أحيت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني "أسبوع المرور العربي" الذي يوافق من 4 أيار (مايو) الى 10 منه كل عام، وذلك عبر إقامة حواجز مرورية توعوية ارشادية في المناطق اللبنانية كافة، بهدف التواصل مع المواطنين لإطلاعهم على مخاطر مخالفة قانون السير ورفع مستوى الثقافة المرورية لديهم بغية خفض عدد الحوادث.
كذلك وزعت المديرية على وحداتها نشرة تتضمن رسالة الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان في المناسبة، وهي من إعداد المكتب العربي للاعلام الأمني. وهنا نص الرسالة:
"تهدف السلامة المرورية الى تبني كل الخطط والبرامج واللوائح المرورية والاجراءات الوقائية للحد من الحوادث المرورية، ضمانا لسلامة الانسان وممتلكاته، وحفاظا على أمن البلد ومقوماته البشرية والاقتصادية. وتعاني الدول العربية كباقي دول العالم من حوادث المرور، إذ تمثل هذه الآفة هاجسا وقلقا لكل أفراد المجتمع، لكونها تستنزفه في أهم مقوماته ومكوناته الفاعلة، إضافة الى ما تخلفه من تأثيرات ومشاكل اجتماعية وخسائر مادية ضخمة.
وقد أدى ازدياد أعداد المركبات والتحولات البنيوية التي شهدتها الدول العربية في السنوات الاخيرة، على كل الصعد، الى تفاقم المشكلة المرورية بوتيرة أسرع من الاستراتيجيات والبرامج والخطط الموضوعة لمواجهتها والحد من تأثيراتها، إذ تحذر منظمة الصحة العالمية من أن استمرار الوضع الحالي في المنطقة العربية سيؤدي لا محالة الى زيادة اعداد الوفيات والاصابات بنسبة 60 في المئة عما هي الآن مع حلول عام 2020.
وهناك اقتناع تام لدى الجميع بأن العنصر البشري هو أهم العناصر المسببة لحوادث المرور، وقد أثبتت الدراسات والبحوث والاحصاءات التي قام بها المكتب العربي للحماية المدنية والانقاذ، وكذا تلك التي انجزت على المستوى العالمي ان السبب الرئيسي لما يزيد على 80 في المئة من حوادث المرور يرجع الى خطأ العنصر البشري، وكثير من اخطائه يعود الى عادات سلوكية خاطئة في القيادة او في استعمال الطريق او المركبة.
ولأن الوقاية خير من العلاج، فعلى قائد المركبة التزام السلوك المنضبط أثناء القيادة، إذ يعد هذا الاخير عاملا اساسيا في الحد من الحوادث المرورية وتداعياتها السلبية على الجميع، وعليه أن يدرك أن التقنيات الحديثة الخاصة بالسلامة التي يوفرها صانعو المركبات قد تساعد في تقليل مخاطر الحوادث المرورية، لكنها لا تمنع وقوعها، إذ يظل ذلك مرهونا بقائد المركبة ومدى التزامه قواعد المرور وآداب استخدام الطريق. وإذا التزم الجميع ذلك، فإن هذا قد يكون مدخلا للسلامة العامة للشخص نفسه وللآخرين وللمجتع بوجه عام.
ومن أهمية العنصر البشري في السلامة المرورية، تنبثق أهمية النشاط التوعوي الدوري المتواصل، الذي يستهدف رفع مستوى الوعي العام بحجم الحوادث المرورية ومخاطرها وآثارها السلبية على الأفراد والأسر والمجتمع بكامله، كإجراء وقائي ضروري يثير الانتباه ويستحث مستخدمي الطريق على توخي الحيطة والحذر، والالتزام الكامل بتعليمات وقواعد المرور، وفي مقدمها عدم تجاوز السرعة المحددة وترك مسافة امان مناسبة تتيح كبح المركبة عند الطوارىء دون الإصطدام بالآخرين والتسبب في حوادث قد يكون بعضها مميتا.
ويجب التذكير هنا، بأن عدد الحوادث المرورية في المنطقة العربية يبلغ اكثر من نصف مليون حادث سنويا، تخلف نحو 26 الف قتيل، واكثر من 250 الف جريح يصاب جزء كبير منهم بعاهة او عجز دائم، كما تخلف هذه الحوادث خسائر مادية تقدر بما يزيد على 25 مليار دولار اميركي سنويا، ويمكننا ان نتصور عائد هذه التكاليف لو تم استثمارها واستغلالها في التنمية والإنتاج.
ولن تكون لجهود المواجهة – مهما تكاثفت على جميع المستويات العمودية والأفقية – جدوى كبيرة في الحد من هذا النزف، ما لم توضع في إطار شمولي متجدد، تتكامل فيه مجهودات الدولة مع مبادرات المجتمع المدني وبتشاور واتفاق بين جميع الهيئات والمؤسسات ذات العلاقة، على ان يتسم بالإستمرار والواقعية والوضوح في الأهداف والوسائل والإمكانيات، وبقطيعة مع الرؤية التجزيئية والتسيير القطاعي للإشكالية المرورية ، وذلك بغية تأسيس اسلوب وسلوك حضاري جديد في استخدام المركبة وفي تفاعل متناسق ومتكامل مع انظمة المرور والبرامج الوقائية".
وأضافت الرسالة: "وعيا لما سبق ذكره، فقد اولى مجلس وزراء الداخلية العرب للمشكلة المرورية في الوطن العربي اهمية بالغة ، انطلاقا من اختصاصه ومسؤولياته الهادفة الى ضمان كافة عناصر الأمن والأمان لشعوب العالم العربي ، ويتضح ذلك من خلال المبادىء العامة التي يرسمها وكذا الإستراتيجيات والخطط المختلفة التي يتم اعتمادها واقرارها ، والتي تسهر الأمانة العامة للمجلس على تنفيذها وتفعيلها والإهتداء بها، إذ تبذل جهودا متميزة في اعداد وانجاز وتعميم مجموعة قيمة من البحوث والدراسات والكتيبات على الدول العربية، وإقرار عدة توصيات صادرة عن الإجتماعات التي تعقد في نطاقها، ومنها المؤتمرات العربية لرؤساء اجهزة المرور، والتي تشكل مناسبة دورية يتم خلالها التشاور وتبادل الرأي في كل ما من شأنه الحد من الحوادث المرورية والعمل على التخفيف من تأثيراتها، إضافة الى وضع ضوابط دعم وتطوير التعاون العربي في هذا القطاع.
ولعل من اهم الإنجازات، الإستراتيجية العربية للسلامة المرورية، التي اقرها المجلس الموقر في عام 2002 والتي يتولى المكتب العربي للحماية المدنية والإنقاذ متابعة تنفيذ بنودها ، اذ تهدف هذه الإستراتيجية الى حماية المجتمعات العربية من الآثار الناجمة عن حوادث المرور وتوعية افراد هذه المجتمعات بكل الجوانب المتعلقة بالمرور لضمان احترام وتطبيق القواعد المرورية ، وكذا تنمية إحساس المواطن العربي بمسؤوليته المشتركة تجاه تحقيق السلامة المرورية ، وتحسين مستوى اداء العاملين في مجال المرور ، وتطوير علاقات التعاون بين الجهات المختصة بالمرور وكذا الهيئات والجمعيات الأهلية المعنية وتعزيز وتوثيق التعاون العربي والإقليمي والدولي في قطاع السلامة المرورية".
وتابعت: "على صعيد التوعية بالسلامة المرورية، اتخذ المجلس اجراءات عديدة منها انتج الأفلام واصدار الملصقات والنشرات والكتيبات واجراء المسابقات الدورية لإختيار افضل الأعمال التوعوية في مجال المرور، وكذا تنظيم اسبوع المرور العربي خلال الفترة 4-10 ايار (مايو) من كل عام ليكون مناسبة لتكثيف حملات التوعية عبر تبني شعار واحد في الوطن العربي كله تجسيدا للأهمية التي يوليها المجلس للمواطن العربي ولأمنه وسلامته، والحفاظ على حياته التي هي اغلى ما يملك .
ويأتي شعار اسبوع المرور العربي لهذا العام "الى متى" ليركز على انه آن الأوان للحد من حوادث المرور وآثارها المأساوية ، فإلى متى سنظل نسمع ونشاهد المآسي على الطرقات؟ والى متى سيستمر المشاة والسائقون في الإستهانة بالقوانين والإشارات الطرقية؟ والى متى سيظل الفرد بصفة عامة يعتبر وبشكل لا ارادي ان هذه الحوادث لا تقع إلا للآخرين ؟ لقد جاء هذا الشعار ليبرز كذلك اهمية التوعية وليؤكد على ان المشكلة المرورية هي في حد ذاتها مشكلة سلوكية ، ترتبط ارتباطا وثيقا بقيم الأفراد وسلوكياتهم ومدى رغبتهم وحرصهم على الإلتزام بآداب المرور وقواعده، وأن احترام هذه الاداب والقواعد هي الطريق الأمثل لمعالجة مشكلة الحوادث المرورية".
وختمت الرسالة: "علينا ان نعي جيدا ان الطريق مرفق اجتماعي عام يشترك الكل في استعماله والإستفادة منه، فهذا يسلكه الى عمله ، وهذا يتجه من خلاله الى دراسته، وهذا يذهب منه الى السوق لقضاء حاجاته، فكل فرد من افراد المجتمع يحتاج الى الطريق في كل يوم من ايام حياته، ويرجو دائما ان تكون الطريق آمنة ميسرةلا يتعرض فيها لأذى، ولا يعترضه خلال سيره عليها ما ينفص عليه يومه او يهدد امنه او يفسد طمأنينته".