال الاستهلاك من كميات متواضعة من اللحوم".

الحمية الصحية الكوكبية

وعلى الصعيد العالمي، وبالمقارنة بالأنظمة الغذائية الحالية يتطلب اعتماد التوصيات الجديدة لـ "الحمية الصحية الكوكبية" Planetary Health Diet التركيز بشكل كبير على النباتات، ويسمح بمعدل 2500 سعرة حرارية في اليوم، وخفض استهلاك اللحوم الحمراء والسكر إلى النصف، في حين يجب مضاعفة الخضار والفاكهة والبقول والمكسرات، لكن في أماكن محددة من العالم تكون التغييرات متشددة أكثر، إذ يحتاج سكان أمريكا الشمالية إلى أكل لحوم حمراء أقل بنسبة 84 بالمئة، ولكن بالمقابل ست مرات أكثر من أنواع الفاصوليا والعدس، بالنسبة للأوروبيين، فإن عليهم تناول نسبة أقل من 77 بالمئة من اللحوم الحمراء و15 مرة أكثر من المكسرات والبذور للتوافق مع إرشادات الحمية، فضلا عن خفض استهلاك الأطعمة غير الصحية إلى حد كبير.

وقال ويليت إن "هذه المكونات توفر نظاما غذائيا مرنا ومتنوعا"، وأشار إلى أنه "نحن لا نتحدث عن نظام غذائي يتسبب بحرمان الأشخاص من الأطعمة، بل نتحدث عن طريقة تناول الطعام التي يمكن أن تكون صحية ونابضة بالحياة وممتعة في الوقت عينه".

وقال الباحثون إن النظام الغذائي الصحي  للكوكب يشبه تلك التي كانت معروفة بالفعل سابقا مثل "حمية البحر الأبيض المتوسط" Mediterranean diet​​ و"حمية أوكيناوا" Okinawa diet.

خلاصة

تقترح اللجنة خمس استراتيجيات لتعديل ما يأكله الناس وكيفية إنتاجه، وتشمل وضع سياسات تشجع الأفراد على تبني نظام غذائي صحي بهدف الوصول إلى استدامة هذه الأنظمة الغذائية، وبالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى استراتيجيات لإعادة تركيز الجهود الزراعية على إنتاج محاصيل غنية بالعناصر المغذية وتكثيف الزراعة على نحو مستدام، وبالمثل، فإن الحوكمة الفعالة لاستخدام الأراضي والمحيطات ستكون مهمة للحفاظ على النظم البيئية الطبيعية، وضمان استمرار الإمدادات الغذائية، وأخيرا ، يجب أن تكون نفايات الطعام على الأقل إلى النصف، بما في ذلك النفايات التي تحدث أثناء عملية إنتاج الطعام، ومخلفات الطعام من قبل المستهلكين.

واعترف التقرير بالتغيير الجذري المطلوب وصعوبة تحقيقه: "سيتطلب تحقيق هذا الهدف اعتماد العديد من التغييرات بشكل سريع والتعاون والتزام عالميين لم يسبق لهما مثيل"، ولكنه لحظ "حدوث تغيرات عالمية كبرى من قبل، مثل الثورة الخضراء التي زادت من إمدادات الغذاء بشكل كبير في الستينيات من القرن الماضي، لذا يجب النظر في الانتقال الى فرض ضريبة على اللحوم الحمراء ومنع توسع الأراضي الزراعية وحماية مساحات شاسعة من المحيط"، وخلص التقرير إلى أن "هذا الأمر ليس أقل من تحول عظيم في النظام الغذائي العالمي للقرن الحادي والعشرين".

وقد استقطب هذا التقرير اهتمام المواقع والصحافة العالمية ومنها:The New York Times، The Guardian، BBC، El Pais،
 Le Monde
،National Geographic  و  VG.

المصادر: AUB، The Lancet، The Guardian والمواقع السابقة.

 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن