فرسان الخضروات... والاستغناء عن الوقود الأحفوري

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Saturday, August 3, 2013

نحو اقتصاد مستدام وحياة أفضل للأجيال المقبلة
فرسان الخضروات... والاستغناء عن الوقود الأحفوري

"غدي نيوز"

عبر إعادة التدوير والخضروات التي زرعوها بأنفسهم، يسعى الناشطون إلى إحداث تغيير في بلدة ألمانية صغيرة. ويتمثل الهدف في الاستغناء عن الوقود الأحفوري والتوجه نحو اقتصاد مستدام وحياة أفضل من أجل الأجيال المقبلة.
الفواكه الطازجة والخضروات التي تم التخلص منها وألقيت في حاويات النفايات في محال المنتجات العضوية، تختلط ببعضها البعض ومنها يتم إعداد العصير أو شراب الفاكهة.
فاكهة من القمامة؟ هذا ليس أمرا مثيرا للامتعاض، فكما يقال: "ربع انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، تنجم عن الأسلوب الذي نعتمد عليه في طعامنا". الغذاء له بعد سياسي، أو على الأقل هذا ما يبدو عليه الحال في هذه البلدة، مجموعة مختلطة من النساء والرجال، تقوم بنزهة، يفترشون غطاء ملونا على الأرض، بعضهم يرتدي القبعات الرياضية، وكلهم يرتدي سروايل فضفاضة من الجينز وقمصانا من الكتان.
بالقرب من هانز شبينه ألواح من الورق المقوى المغطاة برقائق فضية. شبينه يبلغ من العمر57 عاما، وهو يرتدي قميصا أصفر اللون بدون أكمام مع سروال أسود قصير. يتحدث لـ DW عن موقد يعمل بالطاقة الشمسية، وهو يقول إن "الآشوريين كانوا بالفعل يعرفون هذا النوع من المواقد"، ثم قال إنه يجلب وعاء أسود اللون، ويوضح بأنه يحتاج إلى ساعتين لإنضاج البطاطا، وذلك حتى في فصل الشتاء ودون الحاجة إلى كهرباء."
حول شبينه والناشطون الآخرون وعددهم 20 ناشطا مدينة فيتسنهاوزن، وهي مدينة صغيرة في وسط ألمانيا، إلى"مدينة متحولة". تأسست الحركة في المملكة المتحدة عام 2004، وهي موجودة الآن في 30 بلدا، ويسعى المنتمون إليها إلى تجنب استخدام الوقود الأحفوري، فهم على قناعة تامة بأن نسبة ثاني أوكسيد الكربون في الجو أعلى مما ينبغي، وهناك أيضا الكثير من الموارد والطاقات المهدورة.

خضروات وأعشاب للجميع

لا يعيش في فيتسنهاوزن سوى 15 ألف نسمة فقط، وفيهم ما يقرب من ألف طالب جامعي يدرسون "الزراعة الايكولوجية" في فرع جامعة كاسل في البلدة. ولكنهم أكثر من مجرد شباب مثاليين تجمعوا للقيام بنزهة. هنا يجلس أيضا متقاعدون كان يمكن لهم أن يقضوا فترة تقاعدهم باسترخاء على مقعد مريح في الحديقة.
شارك هانز شبينه على مدى سنوات في الاحتجاجات ضد محطات الطاقة النووية ووسائل نقل النفايات النووية، وكان ستيفان فولنر دائما بجانبه وهو كان ناشطا في حركة السلام، وقد تظاهر في الثمانينيات ضد الصواريخ والتسلح. أما الآن فهما ينشطان في مجال "المدن المتحولة".
جلب هانز شبينه عام 2010 الفكرة إلى فيتسنهاوزن، ويمكن رؤية أعماله في كل مكان، خاصة في وسط المدينة حيث يختفي الآن في أحد شوارع الجانبية لفترة وجيزة، ثم يظهر مرة أخرى ومعه وعاء أصفر لسقي الورود. "لقد أهملوا ثمار الطماطم (البندورة) وكادت تجف مرة أخرى". يتمتم هانز في نبرة تحمل لوما خفيفا لزملائه.
تنمو الطماطم في أواني الزهور، ويشير هانز إلى لافتة وردية اللون بين نبتات الطماطم كتب عليها: "لا تنسَ" ، الفكرة فكرته. هذه العلامات موضوعة في كل مكان في المدينة، وأيضا بين أواني الأعشاب والفواكه والخضروات الموضوعة أمام المحلات التجارية وسط ساحة السوق: في بعض الأحيان يمكن رؤية النعناع ينمو في السلال الخاصة بكرة السلة، وأيضا براعم البصل الأخضر تتدلى من أكياس القهوة المستعملة، وكما يقول هانز: "كل شخص من الممكن أن يأخذ ما يشاء".

"لا أريد أن أعيش كطفيلي"

الزراعة ببعد ديموقراطي في حدائق مصغرة لإنقاذ العالم؟ "هذا ليس سوى العنوان"، كما يقول الناشطون في مجال "المدن الانتقالية". "هدفنا الرئيسي هو التوصل إلى مقاومة أفضل وأكثر مرونة". ولتحقيق هذا الهدف يحتاج الناس إلى تغيير أنفسهم، وإعداد أنفسهم للوقت الذي سينفذ فيه النفط. ويدعو النشطاء إلى نبذ نمط الحياة الاستهلاكي والتركيز على إعادة التدوير والاعتماد اقتصاديا على المنتجات المحلية، وهدا هو نمط الحياة الذي يضع في الاعتبار مستقبل الأجيال القادمة، كما يقول روديغر سفاديشاس الناشط البالغ من العمر 73 عاما.
أومأ الشاب الواقف بجانبه. هو يمكن أن يكون حفيد سفاديشاس من حيث العمر، فهو يبلغ من العمر 27 عاما، وهو يلعب دورا رئيسيا في التعريف بالحركة ونشاطها، فقد قام بتصميم موقعها على الانترنت، وعمل أيضا على نشر أفكار الحركة عبر الفيسبوك، أو كذلك من خلال إجراء مقابلات وحوارات تنشر في وسائل الإعلام المختلفة. وقد قام للتو بترتيب لقاء مع إحدى القنوات التلفزيونية الرئيسية، وكما يتساءل: "أنا لا أريد أن أعيش كطفيلي، ماذا سنقدم للأجيال القادمة باستثناء النفايات المشعة؟" يقول هذا ويقفز على دراجته، إذ أن عليه الذهاب لحضور الاجتماع حول إيجار المحل التابع للمجموعة والذي تبلغ مساحته 30 مترا مربعا ويقع في وسط منطقة المشاة. وفي حل تم رفع قيمة الإيجار الآن، فإنهم لن يكونوا قادرين على تسديد قيمته، وسيكون ذلك بمثابة انتكاسة للحركة، لأن المحل هو واجهة للحركة، وهو المكان الذي يشهد التجمعات واللقاءات لدى إقامة الفعاليات المختلفة وعرض الأفلام، وقد أصبحت حركة "المدن المتحولة" معروفة أكثر عبر المحل.

بين التعاطف والتحفظات

من يسأل عن هذا المشروع في السوق يلاحظ الكثير من التعاطف، ولكن هناك أيضا بعض التحفظات أو كما يعبر البائع في محل الألعاب والهدايا التذكارية بأن النشطاء في الحركة يعكسون "فوضى جميلة "، ويصف هانز نفسه بأنه كثير الكلام بعض الشيء. رد الفعل هذا لا يبدو سيئا، ولكنه ينم عن التشكك، أما أمين الأرشيف على الرصيف المقابل، فيرى أن ما يقوم به الناشطون، بعيدا جدا عن الواقع. ولكنه يضيف، أن البلدة اكتسبت شهرة عبر نشاطهم هذا، وذلك أمر جميل، من وجهة نظره.
فيتسنهاوزن هي واحدة من ثماني "مدن متحولة" في ألمانيا. وهذا الأمر مبعث فخر لعمدة البلدة أنغيلا فيشر، وهي نفسها مهندسة زراعية. ولكن فيتسنهاوزن هي أكثر من مدينة متحولة بالتأكيد، وهذا هو الموضوع المثير للاهتمام. لكن هل بالإمكان جذب المستثمرين عبر ذلك؟ المستثمرون لهم دور كبير بالتأكيد، ووجودهم أهم من الحضور الإعلامي للبلدة في التلفزيون والمقالات الصحفية، فمدينة فيتسنهاوزن مثقلة بالديون، والعمدة فيشر تعجز عن تمويل الكثير من المشاريع التي يرغب فيها المواطنون، وهي لا تستطيع أيضا تقديم دعم مالي صغير للمساعدة في تسديد إيجار المحل التابع للناشطين.
خاض هانز الانتخابات البلدية الأخيرة وحصل على سبعة في المئة، منذ البداية ودون التحضير للحملات الانتخابية. وكان ذلك الفوز بمثابة التأكيد بالنسبة له، بأن حركته وأهدافها تلقى قبولا متزايدا ورواجا أكثر مع مرور الوقت.

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن