تأثير الوباء في استثمارات الطاقة المتجددة

Ghadi news

Tuesday, March 24, 2020

تأثير الوباء في استثمارات الطاقة المتجددة

"غدي نيوز"

الدكتورحازم مراشدة *

إحدى أهم التبعات المتوقعة للانخفاض الحاد في أسعار النفط ووصوله إلى مستويات قياسية لأقل من 30 دولاراً للبرميل هو تراجع الدافع نحو الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة .

مع تحول وباء فيروس كورونا إلى أزمة دولية غير مسبوقة في عصرنا الحديث، بدا واضحاً للعيان التأثير المتسارع والقوي لهذا الوباء ليس فقط في صحة الناس، ولكن أيضاً في في النشاط الاقتصادي العالمي من حيث انخفاض معدلات النمو وارتفاع معدلات البطالة واحتمالية حدوث ركود اقتصادي عالمي وشيك. أحد أهم القطاعات الاقتصادية الحيوية التي بدأ الشك يساور العديد من الاقتصاديين في إمكانية تأثرها سلبياً قطاع الاستثمارات في الطاقة المتجددة، حيث إنه من المتوقع انخفاض معدل نمو الطاقة المتجددة لأقل مستوى منذ عام 1980.

إحدى أهم التبِعات المتوقعة للانخفاض الحاد في أسعار النفط ووصوله إلى مستويات قياسية لأقل من 30 دولاراً للبرميل (وهو أشد انخفاضات أسعار النفط في السنوات الثلاثين الماضية) هو تراجع الدافع نحو الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة. من المتوقع أن انتشار الوباء وما يسببه من تقلبات عنيفة في أسواق المال والسلع، وتراجع أداء معظم القطاعات الاقتصادية التقليدية كل ذلك سيقلل اهتمام وحماس صناع السياسية الاقتصادية وقادة الأعمال والمستثمرين عن الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة لمصلحة اهتمامهم في مواجهة تبعات الوباء على الاقتصاد.

كأي قطاع اقتصادي آخر تلعب عوامل الطلب والعرض الدور الأهم في تحديد عوامل التوازن في هذا السوق، وتحديد مستويات نموه. أهم عوامل العرض تتمثل في أن الصين، وهي الدولة الأكثر تضرراً بفيروس كورونا، تعتبر المصدر الرئيس لجميع منتجات صناعة الطاقة المتجددة. تضرر الاقتصاد الصيني وانغلاقه نسبياً نتيجة لهذا الوباء يمكن أن ينتج عنه اختناقات عميقة في سلاسل التوريد للعديد من هذه المنتجات والتكنولوجيات اللازمة لهذا القطاع، وهو ما يؤدي إلى زيادات كبيرة في المخزون من جهة، وعدم كفاية التوريد لمصلحة العملاء من جهة أخرى.

أما في ما يتعلق بجانب الطلب، فإن انخفاض معدلات نمو الاقتصاد العالمي، وخاصة في الصين وأوروبا والولايات المتحدة، سيؤدي إلى انخفاض الطلب على مصادر الطاقة، وتقليل الاستثمارات الموجهة نحو مصادر الطاقة المتجددة. من أبرز الأمثلة على مدى تأثير عوامل الطلب والعرض في سوق الطاقة المتجددة ما هو متوقع أن تشهده سوق الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعتبر ثاني أكبر سوق في العالم بعد الصين للطاقة المتجددة من انخفاض ملموس في إنتاج الطاقة المتجددة نتيجة لنقص الإمدادات من الصين، وفي نفس الوقت انخفاض الطلب على هذه المنتجات نتيجة انخفاض أسعار الطاقة التقليدية، وكما هو معروف فإن توفر مصادر رخيصة للطاقة دائماً ما يدفع المستهلكين لاستخدام الطاقة بشكل أقل كفاءة، مع ما يمكن أن ينجم عن ذلك من آثار سلبية في البيئة، وهذا من الممكن أن يكون أحد أخطر العوامل على صناعة السيارات الكهربائية على سبيل المثال.

في أحدث تقرير صادر عن وكالة بلومبيرج حول التأثير المتوقع لوباء فيروس كورونا في قطاع الطاقة المتجددة العالمي، خفض التقرير من توقعاته لنمو هذا القطاع، وخاصة أسواق الطاقة الشمسية والبطارية والمركبات الكهربائية، وفقاً للتقرير، فقد تم تخفيض توقعات نمو الطلب على الطاقة الشمسية في عام 2020 من 121-152 جيجاواط إلى 108-143 جيجاواط، وسيكون هذا الانخفاض الأول من نوعه منذ ثلاثة عقود. إضافة إلى التوقع بأن يمتد التأثير السلبي، ليشمل كلاً من قطاعي البطاريات والسيارات الكهربائية. بدورها حذرت الوكالة الدولية للطاقة من الآثار السلبية للوباء في الاستثمارات طويلة الأجل في قطاع الطاقة المتجددة، حيث أكدت أن جزءاً مهماً من الاستثمارات في هذا المجال قد يتلاشى خلال فترة قصيرة. في النهاية يمكن القول: إنه باستطاعة الحكومات أن تستثمر أزمة الوباء العالمية الحالية، وتخلق منها فرصة حقيقية لإطلاق حزم تحفيز اقتصادية مستدامة، ليس فقط لمواجهة الوباء، ولكن لتعزيز مصادر الطاقة البديلة في العالم.

* أستاذ الاقتصاد المالي في جامعة أبوظبي

المصدر: الاقتصادي
https://bit.ly/2QGSQlg

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن