مهلا... البيئيون ليسوا بجامعي قُمامة!

Ghadi news

Monday, September 16, 2019

مهلا... البيئيون ليسوا بجامعي قُمامة!

"غدي نيوز"

- * " فادي غانم "

من التحقوا متأخرين صفوف البيئيين، وشُرعت لهم وأمامهم المنابر والشاشات والساحات، بعضهم يخال أن البيئة "شغل من لا شغل له"، يقودها جمهور من العاطلين عن العمل، ومن هنا نجد أن ثمة من كرس مفاهيم خاطئة بيئيا وثقافيا وعلميا، وأنزل البيئة كقضية وطنية وإنسانية، من موقعها كفلسفة ونهج حياة واستدامة إلى حدود جمع القمامة في عروض إعلامية والتنظير وحديث صالونات، وإن كان التعميم لا يصح ويكون جائرا إذا استثنينا قلة رفدت القيم البيئية بما سما بها إلى آفاق علمية واسعة، لكن مشكلتنا ليست في الاستثناء وإنما في مَا بات "قاعدة" تتحكم بمفاهيم عامة وتقيدها بالسطحي من أفكار وتصورات.

أكثر من استوقفنا في هذه الفترة تمثل في حملات النظافة وجمع القمامة من قبل جمعيات بيئية وأهلية، علما أن هذه المهمة مفترض أن تكون موكلة إلى البلديات وشركات خاصة معنية برفع ونقل ومعالجة النفايات، فضلا عن أن استباحة الشواطئ والغابات والأحراج من قبل المواطنين تستدعي تدخل القوى الأمنية المولجة بحماية الأماكن العامة، وتسطير محاضر ضبط بحق المخالفين، أما أن يتنطح من يُقصِرون البيئة بالنظافة لمعالجة الخطأ بآخر أكبر، فذلك استخفاف بعقول الناس وجرهم لممارسة الخطأ مرة جديدة، كأن يتيقنوا أن ثمة من يرفع نفاياتهم ومخلفاتهم.

بعض الحملات البيئية ضرورية، ولا سيما تلك التي شارك فيها مسؤولون وفاعليات، وفي بعضها لم يتوانَ وزير البيئة فادي جريصاتي عن أن يشبك ساعديه بسواعد نشطاء ومواطنين، كونها جاءت بمثابة نداء من أجل التزام معايير النظافة، ويخطىء من يقيس حبه للبيئة بمدى مشاركته في مثل هذه الحملات، وهنا نقول، مهلا، إن البيئيين ليسوا بجامعي قمامة، وإنما هم من يدأب دائما ويسعى أبدا إلى تعميم ثقافة الوعي والمعرفة، وتاليا، تبني خيارات مستدامة أبعد بكثير من أزمة النفايات.

البيئة فكر وثقافة ووعي، البيئة ممارسة وعلم وقيم ومناقب وأخلاق، البيئة نمط حياة وشفافية وصدق وأمانة، البيئة محبة وتواضع وانتماء كامل لأمنا الأرض، البيئة عودة إلى الجذور، إلى إرث الأجداد الذين حرصوا على تجددها، فشذبوا الأغصان ولم يقطعوا الجذوع، وما أغرتهم الحداثة ولا رفاهية العيش، وأورثونا أرضا وقيما لم نحافظ عليهما.

البيئة فلسفة حياة، ونهج لصيق بالأرض، وليست صيدا جائرا ولا استباحة لكائناتها، ولا تخريبا لمعالمها، والبيئة هي الإنسان بمحيطه الحيوي، والبيئة نظافة أيضا، وليس حملات إعلامية تتقصد التعويض عن جهل وانعدام وعي وتسطيح فاضح!



*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن