بحث

الأكثر قراءةً

اخر الاخبار

العيناتي يدعي على شركتي ترابة

"خطر وبائي".. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود

حملة توعية لجمعية غدي للتعريف عن الملوثات العضوية الثابتة وأخطارها

دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟

الصحة العالمية تتخوف من تفشي إنفلونزا الطيور بين البشر.. "أخطر من كوفيد 19"

اكتشاف كائنات جديدة وانكشاف النوع الإنساني

Ghadi news

Friday, January 13, 2012

أعلن نهاية السنة الماضية، 2011، عن اكتشاف أكثر من 18 ألف نوع جديد وأضيفت الى لائحة الأنواع العالمية التي تضم مليون و900 الف نوع مكتشف ومصنف عالميا، ويؤكد الباحثون المتخصصون والعاملون في تصنيف الكائنات الحية أنهم لن يصبحوا عاطلين عن العمل يوما، كون هناك المزيد من الأنواع المرجح اكتشافها بعد والمقدرة بما بين 8 و30 مليون نوعا، لم يكتشفها العلم بعد!
تذكرنا هذه الاكتشافات الجديدة والمتجددة كل سنة، ولا سيما في السنوات العشر الأخيرة، بتلك التأكيدات التي كانت تطلق في السبعينيات، حيث كان معظم خبراء العالم يؤكدون انهم شاهدوا واكتشفوا وصنفوا كل الكائنات على وجه الأرض! هذه النظرة التي بقيت مسيطرة ولم تتغير إلا في الثمانينيات حيث تقدمت علوم الحشرات مع تقدم التكنولوجيا وطرق التنقيب، لا سيما في الأماكن المظلمة، حيث تعيش ملايين الكائنات من دون ضوء!
ويؤكد الكثير من الباحثين والخبراء في تصنيف الكائنات انهم في سباق دائم مع الزمن ومع أساليب التطور الإنساني، فالكثير من هذه الكائنات قد انقرضت قبل ان يتم اكتشافها وتصنيفها بسبب العمران والمدنية والتنقيب عن المعادن والطاقة وبسبب التلوث الإنساني على أنواعه.
لم يعد السؤال اليوم كيف يمكن للعلم ان يستفيد من هذه النتائج؟ إذ أصبحت العلوم أسيرة مراكز الأبحاث الكبيرة. كما أصبحت هذه المراكز أسيرة من يمولها. كما أصبحت مصادر التمويل الأكبر من حصة الشركات التي تبغي الاستثمار والربح وليس من حصة الدول او دافعي الضرائب في العالم.
لعل السؤال الأكثر واقعية اليوم هو كيف يمكن للفلسفة البيئية ان تستفيد من هذه النتائج العلمية؟ الاستنتاج الأول الذي يعتبر لمصلحة الفلسفة في المطلق، هو ان ما من علم يستطيع ان يضع نهاية للعلم. وما من معرفة يمكن ان تكون مكتملة، وان علينا ان نتواضع كثيرا عندما نتحدث عن العلم والاكتشافات، تطبيقا لمقولة: "وقل لمن يدعي في العلم معرفة، عرفت شيئا وغابت عنك أشياء".
مع هذه النتائج، يمكن لفلسفة البيئة ان تتابع مشروعها الفكري في الدفاع عن حق كل الكائنات بالوجود، بغض النظر عن معرفتنا فيها وبوجودها... وبغض النظر عن حاجتنا لها وعن تقييمنا لأهميتها. فاذا كان الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعقل ويقيّم، كما تدعي الفلسفات الإنسانية، فعلينا ربما ان نعود الى الأصل العربي لكلمة عقل وقيم، وليس الى الاستخدامات الغربية لها. فالعقل الغربي ادعى طويلا انه مصدر المعرفة وان بإمكانه ان يبتدع الحقائق وان يعقلها بشكل مستقل عن أي تأثير خارج عنه. اما الفهم الأصلي لكلمة عقل بالعربية، فيفيد دور الرابط وليس دور المبدع. فعقل في العربية تعني ربط، مما يوحي ان دور العقل هو في الربط بين الظواهر والأنواع واستنتاج ما يمكن استنتاجه وليس الادعاء بإمكانية دمج الأنواع او التضحية ببعضها من اجل البعض الآخر والتفضيل والتحميل والاستثمار والإلغاء والتسخير... الى ما هناك من استخدامات استبدادية ومتعالية... يضربها الغرور الإنساني المعتد بنوعيته.
ولعل التعمق اكثر بدراسة الكائنات ومحاولة تصنيفها، ستظهر لنا يوما، ان لكل كائن حيثيته في الوجود. ولكل دوره في شبكة الحياة الموصولة بعضها ببعض. وان الأهمية والقيمة للكائن هي في وجوده اولا وفي اتصاله وترابطه مع غيره من الكائنات ثانيا وفي دوره في سلسلة الوجود ثالثا. وان لكل من الكائنات لغتها حتى لو لم نفهمها. وان جهلنا بها هو الذي يقتلها أيضا، تماما كما يفعل علمنا وتقدمنا كما ادعينا طويلا. وان التمسك بالفكر المحافظ، الذي يريد ان يحفظ لكل الكائنات حقوقها في الوجود، هو الخيار الأقرب الى الفلسفة البيئية التي يمكن ان تنقذ كوكب الارض من الكوارث البيئية المنتظرة، وهو الخيار الأبعد عن فلسفة التقدم التي تقوم على القهر والغلبة والتسلط والدوس وزهق الكثير من الأرواح وإبادة الكثير من الأنواع من اجل تلبية حاجات مبالغ بها وغير ضرورية لوجود وبقاء احد الأنواع، او نوع واحد من أصل أكثر من 30 مليون نوع، هو "النوع الإنساني!".
فهل يمكن لهذا الموضوع ان يشكل مادة تأمل للمتحمسين اليوم في لبنان لفكرة للتنقيب عن النفط والغاز، مع ما يعني التنقيب والاستخراج والتصفية والنقل والاستخدام... من تدمير للكثير من الكائنات التي نعرفها وتلك التي نجهلها؟
لنتخيل المنقب عن النفط او الغاز، كيف لا يتردد في تدمير الكثير من الكائنات الحية وفي قدح القشرة الأرضية للوصول الى مبتغاه. لنتخيل هذا المنقب كمن يقدح جمجمة الرأس للوصول الى الدماغ. لنتخيل كائنات أخرى تنقر في جماجمنا للوصول الى أدمغتنا، لمجرد أنها اكتشفت انها لذيذة وأنها أهم وأثمن شيء عندها (وعندنا)، وان هذه الأدمغة باتت حاجة لهذه الكائنات وقد أدمنت على تناولها كمازة في حفلات سكرها الصاخبة...!
الا نصاب بالجنون؟

*رئيس "حزب البيئة اللبناني"
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن