الطاقة البديلة وقود المستقبل... واقع وتحديات

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Thursday, January 31, 2013

"غدي نيوز"

ما زلنا نعبئ وسائل نقلنا بالبنزين والديزل، إلا أن الوقود ذا الأصول النباتية كالطحالب في ازدياد. حتى التنقل بالوقود المستخلص من الغازات المختلفة أصبح اليوم موضة ومجالاً حيوياً لمراكز البحث عن مصادر طاقة بديلة.
يعد الوقود الحيوي صديقاً للبيئة، إذ ينتج عن عملية احتراقه غاز ثاني أوكسيد الكربون بكمية متوازنةمع تلك المرتبطة بنمو النباتات. إلا أن من الخطأ حساب الأمر على هذا الشكل، حيث يرش المزارعون أسمدة نيتروجينية بكميات كبيرة، من أجل إنتاج هذا الكمّ الكبير من النباتات صناعياً، إضافة إلى استهلاك كبير للطاقة الأحفورية.
كما أوضحت دراسة لفريق الباحثين العالميين بقيادة باول كروتزن في مركز ماكس بلاك للكيمياء في مدينة "ماينز" الألمانية أن الطاقة الحيوية تنتج كمية أكبر من الانبعاثات الضارة بالبيئة بالمقارنة مع الطاقة الأحفورية النقية. ولهذا السبب طالب الاتحاد الأوروبي مصنعي الوقود الحيوي بإثبات حمايتهم لما لا يقل عن 35 بالمئة منها، وهو ما لا يطبق إلا في حالة "زراعة" هذا الوقود الحيوي في أراض من الغابات المطرية الممسوحة سابقاً لهذا الغرض أو المناطق الرطبة المنضبة.
وينتج الوقود الحيوي من نباتات السلجم (نوع نباتي من الفصيلة الصليبية تستعمل بذوره لإنتاج الزيت النباتي وهو ثالث أهم المحاصيل المستخدمة لهذا الغرض بعد فول الصويا)أو الذرة أو قصب السكر، فمن السلجم يمكن تصنيع زيت السلطة وهو ما يمكن استخدامه كوقود لمحركات الديزل المحدّثة. إلا أن زيت السلطة قد يؤدي إلى إتلاف بعض محركات الديزل وذلك لكثافته العالية. ولذا فالحل هو الديزل الحيوي، وهو يختلف عن زيت السلطة كيميائياً. خلافاً لزيت السلطة الذي ينتجه المزارعون أنفسهم، يصنع الديزل الحيوي من النبات ذاته أي السلجم في مرافق عالية التقنية.
ويمكن الاستعاضة عن البنزين في وسائل النقل المعتمدة على البنزين باستخدام الإثناول الحيوي والذي تشبه طريقة تصنيعه عملية تصنيع الخميرة. ففي البدء يتم تخمير قصب السكر أو الشمندر السكري أو الذرة أو الحبوب ومن ثم تقطيرها. ويخلط الإثناول في كثير من البلاد بالبنزين، ففي ألمانيا يتوفر منذ عام2008 هذا الخليط المدعو بـ"سوبر 10" في الأسواق. أما في بعض بلاد أميركا اللاتينية، فيتم استبدال البنزين العادي بعشرين بالمئة من الإثناول الحيوي.

الطحالب والأخشاب كمواد خام

بما أن الطحلب ينتج بطبيعته الزيوت، فإنه يصلح بطبيعة الحال لأن يكون مادة خام للوقود الحيوي. لكن الجانب الإيجابي الأكبر في الأمر هو أن الطحلب عند استنباته في منابت ضخمة يحتاج إلى عشر المساحة المطلوبة في استنبات الذرة أو السلجم، مما يعني عدم مضاربة زراعة الطحالب على المساحة اللازمة لزراعة المواد الغذائية. وتنتج بعض الطحالب كميات كبيرة جداً من الزيوت وهو ما يجعلها ملائمة لتصنيع كيروسين الطائرات. يذكر أنه إلى يومنا هذا لم ينتج الكيروسين الحيوي إلا من زيت السلجم او النجيل أو الجاتروفا.
في الوقت الحالي، يسعى العلماء إلى إنتاج الإثناول من الخشب أو القش، أي من المخلفات النباتية المحتوية على السلولوز. إلا أن المعضلة هنا هي أنه لا بد من استخدام نوع محدد من الأنزيمات لفض تركيبة الليغنين الموجود في الألياف الخشبية لتحويلها إلى نوع آخر من السكر سريع الاشتعال. وهو ما لم تحققه التقنيات الحالية إلى الآن.

تعبئة المحرك بالغاز

لا يقتصر تزويد المحركات بالطاقة على مواد الطاقة السائلة، بل يمكن تعبئتها أيضاً بالغاز مباشرة. فتقدم العديد من محطات وقود السيارات للغاز الطبيعي حول العالم هذه الخدمة. وتقدر شركات "الباصات الحضرية" هذا النوع من تعبئة الوقود بشكل خاص، وذلك لعدم تغير سعر الغاز الطبيعي خلافاً للبنزين. وتعد عملية حرق الغاز الطبيعي أكثر نظافة من الديزل، إذ قلما ينتج "السناج" أو هباب الفحم عند احتراقه وهو ما يجعله مناسباً جداً للمدن الكبيرة المتضررة بيئياً من السناج.
ولا يشترط أن يكون أصل الغاز الطبيعي أحفورياً، فمن أي كتلة حيوية يمكن إنتاجه. إذ يتم تعفين بقايا لحمية أو نباتية أم سماد أم براز في مرافق تصفية من أجل تحويلها للغاز الطبيعي. ويعد الغاز الطبيعي خليطاً من الغازات الكسولة وكمية كبيرة من غاز الميثان. فحتى من النفايات المطمورة غير المتحركة ينتج لدينا غالباً بعد عقود من الزمان غاز طبيعي، وذلك لعمل البكتيريا المتوفرة في النفايات على تعفينها.
يمكن اليوم للشاحنات الكبيرة المعدلة والمحدثة إحراق الغاز الطبيعي. ومن أجل ملاءمة الغاز الطبيعي للسيارات، لا بد أولاً من إنتاج ميثان حيوي ذي قيمة أعلى. كما لا بد من التخلص من كبريتيد الهيدروجين وثاني أوكسيد الكربون المتواجد في الغاز الطبيعي. ويسهل فصل مكونات الميثان الحيوي بالمقارنة مع الديزل الحيوي أو الإثانول الحيوي، فلإنتاج ذات الكمية من الطاقة يلزمنا ثلث المساحة الزراعية لتصنيع الميثان الحيوي بالمقارنة مع الوقود الحيوي السائل.

وقود وكهرباء من الغاز

تنتج غازات ككبريتيد الهيدروجين وثاني أوكسيد الكربون والغاز الطبيعي مواد وقود سائلة، فمنذ بدايات القرن العشرين تعرف عملية معقدة لاستخلاص وقود سائل اصطناعي من خليط غازي وذلك باستخدام محفز معين. إلا أن الأمر يتطلب طاقة تجعل من هذه العملية في الحياة العملية أمراً صعباً، في حالة منافستها مع البنزين أو الديزل الأدنى كلفة.
ويمكن تحويل الغاز الطبيعي أثناء العملية التحفيزية إلى هيدروجين، حيث ينشأ من عملية "ساباتتيه" ثاني أوكسيد الكربون والهيدروجين النقي باستخدام النيكل أو حافز الروثينيوم في غاز الميثان. وهو ما يمكن ربطه بشبكة للغاز الطبيعي أو استخدامه كوقود محرك للسيارات.
وتعد هذه العملية موفرة للطاقة، ففي حالة دوران عجلات طواحين الهواء بقوة أو إنتاج محطات الطاقة النووية لفائض كهربائي يمكننا إنتاج كميات من الهيدروجين ومن ثم الغاز الطبيعي. كما من الممكن استخدام هذا الهيدروجين مباشرة كوقود، ففي خلايا الوقود الحديثة ينتج المرء منها كهرباء. وهكذا يتم على سبيل المثال في إعادة شحن السيارات الكهربائية، لتقتصر عوادمها على الماء. إلا أن أكثر المواضيع إثارة للاهتمام هو هيدرات الميثان وهو عبارة عن غاز الميثان مخلوطاً بالحديد تم حفظه بالماء.

ازدهار الوقود الأحفوري

شهد سوق الوقود الأحفوري في السنوات الأخيرة نهضة ملحوظة بسبب تقنيات التعدين الجديدة، مثل التكسير الهيدروليكي، فقد عمدت العديد من شركات التعدين إلى إنشاء خزانات الغاز وتطوير الزيوت التي لم تكن معروفة قبل بضعة عقود.
وتأمل كندا والولايات المتحدة واستونيا على وجه الخصوص تحقيق تطورات في هذا الشأن على الصعيدين الاقتصادي والصناعي. إلا أن المنادين بحماية البيئة ينتقدون التكسير الهيدروليكي وذلك لأن الغاز يعود أصله للصخور الطبيعية بحيث توضع تحت ضغط هائل من المواد الكيماوية في باطن الأرض. إلا أنه يبدو أن إيقاف هكذا عملية أمراً صعباً، إذ من المتوقع حلول الولايات المتحدة في المرتبة الأولى في إنتاج الوقود الأحفوري لتتبعها بذلك السعودية.

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن