فلسطينية تكسر احتكار الرجال لمهنة النجارة في غزة

Ghadi news

Wednesday, August 31, 2011

قد يبدو المشهد عاديا في اي ورشة للنجارة في قطاع غزة، لو لم تكن الايدي التي تمسك بالمنشار الكهربائي لتقطع الخشب وتحوله الى لوحات فنية تنطق باشكالها والوانها، هي لسيدة فلسطينية تدعى آمال ابو رقيق من مخيم النصيرات للاجئين بوسط قطاع غزة، لتكون بذلك اول سيدة تعمل في مهنة النجارة في القطاع الساحلي المحاصر.
آمال، وهي على مشارف العقد الرابع من عمرها، تقول إنها تشعر بانها في بيتها وهي تتحرك حول مائدة كبيرة توزعت عليها اجهزة كهربائية لقطع الخشب وتنعيم اطرافه وطلائه.
تتنقل بسرعة وهي ترتدي بزتها السوداء في اركان ورشة النجارة التابعة لمركز تمكين المرأة والمجتمع في مخيم النصيرات للاجئين، في المنطقة الوسطى لقطاع غزة، لا يضايقها حجابها الاسلامي رغم الحر الشديد الذي تعيشه غزة في هذه الايام.
عندما زرتها في ورشتها داخل المركز، كانت تقوم بوضع لمساتها النهائية على ثلاث طاولات صغيرة (توضع عادة في اركان غرف الضيافة في المنزل) تحمل نقوشا خشبية بارزة بدت كتحف فنية تشبه فن "الارابيسك"، وكانت تنقلها بعناية لمكان مستقل حتى تجف.
وقالت: "هذه القطع ستشارك في معرض يشرف عليه المركز وآمل أن اتمكن من بيعها بسعر جيد فهي طريقتي في كسب العيش بعد ان ادفع للمركز نسبة من الاموال نظير عملي في هذه الورشة."
وتواجه آمال ابو رقيق، تحديات صعبة في ظل انعدام مصادر الدخل بالنسبة لها، فهي سيدة مطلقة وتعيل ابنتها الوحيدة وهي في الرابعة عشر من عمرها وتعاني من اعاقة جسدية.
الحل بالنسبة لها كما تقول هو بأن تسعى لتصنيع ما تيسر من قطع فنية خشبية لتعرضها للبيع، وتقول: "لم اتخيل انني سأصبح في يوم من الايام قادرة على صنع اي شيء او ان اتمكن من اتقان اي حرفة عدا صنع الطعام."
وتضيف "عندما تركني زوجي ولم يلتفت لي ولا لابنته قررت ان اعتمد على نفسي وانخرطت في دورات في هذا المركز كان يمولها برنامج الامم المتحدة الانمائيUNDP، في عام 1995 ومنذ ذلك الحين وحتى الان لم اتوقف واستمر تركيزي على تعلم فنون هذه الحرفة، ولكن المشكلة في المجتمع."
وتشكو امال من صعوبة تفهم المجتمع المحافظ في قطاع غزة، لحاجات المرأة التي انفصلت عن زوجها، وتقول "إن عائلتها التي تنحدر من اصول بدوية لا توافق على استمراري في العمل وتركي لبيتي وابنتي لساعات طويلة، ويسألونني دائما الى اين تذهبين ومتى تعودين وماذا فعلت وبمن التقيت..؟".
كما تشكو من تجاهل مؤسسات رعاية المعاقين لحالة ابنتها، لكنها تؤكد ان كل ما تواجهه من صعوبات وعقبات تمثل بالنسبة لها تحديا في الاستمرار وفي اثبات قدرتها على ان تعيش مستقلة وليس تحت جناح رجل، بل وقدرتها على منافسته حتى في المهن التي كانت الى وقت قريب حكرا على معشر الرجال كمهنة النجارة هذه.
والمركز الذي تعمل من خلاله آمال واحد من عشرات المراكز المنتشرة في قطاع غزة والتي تسعى الى تمكين النساء من الاعتماد على انفسهن من خلال تأهيلهن ليصبحن سيدات فعلات في المجتمع.
وتقول صباح ياسين احدى المشرفات على المركز، لـــ "بي بي سي"، ان مركزها يحاول توفير فرص لتدريب النساء المنفصلات أو اللوات فقدن معيلهن في كسب مهرات في صنع الحلويات او غزل المنسوجات او رعاية الاطفال للعمل ضمن مؤسسات رياض الاطفال.
وتقول ان المشكلة هي في ضعف امكانيات هذا المركز قلة الدعم الذي يحصل عليه منذ ان فرض الحصار ومنذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في عام 2007، الأمر الذي جعل المركز يقلص لكثير من برامج التدريب ويعتمد بشكل اساسي على تنظيم معارض لمنتجاته التي تقوم المتدربات فيه بصنعها، مشيرة الى ان منتجات آمال ابو رقيق تحظى باعجاب كثير من الزبائن لكنها لا تكاد تكفي لاعالتها واسرتها، مبدية اعجابها باصرار امال على الاستمرار في هذا العمل وفي هذه المهنة رغم صعوبة ظروفها والتحديات التي تواجهها في ظل المجتمع الذكوري المحافظ.

تحقيق – "بي بي سي"
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن