عن الأمير محمد بن سلمان... ومستقبل السعودية

Ghadi news

Monday, November 13, 2017

عن الأمير محمد بن سلمان... ومستقبل السعودية

"غدي نيوز" - أنور عقل ضو -

 

قبل نحو ست سنوات، كنت في عداد وفد اقتصادي في المملكة العربية السعودية، وقتها أكثر ما لفت انتباهي ما قاله رجل أعمال سعودي في لقاء في مكتبه في العاصمة الرياض، عندما أبدى هواجس حيال من سيتولى موقع السلطة الأولى في المملكة، في إشارة إلى من سيخلف أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود من الأحفاد، لا بل قال صراحة "لا نريد أن يصل إلى السلطة أمراء من رجال الأعمال"، بمعنى أن المملكة تنتظر أميرا يمثل نموذجا لرجل الدولة، بإمكانه قيادة سفينة البلاد إلى ما يحقق مسيرة ازدهارها  وتطورها.

ما قاله رجل الأعمال السعودي هو بالتأكيد يستحضر منذ ذلك التاريخ أسئلة حول مستقبل المملكة، في مرحلة جديدة لم تكن حتى الأمس القريب واضحة، حتى أن أسماء العديد من الأحفاد تم تداولها، وفقا لآليات تنظيم انتقال السلطة الملكية والأعراف المتبعة على مستوى العائلة الحاكمة.

اليوم بدت تتضح معالم مرحلة جديدة، بعد أن بات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرجل الأكثر نفوذا في المملكة، مع توقعات تداولتها مصادر مطلعة عن إمكانية تنحي الملك سلمان لصالح نجله.

لا نتطلع إلى الحدث السعودي من زاوية سياسية وسط ما نشهد من صراعات في المنطقة، فهذا شأن آخر على كثير من التعقيد، فيما نشهد من صراع نفوذ بين القوى الدولية والإقليمية بدءا من اليمن مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى الدول المعنية بالصراع بحكم موقعها الجغرافي الذي يبقيها في عين العاصفة، ومن بينها على وجه الخصوص لبنان.

ما يهما في هذا المجال، يتلخص بسؤال: هل سيتمكن الأمير الشاب (32 عاما) من تكريس الاستقرار السياسي والاقتصادي في المملكة؟

إن الإجراءات التي اتخذها ولي العهد مع إطلاق حملة مكافحة الفساد تشكل خطوة أساسية، لا بل تعتبر مدخلا ضروريا نحو الإصلاح وتكريس محددات جديدة لتطور المملكة، بما يمكنها من طرق أبواب الحداثة بعيدا من الصورة النمطية التي حكمت السعودية منذ نشوئها، أي الدولة الثيولوجية (الدينية) المنغلقة، غير القادرة على "عصرنة" الدين وفقا لآليات تتيح إمكانية تصالح الماضي مع الحاضر والمستقبل، وهذا أمر متاح انطلاقا من الموروث الديني في جانبه الأكثر إشراقا، أي الجانب النقيض للفكر التكفيري، الذي أول ما أصاب المملكة (القاعدة وتفجيرات الرياض)، وإن رعته ردحا من الزمن إبان الأزمة الأفغانية والصراع ضد الاتحاد السوفياتي، وبمباركة أميركية وقتذاك، قبل أن يتفلت "الوحش" من عقاله وينقض على الولايات المتحدة ذاتها والمملكة وسائر الأقطار العربية.

أمام الأمير محمد أكثر من تحد، من الفساد إلى الإرهاب إلى أزمة المنطقة، فضلا عن تحقيق إصلاحات بنيوية في السياسة والاقتصاد، وإن كان ثمة خوف من اندفاعة غير محسوبة، تتيح لـ "الحرس القديم" فرصة الانقضاض على الإصلاحات، ودخول المملكة في المجهول، خصوصا وأن ما نتطلع إليه يتمثل في ولوج السعودية حقبة جديدة في تاريخها، يمثل ولي العهد أهم ركائزها وعنوانها الأبرز.

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن