"غدي نيوز"
*فادي غانم
لا يمكن إلا وأن نقرأ بكثير من التمعن والإنتباه ما تناولته كلمة قداسة البابا فرنسيس في الاحتفال بمناسبة "يوم الأغذية العالمي" في مقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وما تضمنته من مواقف واضحة وصريحة حيال ما نواجه كبشر من تحديات، ربما هي الأخطر في تاريخنا الإنساني، خصوصا في ما يتعلق بقضيتين كونيتين، هما: الفقر وتغير المناخ.
لم يخاطب البابا فرنسيس جمهور المؤمنين فحسب، وإنما خاطب الإنسان فينا، بعيدا من معتقداتنا، ليؤكد أن البشرية في مركب واحد، إن غرق فلن يكتب لأحد النجاة، أنى كان لونه وعرقه ومعتقده وجنسه، موحدا العالم حول عدوين واضحين الفقر وتغير المناخ، خصوصا وأن كليهما غير منفصلين.
لقد آثر رأس الكنيسة الكاثوليكية أن يحدد عدوا يتهددنا جميعا، في رسالة ضمنية مفادها أن عداءنا على الأرض سيفقدنا جوهر الحياة، وسنخسر جميعا الكوكب الذي يحتضننا، أي "بيتنا" الكبير المشترك.
وكان قداسة البابا واضحا في دعوته "الحكومات حول العالم إلى التعاون لجعل الهجرة خياراً طوعياً وأكثر أمناً"، مشيراً إلى أن "تحقيق الأمن الغذائي للجميع يتطلب مواجهة التغيّر المناخي وإنهاء النزاعات".
وقد رسم ملامح واضحة لخارطة طريق إنسانية في قوله "من الواضح أن الحروب والتغيّر المناخي يتسببان بالجوع، لذلك دعونا لا ننظر إلى مسألة الجوع وكأنها مرض غير قابل للشفاء".
والأهم في هذا السياق دعوته "الالتزام الكامل بنزع السلاح بشكل تدريجي ومنتظم"، فيما حثنا على "تغيير أساليب الحياة وطرق استخدام الموارد وإنتاج واستهلاك الغذاء من أجل حماية كوكب الأرض".
وأكد البابا فرنسيس على أن "إدارة حركة البشر تتطلب عملاً منسقاً وممنهجاً بين الحكومات ينسجم مع المعايير الدولية السارية، كما يتطلب المحبة الكاملة والذكاء"، وأضاف: "إن مصداقية النظام الدولي برمته على المحك"، وأعرب البابا عن أسفه لأن "بعض" الدول خرجت من اتفاقية باريس حول تغير المناخ، في انتقاد واضح وصريح لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لقد حدد قداسته رؤية استشرافية لغد، محذرا مما ينتظرنا من كوارث إذا لم ننصت جيدا إلى صوت الإله فينا، ودعوته الدائمة لتغليب قيم الخير والمحبة والمساواة!
*رئيس "جمعية غدي"