التشريعات البيئية: ضوابط في تكامل المنظور الاقتصادي البيئي

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Sunday, January 16, 2022

التشريعات البيئية: ضوابط في تكامل المنظور الاقتصادي البيئي

"غدي نيوز"



- ***محمديونس عبدالحليم


إن المؤسسات والمنظمات المسئولة عن حماية البيئة في كل دولة تقوم بتشريع قوانين يجب الالتزام بها وتطبيقها، وأن لا يتم إنشاء أي مصنع قبل الحصول على إجازة أو رخصة بيئة بعد القيام بدراسة وافية للمصنع المراد إنشائه من حيث طريقة الإنتاج، المواد الأولية المستخدمة، ونوع الملوثات المطروحة (صلبة، سائلة، غازية، وكمياتها، فضلاً عن دراسة بعد المصنع عن المواقع السكنية.
وعلى الرغم من قِدم التشريعات البيئية والوطنية، إلا أنها كانت محدودة وتكاد تكون معدومة في بعض الدول النامية. وخلال العقود الماضية تزايدت أعداد الدول التي وضعت قوانين خاصة بالبيئة وتحقيق التنمية المستدامة. ولا شك أن المبادرات والاتفاقيات الدولية قد دعمت نشاط الدول لوضع وتحديث استراتيجيات وخطط وتشريعات البيئة الوطنية، ويتضمن هذا النشاط زيادة الالتزام الوطني بالتنمية المستدامة وتقوية المؤسسات البيئية وتفعيل تكامل القوانين البيئية ومشاركة كل وحدات المجتمع وإعداد خطط المتابعة وتقييم الآثار البيئية، وغير ذلك من الجهود لتفعيل النشاطات البيئية المحلية والعمل المستمر لمواجهة الإجراءات وتحديث المعايير والمقاييس والإرشادات الخاصة بتطوير وحماية البيئة.

الا ان ما يجدر الاشارة اليه هنا انه قد لا يكون تشريع قوانين بيئية فقط هو الاسلوب الافضل للحد من التلوث لضمان التنمية المستدامة، وانما لابد وان تكون متكاملة مع استراتيجيات هذه التنمية بما فيها من مبادرات اقتصادية وتكنولوجية، وهذا يتطلب ضرورة وجود مشروع متكامل للتدابير والتشريعات التى يمكن ان يتضمنها نظام خاص يعكس جملة من المعايير البيئية والاهداف والاولويات الادارية لسياق البيئي والانمائي وعليه فان للدولة دور هام ورئيسي فى ايجاد توازن بين هذه المصالح المتضاربة من اجل ضمان مواصلة التنمية الاقتصادية المستدامة والحفاظ على التوازن البيئي للاجيال الحالية والقادمة. اذ تشمل التشريعات البيئية مجموعة من المواضيع مثل تخطيط استعمالات الارض وتقييم اثار المنشآت الصناعية على الوضع البيئي المحيط وتشريعات ضريبية على منتجي الملوثات ، وهذه الاجراءات نجد ذاتها مهمة وضرورية ولكنها قد تعيق التنمية اذ لم ترتبط مع العناصر الاقتصادية والاجتماعية الاخرى ذات العلاقة ، ولن يكون بالامكان تحقيق ذلك اذا جرى تهميش المنظور البيئي واستبعد من مراكز صنع القرارات الانمائية الشاملة ، فليس المهم هو تحقيق الربح المادي للمشروع وانما هو ايضا للمنفعة الاجتماعية ومحاولة الموازنة بين الهدفين معاً.
إن ذلك كله يتطلب تحديد الالية اللازمة لتنفيذ النظام والعقوبات الرادعة فى حالة تجاوز بنوده مع تحديد المناط بها حماية وصيانة البيئة قانونياً لجعل برامج حماية البيئة اكثر فاعلية وهذا يتطلب العمل على معالجة العجز فى تنفيذ التشريعات البيئية واهمها الجهاز البيئي الرسمي فى الدول النامية طوال السنوات الماضية الى المعلومات الكافية لمعرفة مدى التزام الملوثين للقواعد او عدم التزامهم بها اصلاً.
ولاشك ان التلوث البيئي يهدد عملية التنمية الاقتصادية ويعد ذلك فى حد ذاته حافزاً على تطبيق التشريعات البيئية التى تعالج نطاقاً واسعاً من القضايا بدءاً من التلوث الصناعي وحماية الموارد الطبيعية وصيانتها وانتهاءً بالقوانين التى تتناول القضايا المستقبلية مثل حماية طبقة الاوزون وبهدف عدم استفحال هذه المشاكل وخاصة فى الدول النامية مما يستوجب عليها ان تواجه الامر ومنذ البداية بالاستفادة من تجارب الدول فى التنمية وتجاوز العقبات التى تعيق تطورها ورفاهية شعوبها.
واولى متطلبات ذلك هو الاهتمام بالجانب البيئي للتنمية وبالذات الصناعية منها والتعامل مع تاثيراتها البيئية قبل وقوعها.


-***أستاذ الإقتصاد وعميد كلية التجارة جامعة الأزهر

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن