فساد الأدوية أم فساد السلطة؟!

Ghadi news

Friday, August 4, 2017

فساد الأدوية أم فساد السلطة؟!

"غدي نيوز"

 

أنور عقل ضو -

كنا نتمنى أن نزف للبنانيين بشرى سارة عن تنظيم ملف الدواء في لبنان، بعيدا من الاحتكار لصالح من يتحكمون بحياة المواطنين من أصحاب شركات يمثلون سلطة متوارية خلف نافذين في الدولة، بدليل أن لبنان لم يتمكن منذ عقود من استحداث المكتب الوطني للدواء، المفترض أن يكون منوطا به هذا الملف، لأسباب غير منفصلة عن الفساد وتحكم قلة من المحكترين بمصير الناس، عبر حلقة من المستفيدين ليس من التجارة المافيوية لشركات بعينها فحسب، وإنما من بعض الأطباء والمستشفيات والصيدليات.

لكن يبدو أن الفساد بات جزءا من يومياتنا، وفي مختلف القطاعات، ولم يصحُ المواطن بعد من وقع الفضيحة التي اكتشفت بعد ثماني سنوات، وليس ثمة من يعلم لماذ تحرك رئيس الهيئة العليا للتأديب مروان عبود الآن وبعد كل هذه السنوات، لعزل رئيسة قسم الصيدلة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، الصيدلانية منى بعلبكي، بعد الكشف عن جرائم ارتكبتها تسببت بوفاة مرضى سرطان، بينهم أطفال حيث كانت تستبدل الادوية الخاصة من وزارة الصحة بأدوية منتهية الصلاحية، وتعمد الى بيع الادوية الصالحة لتحقيق أرباح مالية هائلة.

علما ان التحقيقات التي اقتصرت على الجانب الإداري، استغرقت 8 سنوات، ليصدر قرار بعزل المتهمة من الوظيفة العامة، وقد بقيت في وظيفتها مدة خمس سنوات متتالية، رغم إحالة ملفها الى التفتيش المركزي والنيابة العامة التمييزية، وهي التي استقالت منذ سنتين فقط، وغادرت البلد دون ان يتحرك القضاء ويوقفها!

منى البعلبكي ليست المتهمة الوحيدة في جريمة إنسانية يندى لها الجبين، إذ ثمة من ساعد وسهل وحمى البعلبكي، وثمة من أمن هروبها من الضالعين معها بعد اكتشاف جريمتها وإحالة ملفها على التفتيش المركزي والقضاء.

لن نقبل بإجراءات إلغاء إذن مزاولتها مهنة الصيدلة من قبل الهيئة العليا للتأديب تحت رقم 8/2017 وشطبها من الجدول، بتهمة الاستيلاء على كمية كبيرة من الأدوية السرطانية الموجودة في المستشفى، والمقدمة من وزارة الصحة العامة، وبيعها واستيفاء ثمنها بمئات ملايين الليرات لمصلحتها الشخصية، واستبدالها بأدوية أخرى غير فعالة وفاسدة ومنتهية الصلاحية، وإعطائها لعدد كبير من المرضى المصابين بالسرطان، ومعظمهم من النساء والأطفال، ما حرمهم فرص الشفاء، وإنما المطلوب إصدار مذكرة جلب بحقها حتى لو "طارت إلى المريخ"، ووضع هذه الجريمة - في حال تعذر جلبها ومقاضاتها - برسم الهيئات الصحية والقانونية الدولية.

ويعود الفضل في كشف هذه الجريمة الى النائب النائب السابق الدكتور إسماعيل سكرية عام 2008، الذي كشف تورط أحد الأطباء في مستشفى رفيق الحريري الحكومي بعمليات غش وتزوير أدوية سرطانية، في عهد الوزير محمد جواد خليفة، وكان مدير المستشفى حينها الدكتور وسيم الوزان.

وقد اعترفت بعلبكي خلال التحقيق انها استبدلت الأدوية السرطانية المرتفعة الثمن، بأخرى مجانية من وزارة الصحة لمعالجة مرضى السرطان، أو بأدوية منتهية الصلاحية وفاسدة ومزورة، بعضها يعود إلى هبات حرب تموز (يوليو)، وبعضها مصدره الهند، أو أخرى غير مسجلة في وزارة الصحة.

واعترفت بأنها كانت تعطي علب الدواء الأصلية لمستشار في مكتب الوزير (ع.خ)، لتباع كل علبة بنحو 5 إلى 6 ملايين ليرة لبنانية. وقد باعت نحو 150 علبة خلال سنة واحدة فقط، بحسب التحقيق الذي كشفت تفاصيله الهيئة العليا للتأديب.

وكشف تورط نحو 20 موظفاً في المستشفى، من ضمنهم الطبيب المتخصص في الأمراض السرطانية (ر.ج)، وموظفون في وزارة الصحة.

وكي لا تنام هذه القضية في الأدراج، ما نزال متمسكين ببعض الأمل، فهذه الواقعة يجب أن تشكل مدخلا لمواجهة الفساد في قطاعي الدواء والاستشفاء، ونعرف أن ثمة "رؤوسا كبيرة" متورطة، وإلا على الدولة السلام!

 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن