الصابون مادة للتعبير عن مكنونات الذات البشرية

Ghadi news

Monday, May 21, 2012

لم يسع الفنان اللبناني حسان زين الدين ليسجل سبقاً في اعتماد الصابون مادة للنحت ينفث فيها ما يختلج بداخله من أفكار وهواجس، لكن البيئة القروية التي نشأ وترعرع فيها جذبته إلى صناعة الصابون يلهو بقطع لزجة منها، يشكلها مجسمات لتصبح رفيقة دربه في مسيرته الفنية، لا بل ارتقى بها الى وعي تبلور على المعرفة فضمنها رؤى خاصة استلهمت قضايا فلسفية عنوانها الانسان وماهية الوجود في بعد إيماني وعرفاني.
أكثر من ثلاثين منحوتة كشف عنها النقاب لـ "غدي نيوز" في لقاء خصها به، قبل أن يطلق معارضه المقررة في بيروت ومناطق لبنانية اخرى، خصوصاً وأنه كاتب احتفل بتوقيع إصداره الأول بعنوان "عُلّق على نسمة" في قصر الانيسكو في بيروت، بمعنى انه زاوج بين الكلمة والنص الوجداني والنحت كشكل آخر للتعبير.

جعل من الصابون مادة قابلة للحياة وعملت أنامله على نحته، لينجز منحوتات بعضها استغرق منه نحو 300 ساعة عمل، فرضت ابتعاده لسنوات عن الضوء، لتُشرق معه في اطلالة أخذت شكل منحوتات صغيرة الحجم بمعظمها، تُشير في مكنوناتها إلى معان ومواقف إنسانية مختلفة دأب على التعبير عنها، مستخدماً الجماد مادة للإبداع والتعبير عن الجمال.

ويقول زين الدين انه "وجد نفسه أمام موهبة حَضَرتْ دون سابق استعداد سواء في هواياتي أو نطاق عملي، فأنا لم أكن يوماً رساماً ولا أذكر أني كنتُ ناجعاً في حصص الرسم في المدرسة. اما البداية فكانت حين كان عمي يصنع الصابون للعائلة مع بداية كل شتاء وكنت في غالب الأحيان أساعده في عملية تقطيع الصابون إلى قطع صغيرة للإستهلاك، فنشأت ربما مودّة بيني وبين هذه المادة، ولاحقاً رحت انقش على قطع صغيرة معدة للإستخدام المنزلي، مستفيداً من ادوات المطبخ والإبر، وهكذا الى أن عملت على صب قطع كبيرة الحجم وعالجتها بعد ان استخدمت عدة صناعية مخصصة لأطباء الأسنان، وبالتالي اصبحت امام منحوتات ذات مساحات وأبعاد هندسية ليست دقيقة لاخذها بعداً كاريكاتورياً. فمثلاً منحوتة "المفكر" أو منحوتة "الكذّابان"، ترى قدم الانسان في الأولى والانف في الثانية يحوزان حجماً مبالغاً به قياسا لحجم القطعة".

واضاف: ان ما هو معدُّ حالياً للعرض لا يتجاوز عدده الـ 30 قطعة معظمها ذات أحجام صغيرة نسبيا تتراوح بين السنتم مكعب واحد والـ 10 سنتم، وثمة 6 قطع تأخذ أشكالاً طولية تصل إلى 40 سم، وأخرى مسطحة لا تتجاوز الـ 30 سم.
لا يخشى "نحات الصابون" ذوبان أو فقدان عناصر المنحوتات، "فصحيح ان الصابون مادة شديدة الحساسية ولدنة، وهذا ما يبعد الناس عن العمل عليه، لكن إذا ما حافظت عليه وعملت على حمايته من عوامل الحرارة والنور والهواء فإنه يعيش طويلاً، فلدي منحوتات تعود إلى العام 2002 ولا تزال على شكلها، واخرى من مطلع العام 2005 لكنها لا تتميز عن بعضها من حيث الجودة و"القابلية للحياة" مدة طويلة.

يستخدم حسان زين الدين مصطلحات فلسفية وصوفية ومنها ما ترمز إليه منحوتة القدمين حيث يقبع رجلان في المقدمة فوق الأصابع، فيقول، "الحياة هي فن بحد عينه، وفن فنون الحياة هو ان ترى إلى الأشياء من عين الوحدة، وأن تُبحر في تلك الوحدة التي لا نقطة وصول فيها. وأنا لا أستطيع أن امتنع عن التعبير عن تلك الوحدة الكامنة في الوجود والتي اتطلع إلى تحقيقها كإنسان، فالمنحوتة تعود الى يوم قُتل هابيل" فهي تصوّر هابيل المتعبد والذي يتأمل الوجود وقايين الجشع، إنها توصيف للخير والشر، إنها واقعنا الإنساني الذي نعيش.

اما منحوتة اليد التي ترفع علامة النصر، فهي كما يقول تحوي مئات التفاصيل، و"أعتقد أني بذلتُ في صناعة هذه المنحوتة اكثر من 300 ساعة عمل، وفكرتها راودتني عندما حاولت تصوير التقاتل على سدة السلطة في علم السياسة المعاصرة والتي لا تأخذ من علم السياسة الا الاسم، فكانت المقولة الشهيرة بأن "الثورة تأكل أبناءها".

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن