مشتل بمكين الزراعي خطوة رائدة

Ghadi news

Monday, May 21, 2012

تخطت تجربة النادي البيئي في "مدرسة النهضة الوطنية _ دير الشير" في بلدة بمكين – قضاء عاليه اطارها التعليمي التلقيني، لتتحول على مدى عشر سنوات نموذجا يفترض تعميمه، لتصبح البيئة جزءاً من سلوكيات الطالب وثقافته، ولعل ما حققه النادي في اطار الشراكة مع "جمعية غدي" وبالتعاون مع وزارتي البيئة والزراعة في مراحل سابقة، يمثل خطوة مهمة تجلت في انشاء أول مشتل زراعي في لبنان يرعاه الطلاب عملاً ومتابعة وانتاجا.
المشتل انشىء عام 2002 في احدى حدائق المدرسة الخارجية، ليؤكد اهمية الاندية البيئية في المدارس، وامكانية ان تكون حاضرة بانجازات مهمة، اذ تمكن الطلاب حتى الآن من زرع اكثر من ستة آلاف غرسة حرجية من أرز وصنوبر وسنديان وجوز وحور، في مختلف المناطق، فضلاً عن رفد المشتل الاندية والبلديات والجمعيات البيئية بكميات من الاغراس.
هذه التجربة كرست مفاهيم متقدمة، وأهميتها أن التلميذ تحول معها من متلقن إلى عنصر فاعل يزرع البذرة ويتابع رعايتها لتصبح غرسة فشجرة، فهو يقوم بريها، ويعمل على تهيئة التراب واعداد الاكياس الخاصة لزرع البذار لكل موسم، فضلاً عن زرع بعض الاغراس التي انتجت في المشتل. بمعنى أن البيئة لم تعد نوعاً من الترف، وإنما فعل وعمل يؤسس لجيل لا يمكن أن يقدم على قطع شجرة، بعد أن توطدت علاقته بها وعرف أهميتها ليس من خلال محاضرة واحتفال خطابي بعيدها.

مشتل نموذجي

من مشتل متواضع، تعمل "جمعية غدي" الآن، في إطار الشراكة مع إدارة المدرسة على استحداث مشتل نموذجي في الجهة المقابلة للمشتل القديم الذي شهد تبلور هذه التجربة، ضمن خطة الهدف منها تعميم الفائدة على المدارس اللبنانية، وتأمين انتاجية اكبر، خصوصاً وان الدراسة التي اعدت للمشتل الجديد لحظت إمكانية انتاج 5 آلاف أو أكثر غرسة في العام.
رئيس الجمعية المربي فادي غانم، قال لـ "غدي نيوز" التي واكبت الأعمال في مشروع المشتل الجديد: تأتي هذه الورشة ضمن خطة عمل مستقبلية أطلقتها الجمعية، تهدف إلى تأمين أكبر كمية ممكنة من الشتول والأغراس وجعلها في متناول الأندية والجمعيات الأهلية في مطلع العام المقبل. وتكمن أهمية الخطة أنها تساهم في تفعيل برنامج التربية البيئية الذي كانت قد أطلقته الجمعية في العام 2002 تحت عنوان "التلميذ الأخضر، المعلم الأخضر، المدرسة الخضراء" بالتعاون مع وزارة البيئة آنذاك، وبتشجيع تلامذة المدارس على زرع الأشجار وإيجاد خطة مبسّطة لدعم الدولة وتخفيف بعض الأعباء عنها.
وأضاف: قدمت لنا مدرسة النهضة الوطنية – دير الشير التابعة للرهبنة الباسيلية الحلبية في اطار الشراكة - قطعة أرض مخصصة لإقامة هذا المشتل، الذي سيكتسب أهمية استثنائية على مستوى القطاعين التربوي والأهلي، والتمويل من المدرسة ومديرها عصام خلف وهو عضو شرف وأحد مؤسسي جمعيتنا. والمشتل ليس مشتلاً تجارياً، وسوف يعمل فيه تلامذة من مختلف المدارس اللبنانية. أما دورنا كجمعية فيتمثل بتقديم البذور التي نسعى للحصول عليها من مصادرها الطبيعية الأفضل من حيث النوعية. ودعا غانم "كافة المدارس في لبنان لتنظيم رحلات بيئية الى المشتل، يعمل أثناءها التلامذة على زرع البذور"، ولفت الى "اننا انتجنا 15000 غرسة خلال ثلاثة أعوام ونتطلع الى المزيد، ومن هذه السنة 2011 سننتج اكثر من 10000 غرسة سنوياً، وهذا انجاز لا يعود الفضل فيه لجمعيتنا وحدها، بل لكل مواطن لبناني ساهم في زرع بذرة والعناية بها".

خلــف

وتتركز الأعمال الآن على استصلاح أرض المشتل، تمهيداً لنقل الاغراس الموجودة في المدرسة اليه والشروع بزرع كميات كبيرة من البذور، التي من المقرر ان تضعها الجمعية في متناول كل من يريد ان يزرع شجرة او اية جمعية او ناد يريد تنظيم حملات للتحريج.
مدير المدرسة المربي عصام خلف الذي أمن موجبات المشروع المادية، أكد "دعم الجمعية في نشاطها الرائد"، ولفت إلى أنه "نظراً لاهمية المشروع قدمنا كمدرسة الارض الملائمة لتحويلها الى مشتل نموذجي وسنظل في الموقع الداعم باستمرار"، وشدد خلف على "ضرورة اقتران المفاهيم البيئية التعليمية بالممارسة والتطبيق".
وقدم أمثلة كثيرة عن التطور الذي تحقق في هذا المجال، ونوه إلى أن "تجربتنا بدأ تعميمها وإن على نطاق ضيق على العديد من المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة في لبنان". وقال: إن تلامذتنا على سبيل المثال، يطلبون من المواطنين أغصان الورود الناجمة عن التقليم، ليقوموا بزرعها في المشتل، فلقد أدركوا بالتجربة معنى العمل والتعب والتعرف أكثر على الحياة الطبيعية. وأشار إلى أن "المشتل سيبقى ورشة مستمرة قابلة للتطوير وسنعتمد زراعة الاشجار المثمرة في مرحلة لاحقة، لانها تحتاج الى عناية اكبر وهناك تعاون مع جامعة الحكمة ومؤسسات تربوية مختلفة، ونسعى الى تخصيص مساحات في المشتل للمؤسسات التربوية لتعتني هي بها خصوصاً المدارس في العاصمة بيروت حيث ليس ثمة أماكن لزرع كميات كبيرة من الأغراس.

مع الطلاب

علي مغربل اكد "اننا قادرون على القيام بدور ومهمة، تفترض تضافر كل عناصر المجتمع المدني للوصول الى بيئة سليمة وتنمية مستدامة"، وراى ان "الفرح الذي نعيشه يختصر سنوات من الجهد والتعب"، واشار الى ان "المشروع في طور التطوير ونقوم بتأمين موجبات توسيعه لنبدأ نقلة نوعية مع بداية كل عام دراسي"
ايلي خلف اعتبر أن "من يزرع غرسة ويعتني بها لا يمكن ان يقطع شجرة"، وقال: اننا نتعايش مع الحياة الطبيعية، فبذرة الأرز الصغيرة جداً، نستخرجها من الأكواز ونقوم بطمرها، والفرح عندما تبدأ بالنمو
سارة عامر، قالت: لم يقتصر عملنا في المشتل وحسب، وإنما هناك أنشطة بيئية كثيرة نقوم بها، ففي العام الماضي قمنا بتجربة رائعة خصيصاً لمناسبة عيد الأم، فساعدتنا المدرسة والجمعية على شراء شتول ورود صغيرة مع بداية العام الدراسي، واعتنينا بها وأزهرت وقمنا بنقلها إلى أوعية أكبر، ولففناها بورق معاد تدويره وقمدناها لأمهاتنا في عيدهن.
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن